«كان يرقص في حفلة صديقه وخرج على الأرض».. عائلة «جودة» تتهم أقارب «عروس النزهة» بالتسبب في وفاته – جريمة النزهة

«كان يرقص في حفلة صديقه وخرج على الأرض».. عائلة «جودة» تتهم أقارب «عروس النزهة» بالتسبب في وفاته – جريمة النزهة

«كان واقف بيرقص وسط صحابه.. فجأة اتضرب بمطواة في رقبته».. هكذا استهل «خالد»، صديق «جودة»- حلاق- روايته عن اللحظات الأخيرة في حياة صديقه، الذي تحوّل من شاب محبوب في حفل زفاف، إلى ضحية قتل خارج قاعة أفراح بحى النزهة في القاهرة.

لم يكن المجنى عليه «جودة جندي» يعلم أن الدعوة لحضور زفاف صديقه، المعروف بين أصدقائه بـ«جعيدى»، ستتحول إلى مأتم في الليلة نفسها، بحسب أقوال صديقه «خالد»، جلس «جودة» أول الحفل وسط أصحابه، ثم صعد إلى المسرح مع العريس وعدد من الشباب ليرقصوا على أنغام الأغاني.

«كلهم كانوا بيضحكوا وبيرقصوا.. لحد ما ولد صغير، 18 سنة، خبط فيهم»، يروي «خالد» لـ«المصري اليوم»، الموقف الذي بدا عاديًا، تطور في لحظات إلى شد وجذب، بعض الكلام، ثم اشتباك، قبل أن تتوسع المشاجرة ويشارك فيها آخرون من أقارب العروس.

ووفقًا لـ«خالد»، فإن أحد شباب الطرف الآخر، أصاب «جودة» في يده بشمروخ مشتعل، ما دفع الأخير للخروج من القاعة، لكنه لم ينجُ: «الخناقة خرجت لبره القاعة، وفضلوا وراه، واحد منهم اسمه عمار ضربه بمطواة في رقبته وبوقه.. وكانوا جايين ومعاهم سلاح، واحد تانى ضربه بموس في وشه، ورجله وصدره فيهم طعنتين أخريين».

أحد الأصدقاء، ويدعى «شادي» هرع بالمجنى عليه في سيارته الملاكى إلى مستشفى هليوبوليس في مصر الجديدة، لكن جهود إنقاذه لم تُجْدِ نفعًا، إذ لفظ أنفاسه الأخيرة، متأثرًا بطعنات في الرقبة والصدر والساق.

«أنا عارف إن دى مش خناقة عادية.. اللى حصل كان متعمد»، يقول مينا حنا، خال المجنى عليه، لـ«المصرى اليوم»، حيث جاء من محافظة المنيا إلى القاهرة فور سماع الخبر.

تفاصيل مقتل جودة جندي داخل حفل زفاف في النزهة

«مينا» بدا مرتبكًا أثناء حديثه: «ابن أختي جودة، شاب من عين شمس، في أوائل العشرينات، سمعنا إن في خناقة حصلت في الفرح، وناس ضربوه بأسلحة بيضاء، بس لما عرفنا التفاصيل اكتشفنا إن اللى حصل ده جريمة مش خناقة.. جودة اتضرب في رقبته وصدره ورجله، ومات فورًا».

أقارب المجني عليه، مجدي سليمان، وثروت حبيب، يعتقدان أن الحفل ربما كان فخًا لاستدراج الشاب، خاصة أن بينهم وبين بعض أطراف المشاجرة خلافات سابقة، بحسب ما قالا: «اللي حصل مش طبيعي.. الضرب كان مباشر في أماكن قاتلة، وجودة كان مستهدف».

«جودة»، الذي يملك صالون حلاقة صغيرًا في عين شمس، حسب وصف خاله، «شاب مكافح.. الناس كلها بتحبه»، عُرف بين جيرانه بابتسامته الدائمة، ووالدته متوفاة منذ سنوات، وكان يتولى مسؤولية والده العامل البسيط، الذي «بيشيل رمل وزلط وأى شغلانة تيجى قدامه»، إلى جانب إخوته الـ3 «مينا» و«ملاك» و«ماجد».

