تعديلات قانون الإيجار القديم تُثير النقاش.. البرلمان يسعى لتحقيق “العدالة المتأخرة”

تعديلات قانون الإيجار القديم تُثير النقاش.. البرلمان يسعى لتحقيق “العدالة المتأخرة”

يشهد مجلس النواب المصري مناقشات موسعة ومصيرية حول التعديلات المقترحة على قانون الإيجار القديم، وسط حالة من الترقب والجدل بين ملايين من الملاك والمستأجرين، في ظل مشروع قانون حكومي يُعد الأكثر جرأة منذ عقود في التعامل مع هذا الملف الشائك.

رفع الإيجارات وإنهاء تدريجي للعقود

يتضمن مشروع القانون المقترح رفع القيمة الإيجارية للوحدات السكنية إلى 20 ضعف القيمة الحالية، على ألا تقل عن 1000 جنيه في المدن و500 جنيه في القرى. كما حدد المشروع فترة انتقالية مدتها 5 سنوات، يتم بعدها إنهاء العلاقة الإيجارية ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك.

أما بالنسبة للوحدات غير السكنية، فيُقترح رفع الإيجار إلى 5 أضعاف القيمة الحالية، مع زيادة سنوية بنسبة 15%، وهو ما أثار انقسامًا حادًا بين المستفيدين والمتضررين من التعديلات.

مخاوف ومطالب متباينة

المستأجرون عبّروا عن مخاوفهم من فقدان المأوى وغياب البدائل المناسبة، معتبرين أن الزيادات المقترحة تهدد الاستقرار الاجتماعي، بينما يرى الملاك أن الوقت قد حان لتحرير العلاقة الإيجارية بعد عقود من “الظلم القانوني”، على حد وصفهم.

وفي هذا السياق، أكد المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية، أن الحكومة تسعى إلى صياغة قانون متوازن يضمن حقوق الطرفين، تماشيًا مع حكم المحكمة الدستورية العليا بضرورة تعديل القانون قبل نهاية دور الانعقاد الحالي.

دعم اجتماعي ومقترحات للتسكين البديل

شمل مشروع القانون المقترح حزمة من التدابير الاجتماعية لتخفيف الأعباء عن المستأجرين غير القادرين، من بينها توفير دعم مالي شهري لمدة 10 سنوات. كما اقترح المشروع إنشاء بوابة إلكترونية لتسجيل طلبات الحصول على وحدات بديلة بنظام الإيجار أو التمليك، على أن تُفعّل خلال 3 أشهر من بدء تطبيق القانون.

صلاحيات موسعة للملاك

ومن البنود المثيرة للجدل أيضًا، منح الملاك صلاحية اللجوء إلى القضاء لطرد المستأجرين بعد انتهاء الفترة الانتقالية، والمطالبة بتعويضات مادية، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تحول جوهري في موازين العلاقة الإيجارية.

ملاحظات البرلمان ومطالب التعديل

من جانبه، أوضح النائب محمد عطية الفيومي، رئيس لجنة الإسكان، أن البرلمان لن يقر مشروع القانون بصيغته الحالية، مؤكدًا أن تعديلات جوهرية ستُدرج عليه لضمان العدالة الاجتماعية، مع التأكيد على رفض الإخلاء القسري تحت أي ظرف.

رفض حزبي وتحذير من أزمات اجتماعية

بدوره، أعلن حزب “مصر القومي” رفضه للصيغة المطروحة من القانون، معتبرًا أنها غير منصفة للمستأجرين في ظل أوضاع اقتصادية صعبة، وقد تُفجر أزمات اجتماعية جديدة إذا لم يُراعَ فيها التدرج والعدالة.

إلغاء القوانين القديمة وتوحيد المرجعية

كما ينص مشروع القانون على إلغاء كافة القوانين القديمة المنظمة للإيجار خلال 5 سنوات من بدء تطبيقه، بما فيها القانون 49 لسنة 1977، و136 لسنة 1981، و6 لسنة 1997، بهدف توحيد المرجعية القانونية للعقود الإيجارية في مصر.

ملف على صفيح ساخن

ومع استمرار جلسات الحوار المجتمعي، تتجه بوصلة التشريع نحو حل وسط يشمل فترة انتقالية مناسبة، وزيادات تدريجية في القيمة الإيجارية، إلى جانب دعم المستأجرين غير القادرين. وتبقى الأنظار معلقة على الصيغة النهائية التي ستخرج بها التعديلات، والتي يُتوقع أن تمثل تحولًا جذريًا في أحد أكثر الملفات العقارية تعقيدًا في مصر.