كيف تستخدم الحكومة أرض «رأس شقير» لتقليل الديون؟

كيف تستخدم الحكومة أرض «رأس شقير» لتقليل الديون؟

أثار قرار تخصيص  مساحة أكثر من 41.5 ألف فدان بمحافظة البحر الأحمر – أرض رأس شقير -، لصالح وزارة المالية لاستخدامها في خفض الدين العام وإصدار الصكوك السيادية، جدلًا واسعًا خلال الفترة الماضية،  حول استمرار ملكية الدولة للأرض بعد إصدار الصكوك، وكيفية استغلال الأرض.

كانت الجريدة الرسمية، نشرت في عددها رقم 23 (أ)، الصادر بتاريخ 4 يونيه 2025، قرار رئيس الجمهورية رقم 303 لسنة 2025، بشأن تخصيص أراضٍ في البحر الأحمر.

نص القرار في مادته الأولى على تخصيص قطعة أرض على مساحة 41515.55 فدان تقريبًا، تعادل 174399900 متر مربع من المساحات المملوكة للدولة ملكية خاصة ناحية محافظة البحر الأحمـر، وفقًا للوحـة وجدول الإحداثيات المرفقين، لصالح وزارة المالية لاستخدامها في خفض الدين العام للدولة وإصدار الصكوك السيادية وفقًا للقوانين والقواعد المعمول بها في هذا الشأن.

جاء القرار بعد الاطلاع على الدستور، وبعد الاطلاع على القانون رقم 114 لسنة 1946 بشأن تنظيم الشهر العقاري، وعلى قانون الهيئات العامة الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1963، وعلى قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979، وعلى القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن الأراضي الصحراوية، وعلى القانون رقم 7 لسنة 1991 بشأن بعض الأحكام المتعلقة بأملاك الدولة الخاصة، وعلى قانون البيئة الصادر بالقانون رقم 4 لسنة 1994، وعلى قانون الصكوك السيادية الصادر بالقانون رقم 138 لسنة 2021، وعلى قانون الموارد المائية والري الصادر بالقانون رقم 147 لسنة 2021.

ووفقًا لبيانات وزارة المالية، فأن الدين العام في الموازنة العامة الجديدة، ارتفع إلى 12.5 تريليون جنيه (251.5 مليار دولار) (ما يعادل 89.4% من الناتج المحلي الإجمالي) مُوزع ما بين 8.7 تريليون جنيه (175.3 مليار دولار) الدين المحلي لأجهزة الموازنة، و3.8 تريليون جنيه (76.2 مليار دولار) الدين الخارجي الحكومي.

وبعد  إصدار القرار، انتشرت مخاوف من بيع المساحات المخصصة من الأرضي البحر الأحمر، لتخرج  وزارة المالية مؤكدة أن تخصيص الأرض لإصدار صكوك لايعني بيعها بل استخدامها وتطويرها واستخدام جزء منها ضمانة لإصدار صكوك سيادية، مما يسهم في توفير تمويل يغطى احتياجات الموازنة العامة للدولة بشروط مميزة.

وأوضحت المالية، أن هناك خطة لاستغلال الأرض من خلال الدخول فى بعض الصفقات والشراكات مع بعض جهات الدولة التي تعمل في القطاع المالى، وبعض الهيئات الاقتصادية، لاستبدال جزء من المديونية القائمة على أجهزة الموازنة لدى تلك الجهات الحكومية مقابل الدخول في استثمارات مشتركة.

وأشارت الوزارة، أن إصدار الصكوك بضمانة الأرض يحقق عدد من المزايا أولًا خفض مديونية أجهزة الموازنة، وكذلك فاتورة وأعباء خدمة الدين، ثانيًا المساهمة في تطوير تلك الأراضى، وتحويلها إلى مشروعات إنتاجية وخدمية وسياحية وعقارية؛ بما يحقق عائدًا اقتصاديًا جيدًا، وتوفير فرص عمل.

القرار إيجابي لـ 3 أسباب

وفي هذا السياق، نفي الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادي، ما تردد حول تخصيص أرض البحر الأحمر لخفض الدين العام عبر الصكوك السيادية يعد بمثابة بيع للأرض، قائلًا: «إن منطوق القرار المنشور في الجريدة الرسمية به الكثير من النقاط الإيجابية، أولاها أن الأمر مسند لوزارة المالية وستكون المتصرف الأول في الأموال».

وأضاف:« القرار إيجابي لـ3 أسباب، 1- وزارة المالية تملك صلاحية التصرف في أصول الدولة (كأسهم قطاع الأعمال العام)، 2- وزير المالية هو مقرر المجموعة الاقتصادية، مما يُسهّل مناقشة الآليات التمويلية، 3- الصكوك تُبشر باستغلال الأرض دون التفريط فيها، إذ تُحوّل إيراداتها إلى تمويل دون تمليك الأصل».

وتابع: «تظلّ الحقائق المالية والتنظيمية هي البوصلة الوحيدة لتقييم هذه الخطوة، مسألة تخصيص الأرض لوزارة المالية لاستغلالها في تخفيف عبء الدين العام هي خطوة مفهومة في سياق اتفاقنا مع صندوق النقد الدولي، وفي ظلّ تضاؤل الحيز المالي للموازنة بسبب ارتفاع المديونية».

وواصل: «الأهم أن قصر آلية الاستغلال على إصدار الصكوك (بدلًا من البيع أو التأجير طويل الأجل) يُعتبر مطمئنًا من حيث الحفاظ على ملكية الأرض، لأن الصكوك – فلسفةً وقانونًا – لا تنقل ملكية الرقبة (الأصل) للمستثمر، بل تُورّق إيرادات المشروع فقط، دون إرهاق الخزانة العامة بديون إضافية».

وأكد أن الصكوك كأي أداة مالية تحمل مخاطر، لكن عند مقارنتها بالبدائل الأخرى (مثل البيع أو الرهن)، نجد أنها الأقل ضغطًا على الموازنة، والأكثر حفاظًا على ملكية الأرض.

تريليون جنيه من مديونية الدولة

من ناحيته، قال الدكتور هاني توفيق، الخبير الاقتصادي، إن الأرض ليست للبيع، وأنما لحق الاستغلال لمستثمرين واستخدام حصيلة توريق الإيرادات المستقبلية فى إصدار صكوك لسداد حوالى تريليون جنيه من مديونية الدولة.

وأضاف «توفيق»، أن وزارة المالية ستصدر صكوكًا وتبيعها للعرب بضمان الأرض وبمقابل إيجار يحقق عائدًا مقبولًا لحامل الصك لمدة 25 سنة، وتقوم الحكومة فى نفس الوقت بمنح الأرض لمستثمرين بحق الاستغلال خلال هذه المدة كمصانع، وفنادق، تعود بعدها ملكية الأرض للدولة، وتسدد قيمة الصكوك لحامليها.