«إحنا ما نمناش يومين.. قاعدين قدام ثلاجة حفظ الموتى في مستشفى هليوبوليس»، يقول «مينا» بصوت منكسر: «عايزين حقه.. مش هنسيب دم ابن أختى يروح كده».

بصوت متهدج، جلس والد المجنى عليه إلى جوار باب المستشفى، يردد كلمات غير مترابطة من شدة الصدمة: «ابني جودة كل الناس بتحبه.. كل يوم كان بيصحيني عشان ألحق معاد الشغل، ويقولي (ما تتأخرش.. يوميتك على قدها)»، ثم يصمت قليلًا قبل أن يضيف: «هو اللى بيصرف عليا، وعلى إخواته التلاتة، وهو اللي فتح صالون حلاقة واشتهر بسرعة، وكان بيفكر يتجوز».

«مينا» خال «جودة» المجني عليه ضحية جرمة قاعة الأفراح في النزهة- تصوير: محمد القماش

يتذكر الأب، والدمعة لا تفارق عينيه، آخر لحظة جمعته بابنه: «كان لابس حلو وفرحان، وقالي (أنا رايح أفرح بصاحبى العريس).. سلم عليا وخرج، وما كنتش أعرف إن ده آخر حضن»، يمسك الصورة التي طبعها على ورق عادي من هاتف أحد الأقارب، ثم يتابع: «هو راح يفرح.. رجعوه لي جثة».

التحقيقات الأولية في الواقعة، بحسب ما أفادت مصادر أمنية، أسفرت عن ضبط 5 متهمين من طرفي المشاجرة، من بينهم العريس، وشقيق العروس، وشخص ثالث يُدعى «عمار» لاتهامه بتوجيه الطعنة القاتلة لرقبة المجني عليه.

كما ألقت الشرطة القبض على اثنين من أصدقاء «جودة»، ممن شاركوا في الاشتباك، بينما لا تزال التحريات جارية لضبط باقى المتهمين الذين فرّوا من القاعة عقب الحادث.

أسرة المجني عليه تطالب بالقصاص القانوني بعد مقتل ابنهم في الفرح

في المقابل، لم يصدر عن أهل العريس أي تعقيب على الواقعة، لكن بعض شهود العيان داخل القاعة قالوا إن التوتر بدأ بعد أن اصطدم أحد الصغار بـ«جودة» وأصدقائه أثناء الرقص، ما أدى إلى مشادة كلامية تحوّلت بسرعة إلى مشاجرة.

شاهد آخر أكد أن بعض الضيوف من جهة العروس «كان معاهم حاجات حادة.. شفناهم بيطلعوها من هدومهم»، فيما أفاد أحد منظمى الحفل أن الأمن تدخل فور تلقى إخطار بالواقعة.

أسرة ضحية جريمة النزهة في انتظار استلام جثمانه- تصوير: محمد القماش

نيابة النزهة أمرت باحتجاز طرفى الواقعة 24 ساعة لحين ورود تحريات أجهزة الأمن حول دور كل منهم في الواقعة، كما كلفت الطب الشرعى بتشريح جثة المجنى عليه لبيان سبب الوفاة تفصيليًا.

التقارير الطبية الأولية أشارت إلى أن الوفاة ناتجة عن نزيف حاد نتيجة إصابات قطعية نافذة بالرقبة والصدر، وهو ما يتوافق مع أقوال الشهود وذوى المجنى عليه.

يُجمع أقارب جودة وأصدقاؤه على أن ما حدث لم يكن نتيجة «خناقة شباب»، بل جريمة قتل متعمدة.. «لو خناقة كانت خلصت وجدة حيّ.. لكن اللي حصل ده قتل على المسرح»، يقول أحد أقاربه.

صباح اليوم التالى، شيعت جنازة «جودة» في مسقط رأسه بعين شمس، وسط دموع الجيران والأصدقاء، ووسط حالة من الغضب التي تطالب بـ«القصاص القانونى العادل».