بطولة الأندية العالمية في أمريكا: مواجهات تخيم عليها الاحتجاجات

بطولة الأندية العالمية في أمريكا: مواجهات تخيم عليها الاحتجاجات

فى خطوة صادمة، أطلق الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، عملية تطهير للمدن الأمريكية التى شهدت موجة من الاحتجاجات، تنديدًا بسياسات الهجرة التى تبنتها إدارة الرئيس الأمريكى، قبل ساعات من انطلاق بطولة كأس العالم للأندية.

٧٠٠ عنصر من المشاة البحرية الأمريكية، و٢٠٠٠ من الحرس الوطنى نزلوا إلى الشوارع فى فيلادلفيا بحملات ضد مهاجرين، وبين حرائق ونهب وأوامر بحظر التجوال من الثامنة مساءً حتى السادسة صباحًا، أصبح الوضع فى لوس أنجلوس خارج السيطرة، إلا أنه على الرغم من ذلك، باريس سان جيرمان وأتلتيكو مدريد سيتواجهان فى قلب تلك العاصفة.

وطمأن رئيس الفيفا الجماهير بأن لا شيء يدعو إلى القلق بشأن استضافة أمريكا كأس العالم للأندية فى ظل تلك التوترات، ولكن الجماهير تخشى الاعتقال قبل الدخول إلى المدرجات، فهل ستنجح البطولة أم ستهز تلك الأحداث صورة أمريكا قبل عام من استضافة مونديال ٢٠٢٦؟

احتجاجات ضد سياسات الهجرة الأمريكية

تشهد مدن عدة فى الولايات المتحدة، وعلى رأسها لوس أنجلوس، موجة من الاحتجاجات العارمة، تنديدًا بسياسات الهجرة التى تبنتها إدارة الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب.

وهذه السياسات، التى شملت فصل الأسر عند الحدود، وتشديد الرقابة على المهاجرين غير الشرعيين، وتقليص عدد اللاجئين القادمين إلى البلاد، أدت إلى حالة من القلق والغضب فى أوساط المجتمع الأمريكى، خاصة فى المدن الكبرى التى تضم أعدادًا كبيرة من المهاجرين من دول أمريكا اللاتينية.

وتستمر الاحتجاجات فى الولايات المتحدة الأمريكية ضد سياسات الرئيس الأمريكى، بشأن تنفيذ قوانين الهجرة، حيث امتدت إلى مدن جديدة؛ ما دفع البيت الأبيض إلى التحذير من أنه لن يتردد فى تعزيز نشر قوات الحرس الوطنى والمارينز لقمع الاحتجاجات خارج لوس أنجلوس.

ويرى المحتجون فى هذه السياسات انتهاكًا لحقوق الإنسان، ويصفونها بأنها تفرقة عرقية تستهدف الفئات الأكثر ضعفًا فى المجتمع الأمريكى، ما أسهم فى تعزيز مشاعر الإحباط والغضب فى أوساط الجاليات المهاجرة.

وفى الوقت ذاته، يعكس التصعيد فى هذه الاحتجاجات عدم الرضا عن الإدارة الحالية التى تواجه تحديات كبيرة فى تلبية الوعود المتعلقة بتغيير تلك السياسات.

وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، أنه تم توقيف المئات فى الأيام الأخيرة من قبل الحرس الوطنى فى احتجاجات شهدتها ولايات إلينوى ونيويورك وجورجيا وتكساس وواشنطن، بالإضافة إلى أماكن أخرى.

وأفاد رئيس شرطة سبوكان فى ولاية واشنطن، كيفن هول، بأن أكثر من ٣٠ شخصًا تم اعتقالهم خلال الاحتجاجات التى جرت أمس، بينما فرضت عمدة المدينة ليزا براون، حظر تجول حتى الساعة ٥ صباحًا.

وفى لاس فيغاس، أعلنت الشرطة أن التجمعات غير قانونية وأمرت المحتجين بالتفرق، فيما تواصلت المظاهرات فى مدن مثل رالى ونورث كارولاينا، ويوجين فى ولاية أوريغون، وسانت لويس فى ميزورى، وإنديانابوليس، وسياتل، وسان أنطونيو، بحسب تقارير وسائل الإعلام المحلية.

