«عصر الفوضى البيئية».. ما تأثير الصراع بين إيران وإسرائيل على مستقبل الأرض؟

«عصر الفوضى البيئية».. ما تأثير الصراع بين إيران وإسرائيل على مستقبل الأرض؟

في الحروب، تعتاد العيون على الدخان، وتتوقع الآذان صدى الانفجارات، لكن هناك ما لا يُرى ولا يُسمع، وما هو أخطر من رائحة البارود: هو ما يتسلل في صمت إلى الهواء، إلى التربة، إلى أجساد الناس وهم لا يشعرون.

ما يجري الآن بين إيران وإسرائيل لم يعد مجرد تبادل للضربات أو استعراضًا للقوة، بل تحول إلى ساحة مفتوحة لـ«الجنون البيئي»، على حد وصف الدكتور مجدي علام، مستشار برنامج المناخ العالمي، الذي يرى في تصاعد العمليات العسكرية بوادر كارثة لا تقتصر على حدود الدول المتحاربة، بل تطال الكوكب بأسره.

ضربات إيران تخلف دمارا في إسرائيل

دمار غير مسبوق.. تأثيرات حرب إيران وإسرائيل على البيئة والمناخ

قنابل تحمل موادًا لم تُستخدم منذ الحرب العالمية، سموم بيولوجية وكيميائية، احتمالات تسرب إشعاعي قد يطير عبر السحاب، ودمار صامت يهدد الأجيال القادمة، بهذه الطريقة بدأ الدكتور علام في كشف التبعات البيئية للحرب الحادثة بين إيران وإسرائيل، في تصريحات خاصة لـ«المصري اليوم»، قال: «لم نشهد هذا النوع من الدمار من قبل»، فيؤكد علام أن ما يحدث الآن ليس مجرد مواجهة عسكرية تقليدية، بل «مباراة مفتوحة في استخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية، بتقنيات وتجهيزات لم يسبق للبشرية أن تعاملت معها بهذا الشكل الكثيف».

ويضيف أننا نرى الآن كل أشكال إطلاق النار، كل أنواع القنابل، المعلنة وغير المعلنة، نُشاهدها الآن. حجم التدمير يتجاوز المفهوم العسكري، ليمتد إلى الأرض والهواء والغذاء. هذا جنون بيئي كامل الأركان.

تشوهات جينية… و«نصف قارة تُدمر»

يصف الخبير البيئي ما يجري بأنه أخطر من أي سابقة عسكرية. ويحذر من أن الأسلحة المستخدمة ستخلف تشوهات جينية للأجنة، وأمراضًا لا علاج لها، وتلوثًا يمتد لأجيال قادمة، واصفًا ما يحدث أنه تصنيع للقتل المستقبلي، والذي لم يقتصر على الحرب فقط، فهم لا يصنعون سوى الدمار. نصف قارة يتم تدميرها، لا عن طريق الصواريخ فقط، بل عبر السموم التي تتسرب إلى التربة والماء والهواء.

تصاعد الدخان وسط إسرائيل بعد هجوم إيران

ويستعيد علام تجربة العراق مع الغزو الأمريكي، قائلًا: «حتى الآن، يعاني ملايين العراقيين من أمراض سببها الأسلحة الكيميائية والجرثومية التي استُخدمت هناك. لقد شبع العراق كيماويات وجراثيم لم تحدث في تاريخ الحروب، وما يحدث الآن يشبه بوادر ما حدث حينها».

انفجارات وزلازل… الأرض تهتز

لفت «علام»، أن الأضرار لن تتوقف على التلوث وانتشار السموم فقط، بل قد تصل إلى علاقة محتملة بين الضربات العسكرية الهائلة والزلازل، قائلًا: «هذا الحجم من التفجيرات لن يمر دون أثر جيولوجي. الأرض نفسها تهتز. القنابل تُحدث ضغطًا واهتزازات عميقة. من يضمن لنا ألا تتبعها كوارث طبيعية أو زلازل ضخمة؟»

مرحلة ما بعد التلوث

«كلمة تلوث أصبحت غير كافية لوصف ما يحدث»، هكذا يقول علام، في إشارة إلى حجم التغير البيئي والمناخي الناتج عن الحرب، مُتابعًا «نحن ندخل مرحلة جديدة بالكامل. مرحلة لا تتعلق بتلوث الهواء أو الماء فقط، بل بتغيير شامل في بيئة الحياة على الكوكب. الأكل، والهواء، والشمس، كل شيء يتأثر. العالم أمام جريمة لا تقل عن تدمير شامل».

واختتم علام حديثه بتأكيد على موقف مصر الأخلاقي من هذا الصراع، قائلًا:«الحمد لله أن مصر لم تتلوث أيديها بهذا الجُرم. نحن لسنا جزءًا من صناعة القتل هذه. التاريخ سيتذكر من لوّث البيئة، ومن حافظ على ضميره».