إلغاء جميع العقوبات الأمريكية والدعم العربي: الاقتصاد السوري ينتظر التحسن بعد قرارات ترامب

تترقب سوريا إصدار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرا تنفيذيا لإزالة «كل العقوبات»، بحسب مسؤول أمريكي، لتبدأ مرحلة جديدة من التحرر الاقتصادي الذي يساعدها على جذب الاستثمارات الأجنبية مجددا، وتجاوز مرحلة العقوبات الأمريكية التي فرضت خلال فترة حكم نظام الرئيس السابق بشار الأسد.
ومرت سوريا بسنوات من عدم الاستقرار بسبب الاحتجاجات الشعبية ضد النظام السابق التي تحولت إلى حرب أهلية طاحنة عصفت بالبلاد واقتصادها ودمرت البنى التحتية، لتعمل الإدارة الجديدة بقيادة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع على تصحيح الأوضاع مرة أخرى، ودفع دمشق إلى الأمام من خلال انتعاش الاقتصاد وجذب الاستثمارات الأجنبية في شتى المجالات، وعلى رأسها إعادة الإعمار.
إلغاء جديد للعقوبات
تستعد إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإصدار قرارات برفع مجموعة كبيرة من العقوبات التي وقعتها واشنطن على سوريا على مدار السنوات الماضية، لمساعدة الإدارة الانتقالية في دمشق على تحسين الأوضاع ومعالجة الأزمات الاقتصادية بلا قيود أو عقوبات.
ونشر موقع «المونيتور» نقلا عن مسؤولين أمريكيين، أن ترامب بصدد إصدار أمرا تنفيذيا جديدا يلغى بموجبه عددا كبيرا من العقوبات الموقعة على سوريا من قبل، على أن يكون ذلك الإجراء خلال الأيام المقبلة، وعلق أحد المسؤولين الأميركيين على القرار قائلا: «سيكون إلغاء كاملا للعقوبات المفروضة على سوريا».
وكانت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلنت تخفيف العقوبات على سوريا في 23 مايو الماضي، والتي شملت إصدار ترخيص عام يسمح للأميركيين بالتعامل المالي مع كيانات حكومية سورية، مثل المصرف المركزي، وشركات النفط المملوكة للدولة وشركات الطيران الوطنية في سوريا، مما يساهم تدريجيا في تحرر الاقتصاد السوري.
وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية تعليق «قانون قيصر» لمدة 6 أشهر، وهو قانون أقره الحزبان الديمقراطي والجمهوري لفرض عقوبات على نظام الأسد وداعميه والمساهمة في عزله بعد الانتهاكات التي وثقت ضده بحق المدنيين خلال الحرب الأهلية، وأدى القانون إلى توسيع العقوبات الأميركية على دمشق بداية من عام 2020، بعد أن كانت تُفرض بشكل تدريجي منذ بداية الأحداث في سوريا عام 2011.
وبموجب القرارات المرتقبة لترامب، سيصبح من حق الشركات الأميركية إعادة تصدير منتجاتها إلى سوريا مرة أخرى، والتعامل ماليا مع المصارف الرسمية والحكومية في البلاد دون قيود، مما يسمح لاقتصاد دمشق بتنفس الصعداء مرة أخرى.
وكان وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، قد أشار في وقت سابق خلال الشهر الماضي أن رفع العقوبات عن سوريا أمرا ضروريا لتجنب انهيار الحكومة السورية والعودة إلى الحرب الأهلية ومرحلة عدم الاستقرار التي تؤثر سلبا على السكان والمنطقة بأسرها.
وحتى يتحرر الاقتصاد السوري بشكل شبه كامل من القيود المفروضة عليه، أعلن المصرف المركزي إعادة ربط سوريا بنظام المدفوعات المالية الدولية «سويفت» خلال أسابيع قليلة، بعد أن تجمد لأكثر من عقد، ليصبح التحويل من وإلى البلاد أمرا سهلا وأكثر سلاسة.
دفعة عربية
وتقدم الدول العربية يد العون إلى الحكومة السورية لمساعدتها على التقدم إلى الأمام وانتشال الاقتصاد المُنهك من حالة الانهيار إلى مرحلة الازدهار خلال الأيام القادمة، ومن بين أبرز الخطوات التي تساعد على ذلك هي إعادة الطيران المباشر من وإلى سوريا.
وكانت الإمارات العربية المتحدة قد أعلنت استئناف رحلات الطيران المباشر من وإلى سوريا من خلال شركتي «فلاي دبي» و«طيران الإمارات»، ليعلق مدير العلاقات العامة في الهيئة العامة للطيران المدني السوري، علاء صلال، في تصريحات لوكالة الأنباء السورية «سونا» قائلا: «عودة الطيران الإماراتي إلى دمشق تمثل دفعة مهمة لشركات طيران أخرى لاستئناف عملياتها عبر مطار دمشق الدولي».
وباستئناف الطيران المباشر بلا قيود من وإلى دمشق، ستتحسن العمليات التجارية وتتعافى السياحة السورية، كما سيتمكن العاملين والمستثمرين من الذهاب والعودة بسهولة لمباشرة أعمالهم في المدن السورية، والبحث عن فرص جديد للاستثمار في بيئة خصبة ومتعطشة لمختلف أنواع الاستثمارات.
وكانت وكالة الأنباء السورية قد أعلنت عن شراكة بين شركة موانئ دبي العالمية «دي بي ورلد»، والهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية السورية، بقيمة 800 مليون دولار، لتطوير ميناء طرطوس في منطقة الساحل السوري، وتأسيس مناطق صناعية حرة وموانئ جافة ومحطات عبور للبضائع في مواقع استراتيجية داخل سوريا، لإحداث نقلة نوعية في البنية التحتية البحرية والتجارية.
ونجحت سوريا في لفت أنظار كبار المستثمرين العرب، ليعلن خلف الحبتور مؤسس ورئيس مجلس إدارة مجموعة الحبتور الإماراتية، قيامه بزيارة رسمية إلى سوريا خلال أيام على رأس وفد رفيع المستوى من مجموعته يضم كبار المدراء التنفيذين، لبحث فرصة الاستثمار ودراسة سبل إعادة الإعمار في البلاد، والعمل على التعاون مع الحكومة السورية بشكل مثمر.
واعتبر الحبتور أن الاستثمار في سوريا يأتي كجزء من «الواجب الأخلاقي والاقتصادي من أجل بناء مستقبل مزدهر لسوريا»، مشيرا إلى ثقته الكبيرة في دمشق ورغبته في إنشاء مشاريع نوعية تخلص فرص عمل وتدفع عجلة النمو إلى الأمام.