وأعلن منظمو الاحتجاجات عن خطط لتنظيم مئات المظاهرات فى أكثر من ١٨٠٠ مدينة، بالتزامن مع الاحتفالات التى ينظمها ترامب بمناسبة عيد ميلاد الجيش الأمريكى فى واشنطن.

ومن جانبها، وصفت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، المتظاهرين فى لوس أنجلوس بـ«المتطرفين» الذين يسببون الفوضى، رغم أن الاحتجاجات كانت محدودة.

هل ستؤثر الاحتجاجات فى الولايات المتحدة على كأس العالم للأندية؟

مع اقتراب انطلاق كأس العالم للأندية، يوم الأحد المقبل، تتصاعد المخاوف من أن هذه التوترات قد تؤثر سلبًا على صورة الولايات المتحدة الدولية وقدرتها على استضافة الأحداث الرياضية الكبرى، والتى تتطلب بيئة سياسية واجتماعية مستقرة.

وفى ظل هذه الظروف، تتزايد التساؤلات حول: هل يمكن أن تؤثر الأزمة السياسية الناجمة عن سياسات الهجرة على قدرة أمريكا على إدارة وتنظيم هذه الفعاليات الرياضية، وعلى سمعتها الدولية كمضيف للأحداث العالمية؟

وتأتى هذه المخاوف فى وقت حساس، حيث تتزايد الضغوط على الإدارة الأمريكية لتعديل سياساتها بشكل يتماشى مع المعايير الإنسانية العالمية، وسط انتقادات دولية ومحلية واسعة.

المظاهرات الأمريكية تثير مخاوف الرياضيين من تأثيرها على مونديال الأندية
المظاهرات الأمريكية تثير مخاوف الرياضيين من تأثيرها على مونديال الأندية
المظاهرات الأمريكية تثير مخاوف الرياضيين من تأثيرها على مونديال الأندية
المظاهرات الأمريكية تثير مخاوف الرياضيين من تأثيرها على مونديال الأندية

سياسات الهجرة تمثل إشكالية كبرى داخل الولايات الأمريكية

قال الدكتور محمد عبد العظيم الشيمى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان، إن سياسات الهجرة بشكل عام تمثل إشكالية كبرى داخل الولايات المتحدة الأمريكية خلال فترات سابقة وبالتأكيد فى فترة ترامب، والتى لا ترتبط بمصداقيتها فى مجال حقوق الإنسان فحسب، وإنما فى مجال الأنشطة التجارية ودعم عزل الولايات المتحدة عن حركات الهجرة التى تأتى إليها من دول الجنوب وبالتحديد من أمريكا اللاتينية والمكسيك.

وأوضح الشيمى، فى تصريحات خاصة لـ«المصرى اليوم»، أن عمليات تنظيم الهجرة منذ الفترة الأولى لترامب كانت لديه سياسات مرتبطة بإقامة حاجز وسور عازل بينه وبين المكسيك، وهو الأمر الذى كان يمثل أحد الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان.

نوه أستاذ العلوم السياسية إلى أن مسألة حقوق الإنسان نسبية بشكل كبير، ودائمًا ما يتم استخدامها على حسب معايير كل دولة، مضيفًا: «مطاطية مفهوم حقوق الإنسان أسقطت كثير من مصداقيته خاصًة الدول الكبرى على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تستخدم هذا المفهوم بشكل كبير لتحقيق أهدافها».

وتابع: «فى مواقف كثيرة تضرب الولايات المتحدة بحقوق الإنسان عرض الحائط، فمن أهم مبادئ حقوق الإنسان هو حرية التنقل للأفراد دون عوائق بين كل دول العالم»، مشيرًا إلى أن عدم اقتصار الاحتجاجات على لوس أنجلوس وامتدادها إلى عدد من الولايات الأمريكية الأخرى، قد يدفع ترامب إلى محاولة إخمادها والتحكم فيها.

