«شبكة للدعارة» واتهامات تشمل رؤساء: كل ما تحتاج معرفته عن «قضية إبستين» بعد ظهورها من جديد (تقرير)

بعد إشارة الملياردير الأمريكي، إيلون ماسك إلى تورط رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب في أكبر «فضيحة جنسية» والتي تعرف بـ«قضية إبستين»، عادت القضية للظهور.
وقبل ساعات، قال الملياردير الأمريكي عن ترامب، حان: «حان وقت تفجير القنبلة الحقيقية، دونالد ترمب موجود في ملفات إبستين، هذا هو السبب الحقيقي لعدم الكشف عنها، أتمنى لك يومًا سعيدًا، دونالد ترمب».
وولد الملياردير ورجل الأعمال الأمريكي في نيويورك عام 1953، وعمل في عدة مهن منها التدريس والاستثمار المصرفي، وكان معروفا بقربه من العديد من النجوم والساسة، حيث يعد من الشخصيات التي تتمتع بشبكة علاقات واسعة مع النخبة بالولايات المتحدة، كما كان معروفا بقربه من الرئيس الحالي، دونالد ترامب، الذي وصف إبستين مرة بأنه «رجل رائع».
قضية إبستين
فالملياردير ورجل الأعمال الأمريكي، جيفري إبستين، أدار شبكة للدعارة، واستغل منازله وجزيرة كان يملكها لارتكاب جرائم جنسية ضد فتيات قاصرات تتراوح أعمارهن بين «13 إلى 17 عاما»، إلى جانب تجنيد أخريات لتوسيع شبكته.
وظهرت القضية للعامة عام 2005 عندما حوكم إبستين بتهمة ممارسة الدعارة مع قاصر، لكن حكم عليه حينها بـ13 شهرا بعدما توصل لاتفاق مع الادعاء العام حماه من إجراء المزيد من التحقيقات.
وعادت قضية إبستين للتداول عقب مقال نشرته الصحيفة الأمريكية «ميامي هيرالد» أشارت فيه إلى ضحايا إبستين، فأعاد مدعون فدراليون مراقبته والتحقيق في القضية، ليكتشفوا أنه يدير شبكة للدعارة، وفي 6 يوليو 2019 تم اعتقاله من مطار «تيتربورو» في نيوجيرسي.
غموض حول وفاته
سرعان ما وجهت له تهمة الاستغلال الجنسي لقاصرين، وتهمة التآمر للقيام بالاتجار الجنسي بقاصرين، وهي تهم تصل عقوبتها إلى السجن 45 عاما، حيث أشارت وثائق الادعاء إنه كان يتاجر بالقاصرات، ويعرضهن للعبودية الجنسية، ويقدمهن لشخصيات غنية من مشاهير العالم؛ لتصدر محكمة في مانهاتن قرارا «بالحجز دون الإفراج بكفالة» عقب سماع أقواله.
وفي 10 أغسطس 2019 عثر على إبستين ميتا في زنزانته إثر إصابة في رقبته، وبسبب توسع شبكة الدعارة ووصولها إلى أفراد بارزين اعتبر البعض أنه قد قتل للتغطية على المتورطين معه، لكن الشرطة أعلنت فيما بعد أنه انتحر.
شريكته جيلاين ماكسويل
جيلاين ماكسويل، صديقة إبستين، وابنة اليهودي روبرت ماكسويل الإعلامي البريطاني ومؤسس دار نشر بيرجامون، تحمل الجنسية البريطانية والأمريكية والفرنسية، والتي تعد من المشاهير في الولايات المتحدة، تم اتهامها بأنها شريكة إبستين في شبكة الدعارة بعدما رفعت عليها فيرجينيا جوفري «ضحية وهي المدعية الرئيسية ضد إبستين» دعوى تشهير.
وتورطت ماكسويل في القضية عبر ممارستها عدة أنشطة ساهمت فيها بتوسيع شبكة الدعارة، وتجنيد الفتيات للعبودية الجنسية، وإعطاء مبالغ للفتيات اللائي يحضرن أخريات لـ«خدمات التدليك» ليكتشفن لاحقا أنها كانت بقصد آخر، إلى جانب عرضها أموال على أصدقاء الضحية جوفري لتكذيب أقوالها هي والضحايا الأخريات لتبرئة المتورطين.
