مجرد وجهة نظر… الهيئة ودورها المفقود

مجرد وجهة نظر… الهيئة ودورها المفقود

أصعب ما في هذه الحياة أن يطويك النسيان بعد عز، وأن تذبل بعد ريعان. ربما هي من سنن الحياة لكل حي، ولكن حين تنسحب هذه الحكمة على الكيانات المؤسسية التي يفترض بها أن تزداد قوة بمرور الزمن، فإن الأمر يدعو للأسى والألم.

لا شك أن الهيئة المصرية العامة للبترول كانت ولا تزال إحدى الدعائم التاريخية لقطاع البترول، ولا جدال في دورها الفاعل في إدارة شؤون هذا القطاع لعقود طويلة. ويظل نشاط الهيئة وتفاعلها مع المتغيرات والأحداث هو عنوان شبابها وقوتها، أما انزواؤها وخفوت دورها فهو مؤشر على تراجعها عن مواكبة الواقع وفقدانها لزمام التأثير ، ونأمل من الله أن لا تنزوي أبدا، فهي الرمز الذي سيظل قائماً شامخاً على الدوام .

ومخطئ من يظن أن هذا الحديث موجّه إلى نقد قيادة بعينها؛ فشخصنة الأمور أمر لا طائل منه، وهي من أسهل المسارات وأكثرها سطحية. حديثنا يتجاوز الأشخاص ليغوص في عمق المسألة: أين دور الهيئة الحقيقي؟

حين نفتش عن هذا الدور، فإننا لا نمارس جلد الذات، بل نحاول استشراف مستقبل غير واضح المعالم، ونذكّر بأن صناعة المستقبل مسؤولية كل من يتولّى القيادة اليوم، ليتمكن من تسليم الهيئة لجيل جديد وهي قوية، صحيحة، ومتعافية.

لا يصح أن تنتهي الهيئة إلى مجرد “صندوق وظيفي” كبير، يكتفي فيه العشرات بتسيير الأوراق والتوقيع على آلاف المحررات الروتينية.
لم نرَ حتى الآن مركزًا علميًا أو بحثيًا حديثًا يتبع الهيئة، يُعنى بتطوير الصناعة في فروعها كافة، ويرتقي بكفاءة وخبرة شبابها.

اختفت دوريات السلامة والصيانة، التي كان يجب أن تصدر عنها دوريًا لمواجهة أوجه القصور، وتسليط الضوء على كل جديد في هذه العلوم الحيوية.وغابت الاهتمامات الفعلية بأبحاث الصيانة والمشروعات الجديدة، وتراجع الحماس لإنشاء مركز تحكم تقني حديث يُمكنه التدخل السريع في إدارة الأزمات والحوادث، بقيادة ميدانية فاعلة.

انشغل الجميع بدولاب إداري يومي لا ينتهي، واجتماعات مطوّلة، وتفاصيل روتينية تقيّد الأيدي وتُعقّد المسارات، فتسير القوة العاملة على نهج يغلب عليه السعي لدرء المسؤولية، لا لاقتناص المبادرة.

ابحثوا عن الدور الغائب لهذا الصرح الكبير. لأن الهيئة أكبر بكثير من أن تُختزل في هيكل إداري وظيفي، وأعظم من أن تُقيّد بشخوص أو قيادات. فهيبة الهيئة وتاريخها وجذورها العميقة تمنحها الحق في أن تتبوأ الريادة الاقتصادية والعلمية، لا على مستوى قطاع البترول فقط، بل على مستوى الدولة بأكملها.

إنها رسالة حب، لا نقد أو توبيخ.
رسالة مخلصة، غايتها التذكير لا التهجم، والتنبيه لا الإدانة.وأعلم أن المهندس صلاح عبدالكريم رئيس الهيئة ومعه السيدة أمل طنطاوي نائب المالية، ومعه القيادات ، قادرون على هذا ، ويستطيعون دراسة ما نقول وتنفيذه أن وجدوه يصب فى المصلحة العامة ،،،والسلام،

#سقراط