«اعتداء على عمرو بواسطة عصا Mo Samir».. بلوجر وأخوه وصديقه ينهيان حياة عمرو بعد استدراجه في العباسية (القصة الكاملة)

«كان فاكرها قعدة عادية.. بس هما كانوا ناويين يخلصوا عليه»، تبدأ سمر وجدي، ابنة عمة الشاب الضحية، حكايتها بصوت أقرب للبكاء منه للكلام، إذ ما جرى في آخر أيام عيد الأضحى المبارك، لم يكن مجرد مشادة، ولا خناقة بين أصدقاء، كان كمينًا محكمًا، استُدرج إليه «عمرو» – 27 عامًا – من طرف 3 أصدقاء- بينهم شقيقان، أحدهم «بلوجر» شهير على منصات التواصل الاجتماعى، تحت ذريعة خروجة خفيفة، وانتهى به المطاف قتيلًا داخل منزل في العباسية بالقاهرة، بعد ضربة مباشرة من عصا بيسبول نُقش عليها اسم أحدهم.
«كان بيحب الحياة.. مش بيعيشها وخلاص»، تقول «سمر»، وهي تمسك بصورة للشاب العشرينى على هاتفها المحمول، بابتسامة مجمدة كأنها التُقطت لتُخلّد اللحظة الأخيرة من حياته. «عمرو»، موظف بشركة شحن دولي، كان قد بدأ مؤخرًا التفكير في الاستقرار، وتوفير المال لخطبة فتاة أحبها: «من أسبوع بس كان بيقولي: أنا ناوي أتقدملها قريب»، تتابع: «وكان حاطط خطة لحياته.. ومش متخيل إن ف يوم هيروح بالشكل دا».
في ذلك المساء، تلقى «عمرو» اتصالًا من شخص يعرفه جيدًا، أحد الشباب الذين اعتاد الخروج معهم، دعوه لـ«قعدة كده، نشرب حاجة ونغير جو»، هكذا قالوا له.. لم يتردد، «كان طيب وعلى نياته»، تقول «سمر» لـ«المصرى اليوم»: «ومكانش بيتأخر عن حد طلبه».
لكن ما إن وصل صاحب الـ 27 عامًا إلى المكان المتفق عليه في العباسية، وقد ظنّ أنها ستكون نزهة عادية مع رفاق يعرفهم منذ زمن، حتى انقلب السيناريو تمامًا.. لم تكن هناك جلسة ودّية، ولا أصدقاء كما كان يتخيّل. أولئك الـ3 الذين اعتاد الضحك معهم، كانوا واقفين بانتظاره، أحدهم يُدعى «محمد.س» – بلوجر معروف – وكان معهم عصا بيسبول وكلب شرس: («مسكوه وضربوه على دماغه، ضربتين، تلاتة.. وقع، وهو بيصرخ: أنا بموت يا جماعة!»)، تنقل «سمر»، نقلًا عن شهود من المنطقة، بعضهم رأى الواقعة بأم عينيه، وآخرون دوّنوا شهاداتهم أمام النيابة.
بلوجر وشقيقه ينهيان حياة صديقهم بعصاية مكتوب عليها Mo Samir
عقب سقوط «عمرو»، أصيب المتهمون بالذعر، اتصلوا بالإسعاف، لكنها حين وصلت، عاينت الحالة ورفضت نقله.. «قالولهم حالته منتهية»، بحسب ما ورد في أقوال أحد المتهمين في محضر التحقيقات، حينها، قرر الـ3 – «محمد.س» وشقيقه «أدهم»، وصديقهما «عاصم» – أن ينقلوه بأنفسهم، وضعوه في سيارتهم الخاصة، وتوجهوا إلى مستشفى الدمرداش، لكن المستشفى رفض استقباله لخطورة حالته: «كان خلاص.. غايب عن الوعي، وبينزف من ودنه»، تقول «سمر»: «الدم كان مغرق هدومه».
فكروا مجددًا، وقرروا الذهاب إلى مستشفى خاص في مدينة نصر، هناك، دخلوا على الطوارئ وقالوا إنهم عثروا عليه ملقى في الشارع، ولا يحمل أي أوراق ثبوتية، لكن فرد الأمن اشتبه في الأمر: «قالهم: إنتو بتقولوا لقيناه في الشارع؟ طب ليه لبسكم كله عليه دم؟»، وكان الشك كافيًا ليبلّغ الشرطة، التي حضرت خلال دقائق.
تم التحفظ على المتهمين الـ3، وباشرت النيابة العامة التحقيق، إذ أنكروا معرفتهم به، لكن بعد مواجهة أحدهم بكاميرات المراقبة، اعترفوا جزئيًا، قالوا إن هناك «خلاف مالي بسيط»، و«كانت خناقة وخرجت عن السيطرة».. لكن ابنة عمة المجنى عليه تشدد: «مافيش أي خلاف مالي، ولا حتى جنيه، عمرو مكانش له عند حد حاجة، ولا كان بيستلف، ولا بيقرض».
