شامخًا بـ”جرانيت وردي” … رحلة تمتد لـ 200 عام لـ “رمسيس الثاني” تصل إلى المتحف المصري الكبير.

بمجرد أن تطأ قدماك داخل المتحف المصري الكبير، وبالتحديد في ساحة البهو الرئيسي بالمتحف، تشاهد تمثالًا ضخمًا يقف في شموخ، ليكون أول ما تراه عين الزائر عند دخول المتحف هذا التمثال الضخم الفريد، هو تمثال الملك رمسيس الثاني (رمسيس الأكبر) أشهر ملوك الدولة الحديثة، حيث خلف والده الملك (سـيتي الأول)، وأصبح ملكًا في سن ما بين الخامسة والعشرين والثلاثين من العمر، وتمتع بحكم طويل يصل لنحو سبعة وستين عامًا، كما ترك كمًا مهولاً من الآثار والنقوش.
اكتشاف تمثال رمسيس الثاني
مر تمثال الملك رمسيس الثاني منذ اكتشافه عام 1820م بالعديد من الرحلات والتنقلات بين عدد من المواقع المصرية، إلى أن استقر داخل البهو الرئيسي للمتحف المصري الكبير، ليكون أكبر قطعة أثرية داخل المتحف شاهدة على براعة واتقان المصريين القدماء، حيث تم نقله أول مرة قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام من محاجر أسوان جنوبي مصر إلى مدينة منف، عاصمة مصر الموحدة في ذلك الوقت – ميت رهينة حالياً – جنوبي القاهرة ليستقر أمام معبد الإله «بتاح».
تم اكتشاف تمثال الملك رمسيس الثاني عن طريق عالم الآثار الإيطالي «جيوفاني كافيليا» عام 1820م، وهو مكسر لستة أجزاء، في «معبد ميت رهينة العظيم» قرب ممفيس في مصر التابعة لمركز ومدينة البدرشين بالجيزة، وحاول نقله إلى إيطاليا إلا أنه لم يستطع بسبب ثقل وزن التمثال، والتمثال منحوت من الجرانيت الوردي ويزن 83 طناً بارتفاع نحو 12 متراً، ويعود إلى 3200 عام.
نقل تمثال رمسيس الثاني
في عام 1955م، أصدر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر قراراً بنقل تمثال الملك رمسيس الثاني إلى ميدان «باب الحديد» في القاهرة رمسيس حاليًا، ثم نقل مرة أخرى عام 2006 حفاظاً عليه من عوادم السيارات ليستقر في موقعه الحالي في بهو المتحف المصري الكبير، وفى 25 يناير 2018م، قامت وزارة السياحة والآثار بالتعاون مع شركة المقاولون العرب بنقل التمثال مسافة 400 متر، ليستقر في مكانه النهائي بالبهو الرئيسي بالمتحف المصري الكبير.
وقام المرمم المصري الراحل أحمد عثمان بتجميع التمثال واستكمال الساق والقدم الناقصتين، إلى جانب ترميم التاج الملكي وبعض الأجزاء الصغيرة في التمثال، وأقيم التمثال وهو واقفا في الميدان وأقيمت له نافورة لكي تزين الميدان الذي يحمل اسمه، لكن تمت إزالتها قبل نقل التمثال في عام 2006.
والملامح الفنية لتمثال الملك رمسيس الثاني، تظهر ملامح بروز الصدر والجسد والملك في وضع الوقوف، وهو يقوم بتقديم ساقه اليسرى للأمام، ويرتدى النمس ويعلوه التاج المزدوج، وهو التاج الأحمر والذي يمثل الشمال وهي الدلتا وتاج الأبيض، والذي يمثل الجنوب، وتظهر لحيته مستقيمة وهو يرتدى النقبة القصيرة ويوجد خنجراً في حزام النقبة.
وتم وضع التمثال بطريقة هندسية حتى تتعامد أشعة الشمس على وجه تمثال الملك رمسيس الثاني، داخل مقره الأخير ببهو المتحف المصري الكبير، تزامناً مع تعامد الشمس في معبده في أبوسمبل يومي 21 أكتوبر و21 فبراير.