الاحتلال يعرقل المساعدات ويبتسم للعدسات.. ما خلف رحلة سفينة مادلين ودلالة اسمها

الاحتلال يعرقل المساعدات ويبتسم للعدسات.. ما خلف رحلة سفينة مادلين ودلالة اسمها

في طريقها إلى ميناء أشدود بالأراضي الفلسطينية المحتلة، نفذت وحدة «شايطيت 13» الإسرائيلية عملية خاطفة ضد سفينة «مادلين» في وقتٍ مبكر من فجر اليوم الإثنين لتمنعها من الوصول إلى قطاع غزة حاملةً على متنها مجموعة من النشطاء الدوليين الذين قرروا خوض الصعاب لتوصيل المساعدات الغذائية للفلسطينيين، ومن بين هؤلاء الناشطة البيئية السويدية جريتا ثونبرج التي أطلقت الرحلة من صقلية حتى تم اعتراضها بعد رفض تغيير مسارها بناءً على أوامر بحرية من الاحتلال بالابتعاد عن الشريط الساحلي لغزة.

«يخت السيلفي» بين الرواية الرسمية والانتقادات السياسية

وصفت وزارة الخارجية الإسرائيلية الرحلة بأنها «استعراض إعلامي»، مُطلقة على القارب اسم «يخت السيلفي»، وقالت في بيان إن السفينة اخترقت منطقة بحرية مغلقة بموجب حصار قانوني دولي، وزعمت أن حجم المساعدات الإنسانية التي تحملها لا يتعدى حمولة شاحنة واحدة، بينما أوضح جيش الاحتلال الإسرائيلي أن السفينة كانت تُراقب عبر طائرات مسيرة، وجرى التواصل معها من خلال قنوات اتصال دولية، قبل أن تُسيطر عليها القوات الخاصة دون وقوع إصابات.

قبيل تنفيذ عملية السيطرة، تحدث نشطاء السفينة عن تعرضهم لما أسموه «هجومًا نفسيًا»، تمثل في تحليق طائرات مسيرة فوق القارب، مؤكدين أن طائرة إسرائيلية رشّت مادة بيضاء «مهيّجة» على سطح السفينة، وتزامن ذلك مع انقطاع مفاجئ للاتصال بينهم وبين العالم الخارجي، تلاه نشر صور للناشطين وهم رهن الاحتجاز، ودعوات لحكوماتهم بالتدخل.

محاصرة ركاب سفينة مادلين

نشرت وزارة الخارجية الإسرائيلية لاحقًا مقاطع تُظهر جنود الجيش وهم يقدمون الطعام والماء لركاب السفينة، في رسالةٍ إلى العالم مفادها أنها لم تهاجم ركاب السفينة التي كانت تبحر في المياه الدولية غير الخاضعة لسيادة الاحتلال.

كما أعلنت خارجية إسرائيل أن جميع من كانوا على متن «مادلين» في حالة صحية جيدة، وفي الوقت نفسه، ظهرت جريتا ثونبرج في إحدى الفيديوهات التي تم بثها من السفينة، مبتسمة ومعنوياتها مرتفعة بحسب البيان الرسمي.

وكشف وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف جالانت، أن الجيش تلقى تعليمات لعرض تسجيلات لهجوم 7 أكتوبر على ركاب السفينة عند وصولهم لميناء أشدود، معتبرًا أن ذلك سيُريهم من هي «حماس الإرهابية» التي أتوا لدعمها، وفق تعبيره، مضيفًا أن العملية نُفذت بسلاسة لمنع محاولة «كسر الحصار» والدخول إلى غزة بطريقة غير قانونية.

لقطة أبرزتها خارجية الاحتلال للناشطة السويدية جريتا ثونبرج خلال السيطرة على السفينة

لحظات التوتر: الإنذار ثم المحاصرة والتصعيد

بدأت مؤشرات التصعيد عند حوالي الساعة 1:15 فجرًا، حيث وردت رسائل من على متن السفينة تُفيد بصدور صفارات إنذار واستعداد لارتداء سترات النجاة، وتحدث الناشط البرازيلي تياجو أفيلا لاحقًا عن «حالة حصار بحري»، وأن أضواء كثيفة أحاطت بالسفينة، لاحقًا، أكد أن تلك الإنذارات كانت «كاذبة»، وأن القوات البحرية تراجعت لبعض الوقت قبل أن تعاود الإقتراب.

وقبل تنفيذ عملية الاقتحام، تحدثت الناشطة ياسمين عجار من على متن السفينة قائلة إنهم اقتربوا من شواطئ غزة، وأن أربعة زوارق بحرية إسرائيلية حاصرتهم، اثنان منها اقتربا لمسافة 200 متر فقط، واعتبرت ما جرى «جزءًا من حرب نفسية مدروسة»، مؤكدة أنهم لم يكونوا مسلحين ولا ينقلون إلا مواد إغاثة رمزية، وفقًأ لصحيفة «يديعوت أحرونوت».

نقلت صفحة «إسرائيل تتكلم بالعربية» على «فيسبوك» بيان وزارة الخارجية القائل إن السفينة كانت تحمل «حوالي 100 كيس طحين فقط»، مقارنة بأكثر من 1200 شاحنة مساعدات دخلت غزة خلال أسبوعين، مشيرةً إلى أن ما حدث لا يتعدى كونه حملة دعائية هدفها كسب التأييد الإعلامي، مستهجنةً محاولات استغلال القضية عبر مواقع التواصل، بحسب وصفها.

وبمجرد سحب السفينة إلى ميناء أشدود، تولت الشرطة الإسرائيلية متابعة إجراءات التحقيق مع ركاب سفينة مادلين وقال جيش الاحتلال إن القافلة كانت محاولة «استفزاز سياسي» وليست حملة إنسانية حقيقية، متهمًا بعض المشاركين بمحاولة إحداث ضجة دولية، عبر وسائل الإعلام والمؤثرين على الإنترنت.

مادلين كلاب

اختيار اسم مادلين للسفينة لم يكن صدفة، بل تكريمًا لـ مادلين كلّاب، أول فتاة فلسطينية تعمل في الصيد البحري في قطاع غزة، فمنذ سن الثالثة عشر، تولّت مادلين مهمة إعالة أسرتها بعدما أصيب والدها الصياد، وواصلت عملها رغم تدمير قاربها أكثر من مرة على يد الاحتلال.

وفي حرب الإبادة الجماعية الأخيرة، فقدت مادلين كُلّاب (31 عامًا)، وهي أم لأربعة أطفال وحامل بطفلها الخامس، والدها ومركبها ما جعل قصتها رمزًا للصمود النسوي في غزة، وسببًا لتسمية ذلك القارب باسمها في إشارة إلى تحدي الاحتلال الإسرائيلي في البحر كما في الأرض.