خبير في العلاقات الدولية: «النظام العالمي الحالي يشهد إعادة صياغة لمفاهيم تقليدية كالسّيادة والأمن والنفوذ»

قال الدكتور عمرو حسين، الباحث في الشؤون الدولية، إن العالم يمرّ بمرحلة دقيقة تشهد تحولات جذرية في بنية النظام الدولي، تتجلى في إعادة ترتيب موازين القوى، وتبدل أولويات الفواعل الكبرى، واتساع نطاق التحديات العابرة للحدود، سواء من حيث التأثير أو التشابك.
وأضاف الدكتور عمرو حسين، في تصريحات خاصة لـ«المصري اليوم»، إن ما نشهده اليوم ليس مجرد تغير في العلاقات بين الدول، بل هو إعادة تعريف لمفاهيم تقليدية مثل السيادة، الأمن، والنفوذ.
وأوضح «حسين»، أن النظام الدولي لم يعد يُدار من خلال قطب واحد أو حتى عبر صراع ثنائي، بل أصبح أكثر تعقيدًا مع تنامي دور القوى الإقليمية، وتصاعد نفوذ الفاعلين غير الحكوميين، وازدياد الاعتماد على أدوات الحرب غير التقليدية كالحرب السيبرانية، والضغوط الاقتصادية، والدبلوماسية الإعلامية، وهذا بدوره يفرض على الدول، خاصة النامية، ضرورة مراجعة تموضعها الاستراتيجي لضمان حماية مصالحها وتعزيز مكانتها.
وأشار إلى أن المنطقة العربية تواجه تحديات مزدوجة، فهي من جهة ساحة لصراعات جيوسياسية ممتدة، ومن جهة أخرى جزء لا يتجزأ من منظومة دولية تتغير معاييرها باستمرار، وأكد أن المرحلة القادمة تتطلب من دول المنطقة بناء رؤى استراتيجية جماعية، تقوم على تحقيق التوازن بين متطلبات الأمن الوطني والانفتاح الإقليمي، وبين تعزيز السيادة وتفعيل آليات الشراكة الفاعلة مع القوى الكبرى.
وشدد الدكتور عمرو حسين على أهمية إعادة الاعتبار للأدوات غير الصلبة في السياسة الدولية، مثل القوة الناعمة، والدبلوماسية العامة، والتأثير الثقافي، لما لها من دور حاسم في رسم صورة الدول في الخارج وتوسيع هامش حركتها في الفضاء الدولي. كما دعا إلى الاستثمار الجاد في البحث العلمي، وبناء مؤسسات فكرية قادرة على قراءة الاتجاهات الدولية وتقديم الدعم المعرفي لصنّاع القرار.
وأكد على أن المستقبل الدولي لا ينتظر أحدًا، وأن من لا يملك رؤية واضحة واستراتيجية استباقية سيكون خارج حسابات التأثير. مشيرًا إلى أن المرحلة المقبلة ستكافئ من يملك القدرة على الفهم العميق والتحرك الذكي.