واعتقلت ماكسويل في يوليو 2021، وحكم عليها بالسجن 20 عاما وبغرامة قدرها 750 ألف دولار سنة 2022، وأدينت بـ5 تهم من بينها تأمين فتيات قاصرات للدعارة من أجل إبستين وأصدقائه.
ادعاءات طالت أسماء بارزة بينها كلينتون
دخلت أسماء كبيرة في هذه القضية حيث تم ذكر الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون لكن لم يوجه اتهام له، فيما أشارت وثائق إلى تورط أستاذ القانون بجامعة هارفارد آلان ديرشوفيتز «المدافع عن إسرائيل في محكمة العدل الدولية ضد اتهامات الإبادة الجماعية في غزة» إلى جانب الأمير البريطاني أندرو.
فإلى جانب فرجينيا جوفري قدمت جوانا سيوبيرج، الكثير من الأدلة على تورط عدد من الشخصيات البارزة مع إبستين، متهمة الأمير أندرو بالاعتداء عليها 3 مرات عام 2001 بمنزل إبستين في لندن ونيويورك وجزيرة «ليتل سانت جيمس»، وعقب هذه القضية تم تجريد الأمير من ألقابه بسبب أفعاله مع الضحية ولم يحاكم، إذ دفع لها 13 مليون دولار.
وفي عام 2019، تم الكشف عن أول 2000 صفحة من ملفات القضية، وتبع ذلك الإعلان عن باقي الأجزاء في سنوات 2020، 2021، و2022، وأوائل عام 2024، التي أشاع ناشطون أنها نشرت في ذلك الوقت بالتحديد لإلهاء وتحويل الرأي العام الأمريكي عن الاهتمام بالوضع الإنساني داخل قطاع غزة، بسبب العدوان الإسرائيلي الذي بدأ في أكتوبر 2023.
والوثائق لم ترصد المتورطين فحسب، بل شملت أسماء أفراد يحتمل أن إبستين وشريكته قد وظفوهم لخدمتهم، لكن لم توجه إليهم المحكمة أي اتهامات، ومنهم الرئيس الأمريكي الاسبق، بيل كلينتون، الذي تقول الوثائق إنه استعمل طائرة إبستين الشخصية 4 مرات، حيث ذكرت الضحية سيوبيرج أنها لم تقابل بيل كلينتون، لكنها أدلت بشهادتها مشيرة إلى أن إبستين قالت إن «كلينتون يحبهن صغارا»، فيما بدا إشارة إلى الفتيات، وبينما كانت جوفري ذكرت أن كلينتون وإبستين تربطهما علاقة وثيقة، لكنها لم تتهمه بأي عمل غير قانوني.
ووفقا لوثائق الادعاء، فإن كلينتون قد هدد «مجلة فانيتي» إذا نشرت مقالا يزعم أن إبستين أسس شبكة للدعارة، وفي الوثائق نفسها، ادعت جوفري أيضا أن كلينتون كان على علم كامل بشبكة الدعارة التي كان يديرها إبستين.
كذلك أشارت سيوبيرج إلى أنها قابلت المغني الراحل، مايكل جاكسون في منزل إبستين في بالم بيتش، لكنها لم تقدم له أي «خدمات تدليك»، ولم توجه له أي تهم.
وأواخر عام 2023 أمرت القاضية المشرفة على القضية بنشر الدفعة الثالثة من الوثائق المرتبطة بالدعوى، وتضمنت أسماء سياسيين بارزين وغيرهم، ولم تذكر الأسماء جميعها في سياق الاتهام، إنما وثقت وجود علاقة بين إبستين والشخصيات المذكورة، أمثال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمغني مايكل جاكسون، إذ أكدت الوثائق زيارتهما لمنزل إبستين، لكن دون توجيه اتهامات واضحة تربطهما بشبكة الدعارة.
واحتوت الوثائق شهادات فيديو مسجلة بعضها لتيجوان أليسي مدبرة منزل إبستين بفلوريدا، وآخرين أقاموا في منزله.
