باحث في الشؤون الدولية لـ«المصري اليوم»: استمرار الهجمات الإسرائيلية على إيران يهيئ لاندلاع مواجهة عسكرية شاملة

قال الدكتور عمرو حسين، الباحث في الشؤون الدولية، إن العالم يتابع بقلق بالغ التطورات الأخيرة المتمثلة في الضربات العسكرية التي نفذتها إسرائيل ضد أهداف داخل إيران، والتي تمثل تصعيدًا جديدًا وخطيرًا من شأنه أن يهدد الأمن والسلم في منطقة الشرق الأوسط بأسرها، بل وينذر بانعكاسات سلبية تتجاوز الحدود الجغرافية للصراع.
وأضاف إن هذه العمليات العسكرية، مهما كانت مبرراتها الأمنية والسياسية، تؤكد من جديد إخفاق الأطراف المعنية في احتواء التوترات عبر المسارات الدبلوماسية والحوارات البنّاءة، وتكرس منطق القوة على حساب الشرعية الدولية وحق الشعوب في الاستقرار والتنمية، لافتا إلى أن التجارب أثبتت خلال العقود الماضية في المنطقة أن الحلول العسكرية لا تجلب سوى مزيد من الدمار والمعاناة، ولا تنتج حلولًا مستدامة، بل تعمّق الأزمات وتخلق أزمات جديدة أكثر تعقيدًا.
وتابع أن المنطقة اليوم لا تحتمل مزيدًا من التصعيد العسكري، خصوصًا في ظل الأزمات الاقتصادية الحادة، وتداعيات النزاعات القائمة في بؤر متعددة، فضلًا عن التحديات المرتبطة بأسواق الطاقة العالمية والتي تتأثر مباشرةً بأي اضطرابات أمنية في الشرق الأوسط، وهو ما يحمّل المجتمع الدولي مسؤولية مضاعفة للعمل على وقف هذا النهج التصادمي، وتهيئة بيئة مناسبة للحوار وإيجاد تسويات سياسية عادلة لكل القضايا العالقة.
وأشار إلى أن الملف النووي الإيراني يظل إحدى القضايا الأكثر حساسية وخطورة، ولا يمكن التعامل معه بسياسة الضربات المتفرقة أو فرض الأمر الواقع بالقوة، بل يحتاج إلى إطار تفاوضي متكامل يراعي هواجس جميع الأطراف ويضمن التزامًا مشتركًا بالاتفاقات الدولية، مع رقابة شفافة تحقق التوازن بين متطلبات الأمن الإقليمي وحقوق الدول السيادية في الاستخدام السلمي للطاقة النووية.
وأكد أن إستمرار الضربات الإسرائيلية داخل الأراضي الإيرانية من شأنه أن يدفع الأطراف الأخرى إلى ردود فعل مماثلة، مما يفتح المجال أمام اندلاع مواجهة عسكرية واسعة قد تمتد إلى دول الجوار، وهو ما سيزيد من نزيف الدماء، ويُهدد حياة المدنيين الأبرياء، ويُغذي موجات نزوح جديدة، ويُعيق برامج التنمية التي تسعى إليها شعوب المنطقة منذ عقود طويلة.
وحذر «حسن» من تداعيات هذا التصعيد، داعيا الأمم المتحدة ومجلس الأمن وكافة القوى الفاعلة دوليًا وإقليميًا إلى التحرك العاجل لوقف العمليات العسكرية، والدفع باتجاه استئناف مفاوضات جادة وشاملة تعالج القضايا الأمنية والسياسية برؤية استراتيجية بعيدة عن منطق الانتقام ورد الفعل.
كما دعا الحكومات والمؤسسات البحثية والإعلامية إلى لعب دور مسؤول في توعية الرأي العام بخطورة الاستمرار في سياسات التصعيد، وتسليط الضوء على الأصوات الداعية إلى السلام والحلول السياسية العادلة التي تحترم سيادة الدول وتحمي الشعوب من ويلات الحروب.
وأكد الباحث في الشؤون الدولية أن الطريق إلى استقرار الشرق الأوسط لا يمر عبر القنابل والصواريخ، بل عبر موائد التفاوض والالتزام بالمبادئ الأساسية للقانون الدولي، وبناء الثقة المتبادلة بين الأطراف.