محمد عبد الرؤوف يكتب: هل هي قافلة الحصاد أم بذور الفوضى؟ تحت وطأة نيران إسرائيل.

محمد عبد الرؤوف يكتب: هل هي قافلة الحصاد أم بذور الفوضى؟ تحت وطأة نيران إسرائيل.

في لحظات التحوّل الكبرى تُختبر الشعوب وتظهر معادنها الحقيقية .. واليوم مصر تقف في عين العاصفة تحيط بها نيران مشتعلة من كل اتجاه .. من الشرق حربٌ مفتوحة بين إسرائيل وإيران .. ومن الغرب تحرّكات مشبوهة تحت غطاء المساعدات وقافلة تُدعى “الحصاد” تنطلق من تونس إلى غزة قد تحمل في طياتها أكثر من مجرد الغذاء والدواء.

أيها المصريين .. الحرب اليوم ليست حرب صواريخ فقط .. بل حرب وعي ومصير.

ما يحدث في المنطقة اليوم ليس مجرد تصعيد عسكري .. بل إعادة تشكيل لخريطة الشرق الأوسط .. وكل تغيير كبير على حدودنا يقابله ضغط أكبر في داخلنا .. اقتصاد يئن تحت أعباء عالم مشتعل .. وشعبٌ مثقل بأحلام البقاء والكرامة.

ورغم كل ذلك .. يبقى السؤال .. 
هل نملك ترف الخلاف والفرقة بينما تتكالب الأزمات على وطننا؟
هل يُعقل أن نُستهلك في صراعات داخلية بينما المخطط الأكبر يسير بثبات نحو اختراقنا من أضعف نقاطنا ؟

“قافلة الحصاد”… أم بذور الفوضى؟ بعض القوافل لا تأتي لإنقاذ الشعوب .. بل لاختبار حدودها .. القافلة التي تنطلق من تونس نحو غزة — تحت مسمى “الحصاد” — تثير الريبة لا بسبب وجهتها بل بسبب التوقيت .. والداعمين والنية خلفها .. 
مصر لم ولن تقف ضد الإغاثة .. لكنها لن تقبل أبدًا أن تكون بوابتها الجنوبية ساحة عبور لأجندات مريبة .

مصر تُستهدف مجددًا .. ولكن من الداخل هذه المرة .. في الوقت الذي توجه فيه أنظار العالم نحو التصعيد في فلسطين ولبنان وايران وسوريا .. يُراد لمصر أن تُنزف بصمت ما بين  فتنة اقتصادية تضرب جيب المواطن البسيط وحرب شائعات وإعلام موجه يسعى لتأليب الرأي العام ومحاولات خبيثة لتصوير الدولة وكأنها عاجزة والشعب وكأنه وحده.

ولكن التاريخ القريب يذكّرنا .. مصر مرت بما هو أصعب ونهضت لأن شعبها لم ينكسر .. لأنها كانت — وستظل — أمة لا تموت ما دام فيها من يتمسك بها .

هذه لحظة العمل .. لا لحظة الفرجة .. والتغيير الحقيقي لا يُصنع في المقاهي أو على وسائل التواصل بل في وعي كل مواطن يرفض أن يكون أداة في يد الخارج .
مصر تحتاج إلي ضمير كل إعلامي يختار أن يوقظ العقول بدلًا من تهييج العواطف . 
مصر تحتاج إلي سواعد كل عامل وكل جندي وكل مزارع وكل طبيب وكل شاب يحلم ويبني .

مصر لن تُؤخذ من خارج حدودها .. لكن قد تُخترق إذا تهاونا.

هذا المقال ليس جرس إنذار فقط .. بل دعوة للاستفاقة .. مصر بحاجة إلينا جميعًا .. لا من أجل الحكومة أو السلطة .. بل من أجل الوطن الذي لا وطن لنا سواه . 
فليكن الخلاف مؤجَّلاً .. والتراشق مؤجَّلاً .. والمصير أوّلًا .

وأخيراً .. إذا اشتدّت العاصفة… تماسكوا ولا تسمحوا لهم أن يجعلوا من أزمتنا الاقتصادية منصةً لتمزيق وحدتنا .. ولا تجعلوا من خلافاتنا السياسية بوابةً لاختراق أمننا الوطني .. 
ولا تصدقوا أن مصر تنهار .. مصر فقط تستنفر طاقات شعبها في لحظة مصيرية .. فلنثبت كما ثبتنا في الماضي .. ولنتكاتف كما فعلنا دائمًا .. 
ففي هذا التماسك يكمن الخلاص .. وفي وحدتنا تبقى مصر وتصمد . 
حفظ الله مصر قيادةً وشعباً .