وقالت أليسي إنها رأت الأمير البريطاني أندرو وزوجته سارة فيرجسون، وإنه أقام أسابيع في البيت، وحصل على «خدمة تدليك» يومية، كما ذكر ألفريدو روديجيز «الحارس الشخصي لإبستين» أنه أوصل مرارا نقودا من إبستين إلى «طالبات المرحلة الثانوية، ومن يساعدن في تجنيد الفتيات».
جزيرة «إبستين» وكر الجرائم
تقع جزيرة إبستين في البحر الكاريبي ضمن عدد من جزر العذراء الأمريكية، وبالنسبة لمواطني الولايات المتحدة فهي موطئ نظريات المؤامرة المتداولة محليا، فأطلقوا عليها عدة أسماء اشتهرت بها بينها «جزيرة العربدة» و«جزيرة المتعة»، حيث تبلغ مساحتها 75 فدانا، فيها محميات وبساتين، إذ كانت الجزيرة ملكا للملياردير إبستين منذ 20 عاما، وأقام فيها معظم الوقت.
وتم ذكر جزيرة إبستين في الدعوى الجنائية المرفوعة ضده بكونها كانت «المخبأ والملاذ الأمثل للاتجار جنسيا بالفتيات القاصرات وممارسة العبودية الجنسية وإساءة معاملة الأطفال.
وأوضحت وثائق الدعوى أيضا أن إبستين ورفاقه سعوا لتجنب اكتشاف نشاطهم في جزر العذراء والتخفي عن سلطات إنفاذ القانون الفدرالية، ومنع ضحاياهم الشابات والفتيات القاصرات من المغادرة بحرية والهروب من سوء المعاملة، وهو ما أكدته عدة شابات حاولن الفرار أثناء نقلهن للجزيرة.
وبعد انتحار إبستين بيومين دهم عملاء مكتب التحقيقات الفدرالي «إف بي آي» الجزيرة بحثا عن أي أدلة تتعلق بالقضية، ثم بيعت الجزيرة بنصف سعرها في مايو 2023 لمستثمر على أن يحولها إلى منتجع فاخر.
ماهي علاقته بإسرائيل؟
ربطت وثائق القضية أيضا بين إبستين ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك، إذ كان بينهما تعاون تجاري، فقد ساهم إبستين ماليا في مشاريع للأخير، مما جعله تحت دائرة الاتهام بالتورط في القضية.
ولم ينكر إيهود باراك صلته بإبستين، لكنه أنكر معرفته بشبكة الدعارة أو ممارسات إبستين عموما، لكن غريمه، رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو استغل هذه القضية فور اعتقال إبستين، وطالب بالتحقيق مع باراك، خاصة بعد تشكيل هذا الأخير حزبا بغرض الترشح للانتخابات.
كذلك عززت قضية ارتباطه بإسرائيل، ارتباط إبستين بالأسرة اليهودية ماكسويل، بداية بالوالد روبرت ثم لاحقا الابنة جيلاين، إذ دعم إبستين روبرت سابقا عندما كان على حافة الإفلاس، حيث يوجد تشابه في ظروف الوفاة بين إبستين وروبرت عام 1991، إذ يشاع محليا اغتيالهما على يد الموساد، رغم تأكيد انتحار الأول وموت الثاني غرقا لسقوطه خطأ.
إلى ذلك، ادعى ضابط المخابرات الإسرائيلي السابق آري بن ميناشي في حديثه مع قناة «روسيا اليوم» أن إبستين ووالد ماكسويل كانا عميلين إسرائيليين، وأن كل ما أشيع وقيل كان بهدف جمع معلومات استخبارية من شخصيات بارزة لصالح «الموساد» وابتزازها، لافتا إلى أن الأمير البريطاني أندرو أيضا تم استخدامه وسيطا لجلب شخصيات بارزة لإبستين، موضحا أن باراك كان على علم بكل ما كان يحدث، كذلك أكد وزير العمل الأمريكي السابق ألكسندر أكوستا أن إبستين كان يعمل لصالح الاستخبارات الإسرائيلية.