دعوة للاستماع إلى أصوات النساء: انطلاق فعاليات معرض «سيمفونية الديك البرابر»

بدعوة من جاليرى أرك دى نويسيس، فى العاصمة الإيطالية روما، وبحضور كوكبة من الشخصيات العامة والمفكرين والفنانين، وبتنسيق القيم الفنى روسانا بلاسيدى، افتتح الفنان وسيم إمام معرضه الفردى بعنوان «سيمفونية ديك البرابر»، فى هذا المعرض يُبدع الفنان وسيم إمام أوبرا سريالية عن المقاومة النسائية وإعادة الابتكار، كاشفًا عن سلسلة مدهشة من الصور الفوتوغرافية المفاهيمية مُعدّة بدقة تسبر أغوار تجربة المرأة المعاصرة بين القهر والتحرر، بين السخرية والوعى فى توليفة بصرية حادة وسريالية.
حيث يلطخ أحمر الشفاه الوجه كالجروح، ويتدلى الأطفال كأعباء، وتتفتح زهور عباد الشمس من تحت الإبط كصلوات غريبة، فى حين أن اسم المعرض «ديك البرابر»، هى استعارة لأسطورةٌ ذكوريةٌ تُرمّز إلى التقاليد والتميز والمفاهيم المغلوطة للتقليل من شأن الأنثى والسيطرة عليها.
من أعمال المعرض
تقول المنسق روسانا بلاسيدى، إن المعرض هو مزيجٌ آسرٌ من السريالية المسرحية والبورتريه المعاصر. إمام لا يصور الأشخاص، بل يُعيد بناءهم داخل مشاهد متخيلة، لكنها مشبعة بالحقيقة. منذ اللحظة الأولى لمشاهدتى لأعمال وسيم إمام، أدركت أننى أمام فنان لا يلتقط صورًا فحسب، بل يخلق عوالم ويستخدم لغة بصرية تثير التراكيب بها توتراً من خلال مواجهة المتلقى بالكثير من الأسئلة والتناقض ما بين العبءٌ والجمال، الصمتٌ والصراخ، الهشاشةٌ والقوة، الأداء مع الشلل، الألم والاحتفال. وترى بلاسيدى أن الأعمال المعروضة بها مسحة قوية لما بعد الإنسانية وما بعد النسوية، حيث إن النساء لسن مجرد أشياء، بل رمزيات مشحونة وأوعية للنقد والمقاومة وسرد قصص سريالية. تُضفى الإضاءة المتحكم بها والتأطير المتعمد والأزياء على الشخصيات طابعًا رمزيًا كل ذلك لجعل العبث مُقنعًا.
ويقول الفنان نيو دى بولو إن الصور المعروضة تتنوع بين النقد الرمزى للعلاقات، الأمومة، الهوية، والاغتراب النفسى، مرورًا بمشاهد مشحونة من الإيحاءات الاجتماعية والثقافية، وتلفت أن إمام استخدم تدرجات ألوان مفرطة فى الواقعية لإعادة تصور السرد الأنثوى بعيدًا عن النظرة الذكورية، بحيث تبدو كل صورة فى المعرض وكأنها إطار من مسرحية عبثية غير مكتوبة تحمل معانى بصرية ونفسية مكثفة ومع ذلك مألوفة بشكلٍ لاذع. وتوضح أن النساء فى المعرض يظهرن وهن يتعرضن لمواقف صعبة، ومع ذلك فإنهن ينهضن، ويتطورن، ويتألقن فى عوالمهن الرمزية الخاصة.
يتحدث الفنان وسيم إمام عن معرضه قائلاً، تفاعل الجمهور كان مذهلاً، وشعرت بأن الصورة عندما تصدق وتواجه، فإنها تفتح بابًا للحوار مع جمهور متعطش للصدق والتعبير العميق. وعلاقتى بالجمهور ليست علاقة من البرج العاجى، بل تفاعلية وأحيانًا الجمهور يقرأ العمل بشكل لم يخطر فى بالى.
وأشار إمام إلى التحديات التى واجهته، قائلاً إن التصوير المفاهيمى بهذا الشكل يتطلب وقتًا وجهدًا جماعياً وفكريًا ونفسيًا، من اختيار الرموز، وتصميم المشهد، والتفاعل مع الموديل، كلها عناصر معقدة. واجهت تحديات إنتاجية، وأخرى تتعلق بحدود التلقى فى المجتمع، لكن كل ذلك يزول عندما أرى صورة واحدة تُحدث تأثيرًا.
ويرى إمام أن الصورة اليوم هى سلاح فكرى وثقافى. فى عالم مزدحم بالصور التجارية والمزيفة، نحاول كفنانين أن نعيد الاعتبار للصورة كأداة فكر، مقاومة، وتحرر. الصورة المفاهيمية تُعيد صياغة الواقع وتفتح جروحًا نحتاج لرؤيتها كى نبدأ فى مداواتها.
ويختم إمام حديثه قائلاً: «سيمفونية ديك البرابر» هى دعوة للإنصات إلى أصوات النساء، خارج القوالب ومشهد حسى للأنوثة – كما عاشتها، وورثتها، وأُعيد تخيلها. إنه تمردٌ فوتوغرافى على السلبية، وهجاءٌ للأدوار المفروضة، وفوق كل شىء، احتفالٌ بالصمود فى وجه العبث.
وسيم إمام كأصوات ناصعة فى معركة الوعى. وسيم إمام، فنان تشكيلى، من مواليد القاهرة عام ١٩٨١. وهو عضو جمعية المصورين المصرية (EPS)، وعضو اتحاد المصورين العرب (UAP). وهو يدعم حملة تاء مربوطة، وهى أكبر حملة لتمكين المرأة المصرية. شارك فى معارض محلية ودولية وحصل على عدد من الجوائز وشهادات التقدير.