«الفنون الشعبية» تكرّم مساهمات الراحل أحمد شمس الدين الحجاجي

أصدرت وزارة الثقافة، ممثلة في الهيئة المصرية العامة للكتاب العدد (115) من مجلة الفنون الشعبية، والذي يُعد عددًا خاصًا يحتفي بإسهامات المفكر والناقد الراحل الدكتور أحمد شمس الدين الحجاجي، أستاذ الأدب العربي بكلية الآداب، جامعة القاهرة، ومسيرته البارزة في دراسة الأدب الشعبي والأسطورة والسيرة العربية.
يتصدر العدد دراسة موسعة بعنوان «ميلاد البطل في السيرة الشعبية العربية» بقلم الدكتور أحمد شمس الدين الحجاجي، يتناول فيها لحظة ميلاد البطل في السيرة العربية بوصفها نقطة فاصلة بين مرحلتين: ما قبل الميلاد وما بعده. ويشير الحجاجي إلى أن هذه اللحظة تمثل التحول الحاسم في حياة البطل والجماعة التي ينتمي إليها، حيث يُعاد تشكيل الأحداث لتدور حول هذا البطل الذي يتسم غالبًا بولادة استثنائية أو ظروف فريدة تحيط بميلاده.
ويصنف «الحجاجي» أبطال السيرة بحسب ظروف ولادتهم إلى خمسة أنماط: من يولد بين أهله ولادة غريبة دون انزعاج، ومن يولد في ظروف تثير القلق والاغتراب، ومن يولد بعيدًا عن أهله، ومن يولد يتيمًا، ومن يجتمع لديه الغرابة واليُتم. ويرى أن هذه التنويعات تُمهد لرحلة البطل نحو الاندماج والاعتراف به قائدًا لجماعته.
العدد يتضمن أيضًا اثنتي عشرة شهادة مؤثرة كتبها تلاميذ ومحبو الدكتور الحجاجي، تكشف عن الجوانب الإنسانية والعلمية لشخصيته، وتُبرز علاقته الفريدة بتلاميذه وزملائه في الوسط الثقافي، والتي تشبه إلى حد كبير علاقة «الشيخ والمريد». من بين الشهادات نذكر شهادة ابنته حسناء شمس بعنوان «أبي»، وشهادة الدكتور سعيد المصري «العالم المتفرد»، وشهادة الناقد حسين حمودة «عن حضوره المشهود»، وغيرها من الأسماء اللامعة التي رافقته في رحلته الأكاديمية والثقافية.
ويحتوي العدد كذلك على نصين من روائع السرد الشعبي، هما: قصة «حرب أبوزيد الهلالي والزناتي خليفة» التي جمعها الدكتور خالد أبوالليل عن الشاعر الشعبي الراحل سيد الضوي، وقصة «رحلة المواليد» التي جمعها الباحثان أحمد ومحمد الليثي عن الشاعر عز الدين نصر الدين. ويبرز من خلالها أثر الدكتور الحجاجي في احتضان المواهب الشعبية وتقديمها إلى الواجهة الثقافية.
في قسم الدراسات، يقدم الدكتور سامي سليمان أحمد دراسة بعنوان «الحجاجي والإبحار في لُجة الهوية»، يناقش فيها مشروع الحجاجي النقدي القائم على استكشاف الهوية الثقافية العربية من خلال المسرح والأدب الشعبي. بينما يقدم الدكتور خيري دومة قراءة في كتاب «العرب وفن المسرح» للحجاجي، ويحلل فيه كيفية تشكل الأنواع الأدبية بالتوازي مع تطور الوعي الجمعي واحتياجات الجمهور.
ومن بين الدراسات اللافتة أيضًا، مقال بعنوان «الحجاجي: صانع الأسطورة ودارس السيرة» للدكتور خالد أبوالليل، يستعرض فيه مشروع الحجاجي في تحليل البناء الفني للسيرة الشعبية من خلال أعماله المهمة مثل «مولد البطل» و«النبوءة أو قدر البطل». ويكمل الباحث عبدالكريم الحجراوي هذه الرؤية في مقال «الأسطورة مشكاة الحجاجي ناقدًا ومبدعًا»، مبينًا كيف استخدم الحجاجي الأسطورة كأداة منهجية نقدية، وظّفها لتحليل الشعر والرواية والمسرح.
ويُختتم العدد بدراسة للباحث مصطفى القزاز عن كتاب الحجاجي «الأسطورة في المسرح المصري المعاصر»، باعتباره مرجعًا تأسيسيًا في نقد المسرح العربي، يربط بين الأداء المسرحي ومصادره الأسطورية في التراث المصري والعالمي.