باحثون يكتشفون عالماً ضائعاً منذ 30 مليون سنة تحت القارة القطبية الجنوبية

أعلن باحثون دوليون عن اكتشاف عالمًا مفقودًا، يعود تاريخه إلى أكثر من 30 مليون عام، ويقع على عمق أكثر من ميل تحت جليد القارة القطبية الجنوبية، وربما كان مليئا بالأنهار والغابات.
لم تكن أنتاركتيكا دائمًا أرضًا جليدية مهجورة، إذ أعلن باحثون دوليون عن اكتشاف عالم مفقود عمره أكثر من 30 مليون عام تحت جليد أنتاركتيكا، ربما كان يعج بالأنهار والغابات، وربما حتى بأشجار النخيل.
وقال البروفيسور ستيوارت جاميسون، الجيولوجي من جامعة دورهام في إنجلترا والمؤلف المشارك للدراسة الرائدة التي نشرت في مجلة «نيتشر كوميونيكيشنز»، بحسب صحيفة «ذا إيكونوميك تايمز»: «هذا الاكتشاف يشبه فتح كبسولة زمنية».
وبدأت الأعمال الميدانية لدراسة كسر الجليد في عام 2017، عندما كان الفريق يحفر في قاع البحر لاستخراج الرواسب من نظام بيئي مدفون تحت الجليد. قال البروفيسور ستيوارت جاميسون، أحد المشاركين في الدراسة: «إن الأرض الواقعة تحت الغطاء الجليدي في شرق القارة القطبية الجنوبية أقل شهرة من سطح المريخ».
وعند تحليل هذه الرواسب، عثر الباحثون على نظام بيئي قديم مدفون على عمق يزيد عن ميل تحت الجليد.
وقدر الباحثون أن إجمالي مساحة المناظر الطبيعية الواقعة في ويلكسلاند، شرق القارة القطبية الجنوبية، تزيد عن 12 ألف ميل مربع، أي ما يعادل تقريبا حجم ولاية ماريلاند، حسبما ذكرت صحيفة ديلي ميل.
قال جيمسون: «الأرض الواقعة تحت الغطاء الجليدي في شرق القارة القطبية الجنوبية أقل شهرة من سطح المريخ. ونحن ندرس جزءًا صغيرًا من هذا المشهد بمزيد من التفصيل لمعرفة ما يمكن أن يُخبرنا به عن تطور المشهد وتطور الغطاء الجليدي».
وباستخدام أدوات متقدمة مثل الرادار الأرضي، تمكن الفريق من تحديد مواقع كتل من الأرض المرتفعة يبلغ طولها 75 و105 أميال وعرضها يصل إلى 53 ميلًا، والتي كانت مفصولة يصل عرضها إلى 25 ميلاً وعمقها يصل إلى 3900 قدم تقريباً.
وكشف تحليل أعمق أن هذه الكتلة الأرضية تحت الجليدية «من المرجح أنها لم تتعرض للتآكل بفعل الغطاء الجليدي» ومن المرجح أنها «تشكلت بفعل الأنهار»، بحسب جاميسون.
وهذا يعني أن المشهد ما قبل التاريخ ربما يكون قد تشكل قبل أول جليد واسع النطاق في القارة القطبية الجنوبية منذ 34 مليون سنة. عندما بدأت قارة جندوانا العظمى بالتفكك، خلقت الكتلة الأرضية المتحركة شقوقًا عميقة وأدت إلى ظهور التلال الشاهقة المذكورة أعلاه.
خلال هذه الفترة، من المرجح أن المنطقة كانت تتميز بأنهار متدفقة وغابات كثيفة في مناخ معتدل أو حتى استوائي وهي النظرية التي يدعمها اكتشاف الفريق لحبوب لقاح النخيل القديمة بالقرب من الموقع، حسبما ذكرت صحيفة إيكونوميك تايمز.
وفي الوقت نفسه، احتوت الرواسب التي عثر عليها في المستودع على كائنات دقيقة، مما يشير إلى بيئة مختلفة تماما حيث كانت البحار أكثر دفئا والتنوع البيولوجي أعظم.
قال جيميسون: «من الصعب أن نقول بالضبط كيف كانت تبدو هذه المناظر الطبيعية القديمة، ولكن اعتمادًا على مدى العودة إلى الوراء، ربما كان المناخ يشبه باتاجونيا الحديثة، أو حتى شيئًا استوائيًا».
وبعبارة أخرى، فإن تحول القارة القطبية الجنوبية إلى اللون الأخضر ليس بالضرورة ظاهرة حديثة.
ومع برودة المناخ العالمي، غطت الطبقة الجليدية القادمة، القارة، وأوقفت عملية التآكل، مما أدى فعليًا إلى تجميد النظام البيئي تحت الجليدي بمرور الوقت تمامًا مثل الماموث الصوفي المكون من كتل جليدية.
أوضح جاميسون قائلاً: «يسجل التاريخ الجيولوجي لأنتاركتيكا تقلبات كبيرة. لكن هذه التغيرات المفاجئة لم تتح للجليد سوى وقت قصير لتغيير المشهد الطبيعي تحته بشكل كبير».
وعلى الرغم من فترات الدفء اللاحقة، مثل منتصف العصر البليوسيني منذ حوالي 3 ملايين سنة، فإن القشرة الجليدية للمنطقة لم تتراجع أبدًا بما يكفي لكشف هذه التضاريس تحت الجليدية.
ويأمل الفريق أن يساعد تحليل بنية وتطور المناظر الطبيعية المخفية -أي كيف تشكلت بواسطة الجليد في عصور ما قبل التاريخ- الخبراء على التنبؤ بأنماط الذوبان اليوم بشكل أكثر دقة.
وقال جاميسون: «يساعدنا هذا النوع من النتائج على فهم كيفية تشابك المناخ والجغرافيا، وما يمكننا توقعه في عالم يشهد ارتفاعًا في درجات الحرارة».