وأضاف: «ترامب ليست لديه مصداقية فى الصمود لقرارات خاصًة أنه يتخذ الشكل التصعيدى دون دراسة وبالتالى أصبحت مسألة التراجع أحد النقاط المطروحة فى حال حدوث تصعيد هستيرى من جهة المتظاهرين».

استضافة أمريكا لكأس العالم للأندية وسط تصاعد التوترات

فيما يتعلق باستضافة أمريكا لأحداث عالمية مثل كأس العالم للأندية وكأس العالم ٢٠٢٦، قال أستاذ العلوم السياسية إن الولايات المتحدة هى دولة كبرى ليست مرتبطة بمدينة أو ولاية بعينها، والأحداث الكبرى مترامية الأطراف بين أكثر من ولاية وبالتالى مسألة التعامل معها لن يؤثر عليها بشكل مباشر ولكن على مستوى غير مباشر قد تتأثر فيما يتعلق بمسألة تأمين المباريات والتعامل مع المخاوف لدى بعض السائحين والمترددين لمتابعة المباريات.

ووفقًا لـ«رويترز» فإن مهمة طمأنة المشجعين الدوليين أصبحت معقدة بسبب حظر سفر مواطنى ١٢ دولة من دخول الولايات المتحدة، وهى: أفغانستان، ميانمار، تشاد، الكونغو-برازافيل، غينيا الاستوائية، إريتريا، هايتى، إيران، ليبيا، الصومال، السودان واليمن.

وكذلك، فرضت قيود على مواطنى ٧ دول أخرى للحصول على تأشيرات دخول إلى الولايات المتحدة وهى: بوروندى، كوبا، لاوس، سيراليون، توغو، تركمانستان، فنزويلا.

وكان من المقرر أن يسير المشاهير ونجوم كرة القدم على السجادة الحمراء فى لوس أنجلوس، إحدى المدن المضيفة للبطولة، إلا أن الرئيس ترامب نشر قوات المشاة البحرية والحرس الوطنى لقمع الاحتجاجات.

ووصف حاكم ولاية كاليفورنيا، جافين نيوسوم، نشر القوات بأنه «خطوة لا لبس فيها نحو الاستبداد»، فى حين دافع مسؤولون فى إدارة ترامب عن ذلك ووصفوا الاحتجاجات بأنها خارجة عن القانون، وألقوا باللوم على الديمقراطيين المحليين للسماح بالاضطرابات.

ولوس أنجلوس هى واحدة من بين عدة مدن تستضيف مباريات كأس العالم للأندية، وقال الرئيس التنفيذى للجنة استضافة نيويورك ونيوجيرسى: أليكس لاسرى: «هدفنا هو التأكد من أن كل من يأتى إلى نيويورك ونيوجيرسى يمضى وقتًا رائعًا، وما يجب أن تعرفه، عند تنظيم أحداث رياضية ضخمة، هو أن العالم لا يزال مستمرًا، العالم لا يتوقف من أجل هذه الأحداث الرياضية، ويجب عليك أن تتماشى مع التدفق وتتأكد من أنك قادر على التكيف».

وقال المساعد الخاص للرئيس الأمريكى، هاريسون فيلدز لـ«رويترز»: «الرئيس ترامب حريص على الترحيب بالجماهير من جميع أنحاء العالم للاحتفال بأمريكا وهذه الهواية الرائعة».

وأضاف فيلدز: «ستعمل إدارة ترامب بجد لتسهيل دخول المشجعين الملتزمين بالقانون، وأن تكون هذه هى الألعاب الأكثر أمانًا وتاريخية».

وقال رئيس الاتحاد الدولى لكرة القدم (فيفا)، جيانى إنفانتينو، بعد اجتماعه مع ترامب الشهر الماضى، إنه واثق من أن العالم سيكون موضع ترحيب فى كأس العالم للأندية هذا العام، والذى سيقام من فجر الأحد ١٥ يونيو إلى ١٣ يوليو.

ووعد إنفانتينو بأن الملاعب ستكون ممتلئة، قائلًا فى تصريحات صحفية فى ١٠ يونيو ٢٠٢٥: «سنستمتع بأجواء رائعة وسيكون حدثًا تاريخيًا».