“كان يحلم بأن يصبح طبيبًا”.. «صغير أرض اللواء» يفقد عينه اليسرى نتيجة حادث مع علبتي عصير (فيديو)

“كان يحلم بأن يصبح طبيبًا”.. «صغير أرض اللواء» يفقد عينه اليسرى نتيجة حادث مع علبتي عصير (فيديو)

لم يكن عبدالحليم فهمى، يتوقع أن يبدأ يومه بصوت هاتف ابنته المرتجف وصرخات تقول: «الحقنا يا بابا.. أدهم بيضربوه» بحسب رواية الجد، فإنه وجد حفيده- بالصف الثاني الإعدادي- مربوطًا بسلك كهربائي ومصابًا بنزيف شديد في عينه اليسرى بعد اعتداء عنيف من صاحب محل بقالة بأرض اللواء في الجيزة، بسبب اتهام الطفل بعدم دفع ثمن عبوتى عصير، رغم حمله المال اللازم للسداد، إذ تعرض الصغير للضرب بماسورة ألومنيوم على رأسه وعينه، ما تسبب في انفجار قرنية عينه وفقدانه البصر بها، فيما ألقت الشرطة القبض على المتهم، الذي أقرّ بالتفاصيل، فيما لا تزال حالة المجنى عليه تثير قلق أسرته.

الطفل «أدهم»، 15 عامًا، حفيد «عبدالحليم» من ابنته الكبرى «نعمة»، غادر المنزل صباح ذلك اليوم إلى محل بقالة قريب من منزله، لشراء بعض العصائر، كما اعتاد في أيام المدرسة.

لكن المشوار القصير انتهى بكارثة ستغيّر حياته، إذ تعرّض داخل المحل لاعتداء من صاحب السوبر ماركت، الذي انهال عليه ضربًا بماسورة ألومنيوم على رأسه وعينه اليسرى، بعدما اتهمه بمحاولة السرقة، ما أسفر عن انفجار قرنية عينه وفقدانه البصر بها بشكل كامل.

بحسب شهادة الجد،- موظف متقاعد- لـ«المصري اليوم» فإن حفيده لم يهرب من الحساب، بل عاد ليدفع ثمن علبتى العصير، إلا أن صاحب المحل أمسك به، وطرحه أرضًا، وقيّده بسلك كهربائى، ثم بدأ في ضربه بشكل جنوني.

«رجع علشان يدى له الفلوس، لكن صاحب السوبر ماركت مسكه من هدومه، وقعه على الأرض، وربطه بسلك كهربا طويل، وبدأ يضرب فيه زى ما يكون مجرم»، يقول «عبدالحليم» بصوت مشوب بالغضب.

صاحب الماركت، وفقًا لرواية الجد وشهادات شهود عيان، استخدم ماسورة ألومنيوم مخصّصة للكابلات الكهربائية وانهال بها على جسد الطفل، خاصة على رأسه وعينه اليسرى، لمدة قُدّرت بنحو 16 دقيقة متواصلة، وهو مشدود اليدين بحبل كهربائى داخل المحل.

يضيف الجدّ: «الولد كان بيصرخ، والناس كانت واقفة بتترجّاه يسيبه، لكنه قال مش هسيبه.. وفضل يضرب فيه قدّام الكل».

«خالتي أنا مش شايف.. أنا مش شايف»

يحكى الجار «فراج»، عامل القهوة الذي حضر الواقعة، أن الطفل معروف في المنطقة، وعائلته من السكان القدامى، وأنه حاول تهدئة الموقف قائلًا لـ«وليد»: «ده حفيد عبدالحليم.. ولو عليه حاجة إحنا نجيبها»، لكن صاحب المحل رفض الاستماع، واعتدى على الجار أيضًا.

في تلك الأثناء، أبلغ «فراج» خالات الطفل ووالدته، اللاتى توجهن إلى المكان، وتمكّنّ الجد من تحرير «أدهم» من القيود عقب وصوله للمحل، بينما كان في حالة إعياء شديد ونزيف من رأسه وعينه.

«لقيناه مرمى على الأرض، مربط بسلك أبيض، ووشه كله دم، والعين كانت باينة إنها راحت»، تقول «أم تمارا» إحدى الخالات: «كان بيقول لنا بصوت واطى: خالتى أنا مش شايف، أنا مش شايف».

