«عام كلافي» يركز على الصف الأول: دلالات الاسم وهل سيكون «خامنئي» الهدف المقبل بعد تصفية قادة الحرب؟

في توقيت غير متوقّع، نفّذت إسرائيل عملية عسكرية نوعية قبيل فجر الجمعة، وصفتها مصادر مطلعة بأنها واحدة من أبرز الهجمات وأكثرها دقة في تاريخ الصراعات الإقليمية، وأسفرت العملية التي تمت تحت غطاء كثيف من السرية، عن مقتل شخصيات مركزية في البنية الأمنية والعسكرية الإيرانية، من بينها رئيس أركان القوات المسلحة، وقائد الحرس الثوري، بالإضافة إلى اثنين من كبار علماء البرنامج النووي الإيراني.
كشفت مصادر رسمية إيرانية عن الأسماء التي طالتها الضربة، وهي: اللواء حسين سلامي، قائد الحرس الثوري، والجنرال محمد باقري، رئيس الأركان، إلى جانب نائبه الجنرال خاتم غلام علي رشيد.
كما قُتل العالمان النوويان البارزان، محمد مهدي طهراني وفريدون عباسي، في حين أُصيب علي شمخاني، أحد أقرب مستشاري المرشد الأعلى علي خامنئي، بجروح.
بالنسبة لإسرائيل التي تفاخر الإعلام الرسمي لديها بالضربة المباغتة على إيران، يُعد القضاء على محمد باقري ضربة استراتيجية عميقة؛ فالرجل الذي التحق بالحرس الثوري عام 1980 الذي شهد بداية الحرب مع العراق، كان من أبرز وجوه القيادة العسكرية في إيران.
تولى عام 2016 قيادة الأركان، ولعب دورًا رئيسيًا في التخطيط العملياتي والاستخباري، وشكّل مع قادة آخرين مثل غلام علي رشيد ومحمد علي جعفري، العمود الفقري لإدارة منظومة الدفاع الإيرانية.
عملية «عام كلافي» الإسرائيلية ضد إيران
حسين سلامي الذي قاد الحرس الثوري منذ عام 2019، وُلد بمحافظة أصفهان، خاض الحرب العراقية الإيرانية في بدايات شبابه، وحمل خلفه مزيجًا من الخبرة العسكرية والدراسة الأكاديمية؛ إذ حصل على بكالوريوس في الهندسة الميكانيكية وماجستير في إدارة الأمن.
عُيّن نائبًا لقائد الحرس عام 2009، قبل أن يتولى القيادة الكاملة بعد مقتل سلفه قاسم سليماني.
من بين الأهداف التي طالتها الغارة أيضًا، نائب رئيس الأركان الجنرال غلام علي رشيد، الرجل الذي قاد في السابق تشكيلات بارزة مثل كتيبة «خاتم الأنبياء».
كان «رشيد» شخصية محورية في بلورة الردود العسكرية الإيرانية خلال النزاعات، وسبق له التهديد بضرب المواقع النووية والعسكرية الإسرائيلية في حال اندلاع مواجهة شاملة.
يُعدّ العالم محمد مهدي طهراني، الذي شغل سابقًا منصب رئيس جامعة آزاد الإسلامية وكان أستاذًا مرموقًا في الفيزياء الذرية، واحدًا من أبرز المهندسين الأكاديميين للبرنامج النووي الإيراني.
شكّل اغتياله ضربة قاصمة للطموحات الإيرانية في هذا المجال، أما فريدون عباسي، الذي لطالما اعتُبر ركنًا تقنيًا مهمًا في المشروع النووي، فقد لقي المصير ذاته، بحسب ما أكدته الوكالات الرسمية في طهران ونقلته القناة 14 الإسرائيلية.
مشاهد من عملية «عام كلافي» الإسرائيلية ضد إيران
وفي أعقاب الهجوم، عقد المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، إيفي دفرين، مؤتمرًا صحفيًا، تجنّب فيه إعطاء إجابات مباشرة بشأن ما إذا كان المرشد الأعلى علي خامنئي ضمن أهداف العملية، وعندما سُئل: «هل كان هناك توجّه لاستهداف خامنئي؟»، اكتفى بالقول إن الهجوم طال «قلب النخبة الأمنية الإيرانية»، وإن التفاصيل الكاملة ستُكشف لاحقًا، مما فتح باب التكهنات حول مراحل تالية من العملية.
أطلقت إسرائيل على هذه الضربة اسم «عام كلافي»، الذي يشير إلى مصطلح «الأسد الصاعد»، المستلهم من أحد النصوص التوراتية في العهد القديم، إذ ذكرت تقارير عبرية أن الاسم مستقى تحديدًا من «سفر الصحراء»، ويعني حرفيًا «عام كلافي ثانٍ»، في إشارة إلى نهوض شعب بقوة الأسد واستعداده للانقضاض.
ويتضمن النص التوراتي المشار إليه عبارة تترجم إلى العربية على النحو التالي: «شعب كالأسد ينهض، وكالليث يعلو، لا ينام حتى يفترس، ويشرب من دم قتلاه».
ويعكس اختيار هذا الاسم دلالات رمزية تتصل بالقوة والهجوم الحاسم، ضمن خطاب عسكري للاحتلال الإسرائيلي يربط بين العمليات القتالية والتصوّرات الدينية والتاريخية.
فيما أُعلن عن حالة الطوارئ في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة فور تنفيذ الهجوم، حيث فرضت قيادة الجبهة الداخلية إجراءات استثنائية وتحفظات أمنية في مناطق متعددة، في ظل توقعات بردود إيرانية محتملة، واستنادًا للتقارير، فإن العملية لم تقتصر على تصفية قيادات بل شملت أيضًا استهداف منشآت حساسة ذات طابع نووي واستراتيجي.