«الإشراف للمرة الأولى»: سيدات يتولىّن المسؤولية لخدمة الحجاج: «نسعى لإثبات تميّزنا في العمل»

على مقربة من المصعد وقفت سيدة، تنظم صفوف الحجاج، تنادي عليهم بالاسم، وتبتسم وهي تذكر أحدهم «أوعى تنسى دوا الضغط»، وتهم بمساعدة حاجة في لملمة ردائها وهي تنصحها «مش قلنا نقصر العباية شوية عشان تعرفي تمشي».. مشهدها وسط الحجاج والدعوات التي انطلقت لها بالصحة والستر كانت تسعدها، لكنها تطلب وتزيد عليها «أدعولي أجي تاني وتالت ورابع..ونكون صحبة بأذن الله».
لا رابط بين الحاجة رانيا عزت غازي إحدى المشرفات في حج الجمعيات الأهلية لهذا العام وبين المجموعة التي تشرف عليها، سوى أن غالبيتهم من منطقة المرج، إذ تعمل الحاجة رانيا مدير إدارة المرج للتضامن الإجتماعي، لذا اختارت أن تشرف على مجموعة الحجاج من سكان المنطقة، وبالفعل تحقق طلبها وتكونت المجموعة من حجاج المرج والسلام وعين شمس وحدائق القبة.
المشرفات فاطمة ورانيا وسناء
سبق للحاجة رانيا أداء الفريضة بمفردها في 2013، ومن فرط الاشتياق والرغبة في خدمة الحجاج وأداء هذا الواجب العظيم، تقدمت ضمن بعثة الإشراف وفازت بشرف الاشتراك ضمن بعثة القاهرة التي تضم 9 مشرفين، تشهد الحاجة رانيا لحج الجمعيات بأنه الأكثر تنظيما بشهادة الجميع، ورغم الصعوبات المعتادة التي تقابل الحجاج كل عام، فإن هذا العام مختلف بشدة، بسبب التكامل بين فريق المشرفين ومحاولة الجميع المساعدة في كل وقت ولكل المجموعات، وحسب قولها: خدمة الحجاج مسؤولية وشرف وربنا يقدرنا نكون أدها، خاصة مع تزايد الإشراف النسائي وزيادة الاعتمادية على السيدات، فيجب أن نكون على قدر هذه المسؤولية.
ولا تصف رانيا انحيازها للمشرفات السيدات بأنه بسبب النوع، تؤكد أنها منحازة بسبب شهادات الحجاج أنفسهم، وتقدم الدليل لتميز السيدات في الإشراف مقارنة بالرجال: الإشراف النسائي الحمد لله أثبت نفسه بشهادة الحجاج، خاصة أن المرأة بطبعها ملمة بالتفاصيل ولديها القدرة على احتواء المشكلات وحلها، والتعامل مع الكبير والصغير، وأغلب الحجاج إما في أعمار أهلنا أو أصغر، وطبيعي ست وبتشتغل في ملف التضامن هتلاقيها مهتمة بتفاصيل ممكن الراجل ما يبقاش مهتم بها، واللي بنقدر نعمله بأيدينا بنحله على طول.
المشرفات فاطمة ورانيا وسناء
على مقربة منها كانت د.سناء عبدالنبي رمضان، دكتوراة في علم النفس جامعة كفر الشيخ، والتي تشرف على حجاج الجمعيات من المحافظة، سبق للدكتورة سناء أداء فريضة الحج 3 مرات، وعملها في جامعة بالسعودية سهل عليها أمورا كثيرة في التعامل داخل المملكة، وأصبحت بين حجاج الجمعيات هي الدليل لأماكن الشراء وجداول الزيارات، لكنها ورغم هذه الخبرة، لم تخف سعادتها البالغة بنجاحها في اختبارات الاشراف، تؤكد أن الصدفة والنصيب هما الذي قاداها للمشاركة في البعثة، تقول: كنت أرى توفيق الله في كل خطوة، منذ التقديم والاختبارات والمقابلة الشخصية، لحد ما ربنا كرمني وقبلوني، ودي أول سنة إشراف واطمع في تكرارها لأان خدمة الحجاج خدمة إنسانية عظيمة في الأساس.
أكثر ما يؤرق المشرفين بحسب د.سناء هو توفيق الحجاج في التسكين، وهي المرحلة التي لابد من التحضير لها جيدا، منذ اللقاءات التي تعقد قبل السفر، وإلمام المشرفين بكل ظروف الحجاج ومحاولة التعرف على طبائعهم، لتسهيل التسكين وفقا للنظام المعمول به، واستيعاب غضب البعض وطلبات اخرين، وتقول: الحمد لله اللقاءات التي عقدت في المحافظة قبل السفر قربت بيينا جدا وأعتقد أنني اعرف الحجاج جميعا في مجموعتي وهذا التوافق ساعد على خروج كل التفاصيل بصورة نموذجية وانعكس على نفسية الحجاج.. ورغم مشقة التجربة والحج وصعوبة النوم والراحة، لكن المتعة –بحسبها- موجودة في كل التفاصيل.
المشرفات فاطمة ورانيا وسناء
تجربة الحاجة فاطمة مصطفى حسين المراجع المالي بمديرية التضامن الاجتماعي بالقاهرة، كانت مختلفة جدا، فهي مشرف إداري، دورها داخل الفندق بالأساس، لكن هذا مختلف عن الواقع الذي تحكيه وبفخر: هو أنا أطول أخدم حجاج، ده شرف كبير، اللي بقدر أعمله بعمله، مش بقول دي مجموعتي ولا ده دوري، أنا هنا في خدمتهم، ربنا يسر لي التقديم والاختبارات ونجحت عشان أخدمهم.. استعانت الحاجة فاطمة بتجارب كل من سبقوها، وتشهد لهم: بصراحة قدمولي الدعم الكامل وسهلوا عليا المهمة اللي كنت مرعوبة منها، تؤكد الحاجة فاطمة أن اختلاف السمات بين الحجاج والتسكين أكثر مشكلة قابلتها، لكنها تغلبت عليها بالتفاهم والتواصل المستمر، مشيرة إلى أنه لا فارق بين حاج رجل وسيدة، وأنها مشرفة على مجموعة من 45، بينها 13 حاج رجل، تطمئن عليهم جميعا لحظة بلحظة«.
المشرفات فاطمة ورانيا وسناء
وردًا على سؤال «المصري اليوم» حول ساعات النوم والراحة، ضحكت الحاجة فاطمة وهي تقول: «النوم والراحة بنشوفهم في عيون الحجاج لما يبقوا مبسوطين ومعندهمش مشاكل، والحج مفهوش نوم فيه مشقة ومتعة، نحج ونفرح وربنا يرجع الوفد كله بالسلامة ونبقى ننام في بيوتنا«.