نُقل الطفل أولًا إلى مستشفى الموظفين بإمبابة، حيث خضع لعملية خياطة في الرأس استلزمت 7 غُرز، ثم إلى مستشفى الرمد، الذي حوّله بدوره إلى قصر العينى بعد اكتشاف خطورة إصابة العين اليسرى.

«الدكتور قال لى القرنية انفجرت، والعين خلاص فقدت البصر»، يضيف الجدّ: «قال لى لازم نتابع علشان العين التانية، لأن احتمال يحصل مضاعفات، وممكن يفقد الاتنين».

طفل أرض اللواء المجني عليه- تصوير: محمد القماش

القبض على المتهم بارتكاب الجريمة

«أدهم» الآن لا يرى بعينه اليسرى، يرتدى ضمادة دائمة، ويتنقل بين المراكز الطبية لفحص وضع العين الأخرى، يخضع لعلاج نفسى لمساعدته على تجاوز الصدمة، بعد أن أصبح يرفض الخروج من المنزل أو الحديث مع الغرباء.

التحقيقات التي باشرتها نيابة العجوزة، بناءً على بلاغ رسمى تلقاه المقدم أحمد فاروق، رئيس مباحث العجوزة، أفادت بإصابة الطفل «أدهم»، بانفجار في قرنية العين اليسرى نتيجة اعتداء عنيف من صاحب سوبر ماركت يُدعى «وليد»، يبلغ من العمر 40 عامًا.

ألقت أجهزة الأمن القبض على المتهم، وبمواجهته أمام جهات التحقيق، أقرّ بتفاصيل الواقعة، زاعمًا أن الطفل حاول مغادرة المحل دون دفع ثمن العصير.

لكن الجد يردّ مؤكدًا أن الطفل كان يحمل المال، بل إن صديقه هو من تراجع عن الشراء واكتفى بأخذ الكيكة، فيما قرّر «أدهم» إكمال عملية شراء العصير، قبل أن يتحوّل ذلك إلى كارثة ستغيّر مجرى حياته: «لو شايف إن الولد غلط، تعالى إحنا نحاسبه.. إنما ما ينفعش طفل يتربط ويتضرب كده!.. ابنى فقد عينه علشان علبتين عصير!».

طفل أرض اللواء المجني عليه- تصوير: محمد القماش

«نفسه يطلع دكتور لما يكبر»

لا تزال أسرة «أدهم» تتابع حالته الطبية، بينما ينتظر الجدّ من العدالة أن تأخذ مجراها، مؤكدًا أن حفيده «ما غلطش»، وأن «العين اللى راحت مش هيرجعها لا سجن ولا حكم».

يتابع «عبدالحليم» بصوت منخفض: «إحنا في بلد قانون، والمفروض اللى يعمل كده في طفل يتحاسب، أنا حفيدى كان رايح يشترى عصير، رجع لى بعين واحدة».. لا يزال أهل المنطقة، بحسب الجيران، في حالة صدمة، بعضهم أغلق محلاته لساعات، وآخرون علّقوا على صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعى: «الطفل مش كذاب.. والدم مايتسكتش عليه».

المدرسة التي يرتادها «أدهم» اطمئنت عليه لغيابه عن امتحانات نهاية العام، خصوصًا وأنه متفوق و«نفسه يطلع دكتور لما يكبر»، وفق جد المجنى عليه، الذي يقول إننا بنحاول نخفف عليه الصدمة مما تعرض له.

لكن «أدهم»، كما تقول والدته، «بيصحى مفزوع بالليل، وبيقول لى: هو ضربنى ليه؟ أنا كنت هادفع.. كنت هادفع».. يحاول الجد إنهاء الحديث لكنه يعود، يتوقف قليلًا، ثم يقول: «أنا مش عايز غير حقه، حفيدى دلوقتى كل ما يبص في المراية يسألنى: هو أنا كده هافضل طول عمرى بعين واحدة؟».. ثم يصمت، تنهمر دمعة واحدة على خده. يهز رأسه ويختم: «ربنا كبير».

جد طفل أرض اللواء المجني عليه- تصوير: محمد القماش

النيابة العامة أمرت بعرض الطفل المجنى عليه على الطب الشرعى لتقييم حالته الصحية وتوثيق الإصابات التي لحقت به، كما قررت النيابة احتجاز المتهم مدة 24 ساعة على ذمة التحقيقات، لحين ورود تحريات المباحث حول الواقعة، بالإضافة إلى ذلك، أمرت بتفريغ كاميرات المراقبة في محل البقالة والتحفظ على التسجيلات كأدلة هامة في القضية.