هل من الممكن تفعيل خطة طوارئ تتضمن تقليص ساعات العمل؟

في ظل التحديات العالمية والمحلية المتعلقة بالطاقة، بعد نشوب الحرب في إقليم الشرق الأوسط بين إيران وإسرائيل ، عاد التساؤل إلى الواجهة حول إمكانية تقليص ساعات العمل داخل وزارة البترول والهيئات والشركات التابعة لها، كإجراء احترازي يهدف إلى ترشيد الاستهلاك.
ويستند هذا التساؤل إلى تجربة سابقة ناجحة نفذتها الدولة خلال جائحة كورونا عام 2020، حين تم تقليص ساعات العمل وإتاحة العمل لبعض الموظفين من منازلهم، مما ساهم حينها في خفض الضغط على المرافق الحيوية والموارد العامة، ومنها الكهرباء والوقود.
حيث تشهد مصر، مثل باقي دول العالم، ضغوطًا متزايدة على منظومة الطاقة، سواء نتيجة لارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، أو بسبب المتغيرات الإقليمية التي تؤثر على سلاسل الإمداد العالمية. ولعل أزمة الكهرباء خلال صيف 2023 – وما تبعها من قرارات لترشيد استهلاك الكهرباء في المباني الحكومية والتجارية – لا تزال حاضرة في الأذهان.
وبالنظر إلى ما تقوم به وزارة البترول من دور محوري في تأمين إمدادات الوقود والغاز، فإنها تقف في الخط الأمامي أمام هذه التحديات، وبالتالي فإن قراراتها وإجراءاتها ترسم ملامح الاستجابة الوطنية لأي أزمة طاقة محتملة.
وخلال أزمة كورونا، أظهرت وزارة البترول مرونة كبيرة في إدارة الموارد البشرية من خلال تنظيم العمل بالتناوب بين الموظفين، وتقليل كثافة الحضور داخل المنشآت، بل وتفعيل منظومة العمل عن بعد لبعض القطاعات الإدارية، دون أن يتأثر سير العمل أو إنتاجية الشركات. وقد أثبتت هذه التجربة أن بعض المهام الإدارية والروتينية يمكن أداؤها بكفاءة من خارج مقار العمل، وهو ما فتح الباب أمام التفكير في اعتماد هذا النموذج بصورة موسعة في حالات الطوارئ أو الترشيد.
وحتى الآن، لم تصدر الوزارة أي قرار رسمي بتقليص ساعات العمل أو العمل من المنزل لأسباب تتعلق بترشيد الطاقة، لكن المصادر تشير إلى وجود مناقشات داخلية وتقييم دقيق للموقف، خاصة مع تزايد معدلات استهلاك الكهرباء والغاز في أشهر الصيف، ووجود توجه عام من الدولة لإحكام إدارة الموارد.
وفي حال تم اتخاذ قرار في هذا الاتجاه، فمن المرجح أن يشمل:
•تقليص ساعات العمل الرسمية لموظفي الوزارة والهيئات الإدارية.
•السماح بالعمل من المنزل لبعض الفئات مثل موظفي الشؤون القانونية، الموارد البشرية، العلاقات العامة، وغيرهما .
•تطبيق نظام التناوب بين الموظفين لتقليل كثافة التواجد في المقار.
•إغلاق أجهزة التكييف والإنارة بعد أوقات محددة في المباني الإدارية.
الحديث عن تقليص ساعات العمل داخل وزارة البترول كإجراء لترشيد الطاقة ليس مستبعدًا، بل هو خيار مطروح ضمن حزمة أدوات إدارة الأزمات. ومع وجود تجارب سابقة ناجحة، ودراسات حول كفاءة العمل عن بعد، فإن الأمر يتوقف على تقييم دقيق للظروف واحتياجات القطاع.
المرحلة القادمة تتطلب توازناً دقيقاً بين الحفاظ على استمرارية العمل في قطاع حيوي مثل البترول، وبين دعم التوجه العام نحو ترشيد الطاقة وحماية الموارد الوطنية. وإذا ما تم اتخاذ مثل هذا القرار، فسيكون بلا شك جزءًا من رؤية أشمل لإدارة الطاقة في مصر بكفاءة واستدامة .
المستقبل البترولي