تحت التهديد.. بدأ المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة في روما

تحت التهديد.. بدأ المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة في روما

تبدأ اليوم السبت المحادثات بين طهران وواشنطن في العاصمة الايطالية روما يخصوص البرنامج النووي الإيراني، بعد أسبوع من جولة أولى وصفها الجانبان بالبناءة.

يشارك في المحادثات كل من، وزير الخارجية الإيراني عراقجي، يرافقه كل من مساعديه السياسيين القانونيين، مجيد تخت روانجي وكاظم غريب ‌آبادي، والمبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف بوساطة من سلطنة عُمان.

ويعتبر هذا الاجتماع هو ثاني اجتماع رفيع المستوى بين البلدين منذ أن سحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب واشنطن من الاتفاق النووي التاريخي عام 2018.

ويتولى وزير خارجية سلطنة عمان، بدر البوسعيدي، كما في الجولة الأولى، “مهمة نقل الرسائل بين الوفدين الإيراني والأمريكي.

وتوجّه عراقجي والوفد المرافق له، وكذلك المبعوث الأمريكي، صباح اليوم السبت، إلى موقع المحادثات في روما، وسط أجواء أمنية مشددة وحضور محدود من الصحفيين أمام سفارة سلطنة عُمان في روما، مكان انعقاد المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة.

وقبل انطلاق المفاوضات قال وزير الخارجية الإيراني، أن بلاده تتمسك بـ “المسار الدبلوماسي وسجلّها الطويل في التفاعل مع الدول الأخرى بشأن الملف النووي”، مؤكدًا على ضرورة “استغلال جميع الأطراف لهذه الفرصة للتوصل إلى تفاهم منطقي ومعقول، يكفل حقوق إيران المشروعة ويؤدي إلى رفع العقوبات الجائرة وغير القانونية، ويُسهم في إزالة الشكوك المتعلقة ببرنامج إيران النووي السلمي من خلال إجراءات بناء الثقة الطوعية”. وشدّد عراقجي مرة أخرى على “الطابع السلمي للبرنامج النووي الإيراني”، وعلى رفض طهران لـ “أسلحة الدمار الشامل”.

وقال عراقجي وهو أحد مهندسي الاتفاق النووي لعام 2015، الجمعة، إن إيران “لاحظت قدرا من الجدية” لدى الأميركيين خلال الجولة الأولى، لكنه شكك في نواياهم.

وقال خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو “رغم أن لدينا شكوكا جدية بشأن نيات الجانب الأميركي ودوافعه، سنشارك في مفاوضات الغد على أي حال”.

وأكد عراقجي أن حق إيران في تخصيب اليورانيوم “غير قابل للتفاوض”، وذلك بعد أن دعا ويتكوف إلى وقف التخصيب الكامل. وكان ويتكوف قد اكتفى في تصريح سابق بمطالبة إيران بالعودة إلى سقف التخصيب المحدد في اتفاق عام 2015.

وقال المرشد الإيراني آية الله خامنئي الثلاثاء إن الإيرانيين يجب ألا يعلقوا آمالهم على التقدم في المفاوضات التي “قد تسفر أو لا تسفر عن نتائج”.

كما أعلن مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران، السبت، أن ثمة “تناقضات كبيرة في مواقف أمريكا تجاه المفاوضات”. مضيفا: أن “أمريكا رفعت سقف مطالبها بشكل كبير ومفاجئ بعد الجولة الأولى”.

وقال علي شمخاني، المستشار السياسي للمرشد الإيراني علي خامنئي، إن الوفد المفاوض في روما يتمتع بصلاحيات كاملة للتوصل لاتفاق شامل، مشددًا بالقول: “نريد اتفاقا نوويا شاملا يرتكز على ضمانات ومبادئ الجدية”.

وقال إن طهران تهدف إلى اتفاق يرفع العقوبات و”ليس نموذج ليبيا كما تريد إسرائيل”، حسب تعبيره، مضيفا: “لن يكون هناك اتفاق مع أمريكا إلا بوقف التهديدات واحتواء إسرائيل”، مشددًا على أن الوفد ذهب إلى روما من أجل اتفاق متوازن وليس الاستسلام.

واستأنف ترامب سياسة “الضغوط القصوى” عبر فرض عقوبات على إيران، وبعث في مارس (آذار) رسالة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي يدعو فيها إلى عقد محادثات نووية، مهددًا بتنفيذ عمل عسكري ضد إيران إذا فشلت الدبلوماسية.

وقال ترامب الخميس “لست في عجلة من أمري” للجوء إلى الخيار العسكري، مضيفا “أعتقد أن إيران ترغب في الحوار”.

وفي مقابلة نشرتها الأربعاء صحيفة “لوموند الفرنسية”، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي إن إيران “ليست بعيدة” عن امتلاك قنبلة نووية.

وقال غروسي الذي أجرى محادثات مع مسؤولين إيرانيين خلال زيارة لطهران هذا الأسبوع، إن الولايات المتحدة وإيران “في مرحلة حاسمة” في المحادثات و”لا نملك إلا مهلة قصيرة” للتوصل إلى اتفاق.

وحضّ وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، أمس الجمعة، الدول الأوروبية على اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت ستفعّل “آلية الزناد” التي من شأنها أن تعيد فرض العقوبات الأممية على إيران تلقائيا على خلفية عدم امتثالها للاتفاق النووي.

وخلال فترة ولاية ترامب الأولى، انسحبت واشنطن من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين طهران والقوى الكبرى والذي نص على تخفيف العقوبات الدولية على إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.

والتزمت طهران بالاتفاق لمدة عام بعد انسحاب ترامب، قبل أن تتراجع عن التزاماتها تدريجيًا.

وتخصب إيران حاليا اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%، وهو أعلى بكثير من حد 3.67% المنصوص عليه في الاتفاق، لكنه لا يزال أقل من عتبة 90% المطلوبة للاستخدام العسكري.

وقل انطلاق المفاوضات في روما اليوم، قال مسئول إسرائيلي، أن تل أبيب لا تستبعد توجيه ضربة محدودة لإيران لتعطيل برنامجها النووي. 

كما قال مسئول أمريكي، يجب أن تقدم إيران معلومات تفصيلية عن أنشطتها النووية للوكالة الدولية.

كما أكدت إسرائيل حليفة الولايات المتحدة الجمعة التزامها الثابت بمنع إيران من امتلاك الأسلحة النووية، قائلة إن لديها “مسار تحرك واضحا” لمنع ذلك.

وانقطعت العلاقات الدبلوماسية بين طهران وواشنطن بعيد ثورة إيران عام 1979، وتأتي الجهود الدبلوماسية الأخيرة بعد أن اعتبر ترامب الملف النووي الإيراني أولوية عقب عودته إلى الرئاسة في يناير (كانون الثاني).