في مثل هذا اليوم، 11 يونيو 1882: أحداث مذبحة الإسكندرية

في مثل هذا اليوم، 11 يونيو 1882: أحداث مذبحة الإسكندرية

في أعقاب نجاح الثورة العرابية استجاب الخديو توفيق لمطالبها وعزل رئيس الوزراء رياض باشا وكلف شريف باشا بتشكيل الوزارة، واستقال شريف باشا بسبب سماح الخديو بتدخل البريطانيين في شؤون مصر، وتم تكليف البارودى بتشكيل الوزارة وجاء عرابى وزيرا للحربية ونشب خلاف بين الخديو والبارودى واستثمرته بريطانيا وفرنسا للتدخل بشؤون البلاد،وطلب قنصلا فرنساوإنجلترا استقالة الوزارة وإبعادعرابى، واعتبر البارودى هذا تدخلًا في شؤون البلاد،لكن الخديو استجاب لمطالب الدولتين فاستقال البارودى وبقى عرابى بمنصبه لتمسك حامية الإسكندرية به وانتهزت بريطانيا فرصةتجديد حصون وقلاع الإسكندرية وأرسلت لقائد حامية الإسكندرية إنذاراً بوقف التحصين والتجديد فرفض وانتهى الأمر بمذبحة الإسكندرية التي وقعت «زي النهارده» في 11 يونيو 1882.

مذبحة الإسكندرية – صورة أرشيفية

غير أن هناك حدث آخر وقع في الإسكندرية يمكن اعتباره أحد المقدمات لهذه المذبحة وهناك كتاب مهم للصحفية، أمل الجيار،بعنوان«يوميات إسكندرية 1882»صدرعن مكتبة الإسكندرية ضمن سلسلة إصدارات ذاكرة مصر المعاصرة وتضمن على نحو درامى وتوثيقى وتفصيلى لمذبحة الإسكندرية بدءاً من مقدماتها ثم وقوعها وصولاً إلى تداعياتها وتمثلت وقد تضمن هذا الحدث أيضا الذي يعد من مقدمات ودوافع إقدام بريطانيا على هذه المذبحة وقد أورده المؤرخ عبدالرحمن الرافعي أيضا في كتابه«الزعيم الثائرأحمد عرابى وقد وقعت هذه الحادثة قبل قصف الإسكندرية بنحو شهر ففي يوم الأحد 11 يونيو 1882، في نحو الساعة الثانية بعد الظهر، وقع شجار بين أحد المالطيين من رعايا الإنجليزوأحد الأهلين يدعى»السيد العجان«كان المالطي هو البادئ فيه بالعدوان، فقد كان الوطني صاحب حمار ركبه المالطي، وأخذ يطوف به من صبيحة النهار متنقلًا من قهوة إلى أخرى، وانتهى طوافه إلى حانة»خمارة«قريبة من قهوة القزاز بالقرب من مخفر اللبان بآخر شارع»السبع بنات«فطالبه الوطني بأجرة ركوبه، فلم يدفع له سوى قرش صاغ واحد، فجادله في قلة الأجر، فما كان من المالطي إلَّا أن أشهر سكينًا طعنه بها عدَّة طعنات دامية مات على إثرها.

فهرع رفاق القتيل إلى ذلك المكان، يريدون أن يمسكوا بالقاتل، ولكنه فرَّ لأحد المنازل المجاورة، وأخذ المالطيون واليونانيون الساكنون بالقرب من مكان الحادث يطلقون النار على الأهلين من الأبواب والنوافذ، فسقط كثيرمنهم بين قتيل وجريح، فثارت نفوس الجماهيرتطلب الانتقام لمواطنيهم، وتحركت طبقة الدهماء للاعتداء على الأوروبيين عامة، فأخذوا يهجمون على كل من يلقونه منهم في الطرقات أو في الدكاكين ويوسعونهم ضربًا،وكان سلاحهم بهذه المعركة العصي والهراوات وكان الأوروبيون من ناحيتهم يطلقون الرصاص من النوافذ على الأهلين، فقُتل من الجانبين خلق كثير وإذ كان البادئ بالعدوان أحد الرعايا «المالطيين»وشاهده بعض الحاضرين يلوذ بالفرارلمنزل يسكنه مواطنوه، فقد أرسل قسم اللبان إلى المستر كوكسن قنصل إنجلترا لإيفاد أحد موظفي القنصلية لكي يخرج المعتدي من ذلك المنزل، فحضر المستر كوكسن بنفسه أثناء اشتداد الهياج، فأصيب بضربة حجر وعصا جرح بسببها جرحا بليغا، وجرح أيضا في ذلك اليوم قنصل اليونان وقنصل إيطاليا،فكانت إصابة القناصل من مظاهرخطورة الحالة وكان عمر باشا لطفي محافظ المدينة حين بدأت الحادثة،يتولى رياسة قومسيون تحقيق الجمرك بدارالمحافظة،فأبلغه أحد موظفي الضبطية نبأ الشجار الذي وقع بين الوطني والمالطي، وكان ذلك في نحو الساعة الثالثة بعد الظهر، فأوفد حسين بك فهمي وكيل المحافظة إلى مكان الواقعة لفض الخلاف، ثم جاء بعد ربع ساعة نبأ باستفحال الفتنة وتجسمها، وأن السيد بك قنديل مأمور الضبطية مريض في منزله، فذهب بنفسه إلى جهة الواقعة بشارع السبع بنات.وبلغ عدد القتلى في هذه الحادثة 49 منهم 38 من الأجانب والباقون من الأهلين.