صواريخ برموز دينية: كيف أصبح الصراع بين إيران وإسرائيل حربًا ذات طابع مقدس؟

أشعلت الأسماء التي أُطلقت على العمليات العسكرية المتبادلة بين إسرائيل وإيران جدلًا عبر وسائل الإعلام المختلفة، حيث حملت هذه العمليات دلالات دينية واضحة تخفي في طياتها أيديولوجيات عقائدية عميقة، فقد اختارت إسرائيل اسم «الأسد الصاعد» لعمليتها العسكرية ضد إيران، بينما ردّت طهران على القصف الإسرائيلي بإطلاق اسم «الوعد الصادق» على هجماتها الصاروخية التي استهدفت تل أبيب.
«الأسد الصاعد» هو اسم مستوحى من الإصحاح التاسع والأربعين من سفر التكوين في التوراة، كما أوضح المفكر يوسف زيدان في تحليل نشره مؤخرًا، يشير النص إلى نبؤة النبي يعقوب عن ابنه يهوذا، إذ جاء فيه: «يهوذا، جرو أسد من فريسةٍ صعدت، جثا وربض كأسد ولبؤة، فمن ينهضه؟».
ويرى زيدان أن هذا الاسم يعبر عن رؤية توراتية لإسرائيل باعتبارها دولة قوية تنهض من الضعف لتأكل فرائسها وتخضع لها الشعوب، ويضيف زيدان أن هذا النص العبراني يُستخدم كمصدر لتسمية العملية العسكرية الإسرائيلية، في تعبير واضح عن بُعد توراتي يضفي على المعركة بُعدًا دينيًا متجذرًا في عقيدة الدولة العبرية.
أما «الوعد الصادق»، فكان اختيار إيران للاسم أيضًا مدروسًا بعناية، كما شرح الدكتور خالد منتصر في مقال له بجريدة الأهرام، الاسم مستلهم من التراث الشيعي، حيث يلقب الإمام المهدي المنتظر بلقب «الصادق الوعد» أو يشار إليه بـ«الوعد الإلهي الصادق»، في إشارة إلى دوره المنتظر في إقامة العدل والانتقام من الظالمين.
استخدام إيران لهذا الاسم يحمل دلالات رمزية عقائدية، ورسالة سياسية في الوقت ذاته، مفادها أن طهران تفي بوعودها، وأن هذه الهجمات ليست ردًا عسكريًا فقط، بل وعد إلهي بالانتقام.
يرى منتصر أن اختيار اسم كهذا يعكس فكرًا مؤسسيًا، وليس اختيارًا عشوائيًا، فالأسماء هي أدوات دلالية تستند إلى روافد تاريخية ودينية وسياسية، تصنع خطابًا يلتف حوله الشعب، ويضيف أن إيران، من خلال اختيارها لهذا الاسم، تُحاول تثبيت سردية «المقاومة الإلهية» أمام إسرائيل والغرب، وهي سردية تُعزز من شرعية النظام داخليًا، وتُكسبه مصداقية أمام مؤيديه.
واشار إلى أن هذا النوع من التسميات ليس جديدًا في الشرق الأوسط، حيث اعتادت الجماعات والدول على إطلاق أسماء ذات طابع ديني على العمليات العسكرية، فحزب الله، على سبيل المثال، استخدم اسم «الوعد الصادق» في أكثر من مناسبة سابقة، أبرزها عقب اغتيال قاسم سليماني.