تحليل: أغاني على ميكروفون الطوارئ في شركة السويس للبترول

تحليل: أغاني على ميكروفون الطوارئ في شركة السويس للبترول

عادةً ما تسمح أيام الإجازات بتصفح العديد من المقاطع التي توثّق مختلف أوجه النشاط. أحد المقاطع المثيرة أظهر دخول مسؤول سلامة – يبدو أنه التحق حديثًا بالشركة أو تمت ترقيته – إلى موقع الإطفاء في شركة تعمل بمجال التكرير، في مشهد مهيب، على أنغام أغانٍ وطنية تُبث من مكبرات الصوت المخصصة للطوارئ.

المشهد، في حقيقته، يوحي بترتيبات خاصة؛ من طريقة دخول السيارة، ونزوله منها، إلى الاستقبال الحافل المنظَّم، وطاولة الاستقبال التي تشبه طاولات الاجتماعات الرسمية، إضافة إلى زيّ العاملين الموحد والجديد، وأجهزة اللاسلكي في أيديهم.

تذكرت كل هذا وأنا أقارن بما جرى عند استقبال الوزير في رأس شقير، حين لم يُكلّف أحد هناك نفسه حتى بترتيب وقوف مستقبلي الوزير بالشكل البروتوكولي الصحيح.

لسنا ضد الاحتفالات، ولا ضد تقدير القيادات، أو الالتزام بالبروتوكولات في الزيارات والاجتماعات، فكل هذا يعكس رُقيًا إداريًا واجتماعيًا بلا شك.
لكن الملاحظة التي يجب إثارتها هي أن لكل مستوى وظيفي قواعده الخاصة في الاستقبال، من حيث الشكل والمضمون. فلا يُعقل أن تُعامل زيارات مديري عموم العمليات وكأنها زيارات رئاسية، وإلا تحوّلت الأجواء الاحتفالية إلى قاعدة، بينما تكون المتابعة الجادة والاستعداد للعمل استثناءً.

كذلك، فإن المبالغة في الاستقبال والتقدير تُشكل طوقًا حول عنق المسؤول، لا يستطيع الفكاك منه، ولا يمكّنه من التقييم والمحاسبة بحيادية وحرية.

أما استخدام مكبرات الطوارئ لبث الأغاني – حتى وإن كانت وطنية – فهو نوع من العبث في منظومة يُفترض أنها لا تعرف سوى الجدية وجاهزية الاستعداد لأي طارئ.

هناك بالفعل خلل عام في التصرفات، وخلل خاص في إدارة السلامة، خصوصًا أن زيارة الوزير لتقديم واجب العزاء في السائق الشهيد لم تغب بعد عن الأذهان، وهي بحد ذاتها دلالة على وجود خلل ما يشوب أداء تلك الإدارات.

مثل هذه الأحداث ليست مجرد مشاهد عابرة، بل تصلح أن تكون عناوين لموضوعات كبرى داخل العديد من شركاتنا، التي يسعى مسؤولوها دومًا لإخفاء أي تقصير عن الإعلام، وتنفجر غضبًا فور نشر أي خبر عنها، ويبدأ حينها البحث المحموم عن “الخائن” الذي أبلغ، ويتناسى الجميع جوهر القضية: هل الواقعة صحيحة أم لا؟

كل يوم يؤكد أن هناك ما هو أعظم وأخطر، لكن حكمة الله أن الناس لا يجتمعون على ضلال أبدًا. وستظهر الحقيقة عاجلًا أم آجلًا.

وهذه الواقعة مُهدَاة إلى الجيولوجي علاء البطل، والدكتور تامر عايش.وتحية لصفحة البترول 24 والشباب القائم عليها ، والتي استطاعت أن تلفت الإنتباه لما جرى.

المستقبل البترولي

2b4d2b1c-8867-4bd6-8840-66618590465a