وتضيف: «الناس كلها عارفة إنه شاب طيب، عمره ما اتخانق، وكل اللي بيحبوه عارفين إنه لا بيعرف يشتم، ولا يمد إيده».
أسرة المجني عليه ضحية 3 من أصدقائه في العباسية- تصوير: محمد القماش
لم تفهم أسرته شيئًا في البداية، علموا من أحد المعارف بأن «عمرو» في مستشفى خاص، بين الحياة والموت، تقول: «رحنا نركض، لقيناه ف غيبوبة، ووشه متورم، ونزيف داخلي حاد»، ونُقل إلى العناية المركزة، وأُجريت له عملية عاجلة في الرأس، لكنها لم تُفلح، بعد نحو 6 ساعات، لفظ أنفاسه الأخيرة.
«اللي يوجع أكتر، إنهم كانوا بيضحكوا في النيابة»، تقول سحر عبدالرحمن، عمّة المجنى عليه، «مفيش ذرة ندم، ولا حتى تأنيب ضمير. كأنهم لسه مش مستوعبين إنهم قتلوا إنسان».
المتهم الرئيسي، «محمد.س»، لديه قناة شهيرة على تيك توك، ويظهر في مقاطع مع كلب ضخم من فصيلة شرسة، يهاجم المارة، أو يتظاهر بالاعتداء عليهم، على سبيل الترفيه.:«فيه 3 ضحايا سابقين جُم قدموا بلاغات ضده»، تعاود «سمر» حديثها: «نفس الأسلوب، نفس العصا، ونفس التصوير»، وتضيف: «بس الفرق إن عمرو مات».
أحد هؤلاء الضحايا، بحسب تحقيقات النيابة، قال إنه تعرّض للضرب أثناء خروجة مشابهة، ثم طُلب منه ألا يتحدث مقابل مبلغ مالي: «لكن عمرو؟ مافيش تمن يسكتنا عن حقه»، تقول «سحر».
«في العيد اللي فات، عمرو جالي بدري، وقاللي: اقعدي يا طنط، أنا هعملك الفطار»، تحكي عمة المجنى عليه، لم تكن تلك عادة طارئة، بل جزء من يوميات شاب لم يعرف إلا الطيبة: «كان يشتريلي الدوا، ويصلّحلي الحنفية»، تضيف، «وماكانش بيزهق مننا، ولا بيتأخر».
تتوقف لحظة، تنظر إلى الصورة المعلّقة له في صالون البيت، ثم تهمس: «مين هيعمل كده بعده؟».
الشاب عمرو عصام ضحية 3 من أصدقائه في العباسية
النيابة بدأت في تفريغ الكاميرات القريبة من مسرح الجريمة، إحدى الكاميرات التقطت لحظة ضربه بالعصا، فيما أظهرت أخرى السيارة التي نقلته من المكان: «الموضوع مش جريمة عادية»، تقول «سمر»: «دا استدراج، وتخطيط، وقتل عن سبق الإصرار».
وتختم بصوت مبحوح: «أنا مش عايزة غير حقه. عمرو ماكانش يستاهل كده.. لا مات وهو بيشتم، ولا كان ماسك سلاح.. دا مات وهو بيقولهم: أنا بموت يا جماعة».
تشير «سحر»، عمّة «عمرو»، إلى أريكة صغيرة في زاوية الصالون، وقد وُضِعت عليها بطانية مطوية بعناية. «هنا كان بيحب يقعد بعد ما ييجي من شغله، يشرب شاي ويتفرج معانا على التليفزيون»، تقول بصوت مرتعش، «يضحك على المسلسلات، ويقولي: يا طنت، المسلسل ده تمثيله بايخ!». تضحك قليلًا، ثم تغالب دموعها، «مفيش يوم عدى من ساعة وفاته إلا وإحنا حاسين إنه هيطل علينا من الباب كأنه لسه عايش».
تقرير طبي بشأن حالة أحمد عصام ضحية أصدقائه في العباسية- تصوير: محمد القماش
في الأيام الأخيرة، بحسب رواية سمر، كان عمرو يسأل عن أسعار الخواتم والسلاسل الذهب. «قاللي: نفسي أفرّح أمي بعيد الأم، وأجيب لها سلسلة عليها حرف اسمي»، تحكي وهي تمسك هاتفها، تبحث عن محادثة بينهم تضم صورة لسلسلة ذهبية. «قاللي: دي حلوة؟ تستاهلها؟»، تضيف، «كان شايف إن كل حاجة قليلة عليها، وإنها تعبت معاه كتير». تنظر للأسفل، ثم تهمس: «راح قبل ما يحقق أي حاجة من اللي كان نفسه فيها».
يمكنكم متابعة مشهد جنازة «عمرو» بالضغط هنا