رئاسة الهيئة: حدود ممنوعة (تقرير)

رئاسة الهيئة: حدود ممنوعة (تقرير)

أفردنا حديثًا مطولًا عن قوة إحدى شركاتنا الكبرى، وما يمثله رئيسها كأحد عناصر تلك القوة، مؤكدين ضرورة أن يكون على مستوى يليق باسم هذه المؤسسة العريقة. لم يكن حديثنا تأييدًا لشخص أو مديحًا لقيادة بعينها، بل كان تقديرًا وتعظيمًا لكيان كبير، نرى أن قوة رئيسه هي امتداد لقوته، أيًا كان اسمه.

وعندما نتحدث عن الهيئة المصرية العامة للبترول، علينا أن نتريث كثيرًا، وندرك أننا بصدد الحديث عن أحد أعمدة الدولة المصرية الاقتصادية، وعن كيان وطني استراتيجي، لا يجوز اختزاله في موقف أو فرد أو حدث.

الهيئة كيان عظيم، لا جدال عليه، ولا مجال لاجتهاد في مكانته. وإن كان الحديث عن غياب دورها قد فُهم لدى البعض على أنه تقليل من شأنها، فالحقيقة أن ما نهدف إليه هو إبراز قدراتها الكبيرة، وقدرتها على القيام بأدوار مرحلية أكثر تعقيدًا وتأثيرًا، في زمن باتت فيه الدولة كلها تتطلع إليها في كل صباح، انتظارًا لما يصدر عنها من قرارات تمس حياة كل مواطن مصري، من أعلى مستويات التخطيط الاستراتيجي وحتى أبسط متطلبات المواطن في الشارع.

هيئة بهذا الحجم يجب أن تكون رئاستها مدعومة فنيًا، وإداريًا، ومعنويًا، من عدة جهات، على رأسها الجهاز التنفيذي للهيئة نفسها، وقيادات وزارة البترول، وقيادات الشركات التابعة، بل والقطاع البترولي بأكمله.

رئاسة الهيئة ورئيسها، بالفعل، خط أحمر لكل عابث أو هاوٍ، سواء في الإعلام أو في أي مجال آخر. فالكلمات التي تُكتب في هذا السياق، يجب أن تكون محسوبة، لأن لكل كلمة وزنًا واتجاهًا ومعنى، وإلا أصبحت عبثًا مبتذلًا لا قيمة له. ولا يمكن لأي ناقد أو متابع للشأن البترولي أن يصدر أحكامًا أو يوجه انتقادات دون الاطلاع على الصورة الكاملة من كافة جوانبها، فهنا تكمن الخطورة، لأن أغلب الأحاديث المتداولة تصدر من اتجاه واحد فقط.

وهنا نصل إلى النقطة الأخطر، وهي أن هذا الحجم الهائل من المسئولية يتطلب نوعية خاصة من النواب والمساعدين والمعاونين، ممن يدركون جيدًا خطورة حجم الكيان الذي يعملون فيه، ويستوعبون بدقة توجهات وأفكار من يتولى القيادة، حتى تسير الجهود في اتجاه واحد واضح.

الفرصة ما زالت سانحة أمام القيادة الحالية للهيئة لإحداث تغيير واسع في نسيج الصف الثاني من القيادات، وهم القاعدة الصلبة الحقيقية لأي تطوير، خاصة ونحن مقبلون على عامين سيشهدان خروج عدد كبير من “عواجيز الفرح” في بعض الشركات، ممن اكتفوا بالنقد والهمز واللمز، وتركوا الأعمال تسير بلا بوصلة واضحة.

حديثنا اليوم هو بداية لرسم الخطوط الحمراء في هذا القطاع، ليس من باب التقديس أو المحاباة، بل من باب الإدراك العميق للمصالح الوطنية العليا، التي تعلو فوق الأفراد والمصالح والأهواء.

المستقبل البترولي