بعد ظهوره بحمالة الصدر.. القصة الكاملة لفضيحة محمد رمضان في كوتشيلا
لم يعد اسم محمد رمضان مرتبطًا بالفن بقدر ما صار مرادفًا للجدل والاستفزاز، من مشهد إهانة لياسمين صبري، إلى إطلالة تُصنف ضمن الأزياء النسائية، مرورًا بتبريرات مرتبكة وبلاغات رسمية، لا يكاد يمر شهر دون أن يفتح رمضان على نفسه بوابة غضب جديدة، والسؤال الذي يفرض نفسه الآن: هل يعيش «رمضان» على وقود الانتقادات، ويصنع حضوره من الجدل وحده؟.
هدنة قصيرة في رمضان.. ثم عاصفة
في موسم رمضان 2025، بدا أن محمد رمضان يحاول ترميم صورته الجماهيرية عبر برنامج “مدفع رمضان”، الذي قدم فيه مساعدات وهدايا مادية للبسطاء، ونال حينها إشادة بعض المتابعين باعتباره “محاولة تصالحية” بعد سنوات من اتهامه بالترويج للعنف والنماذج المشوهة في أعماله، مثل “الألماني” و”الأسطورة” وغيرها، لكن هذه الهدنة لم تدم طويلًا.
حفلة كوتشيلا
فوجئ الجمهور بظهور محمد رمضان على مسرح مهرجان “كوتشيلا” في كاليفورنيا بإطلالة وصفت بأنها غريبة ومثيرة للجدل، مرتديًا حمالة صدر ذهبية مفتوحة مع بنطال أسود، وقلادة مزخرفة، وحزام مستوحى من رموز مصر القديمة، ولوّح بالعلم المصري خلال غنائه.
الانتقادات لم تتأخر، إذ رأى كثيرون أن مظهره يُحاكي أزياء الراقصات أو “المخنثين” ولا يعبر عن مصر أو تاريخها، فقط يمثل إهانة متعمدة للهوية الوطنية.
واعتبر البعض رفعه للعلم وسط هذا العرض الصاخب مشهدًا مبتذلًا يسيء لكل الشعب المصري.
رد متعجل.. ثم تراجع
بعد العاصفة، نشر الفنان محمد رمضان عبر صفحته الرسمية على “فيسبوك” ردًا على تعليق منسوب للإذاعة الإسرائيلية حسب وصفة وصف إطلالته بـ “تجاوز الخطوط الحمراء والسقوط في فخ الابتذال الاستعراضي”.
ودافع «رمضان» عن زيه المثير للجدل، مشيرًا إلى أن تصميمه من إبداع المصرية فريدة تيمراز، وأن الصدرية مستوحاة من تماثيل ملوك الفراعنة ومصنوعة من العملة المصرية الفضة، ومرفقة بكيب فرعوني.
واختتم منشوره بسؤال موجه لإسرائيل قال فيه: «السؤال غير موفق، وزعلكم هل كان بسبب علم مصر في أمريكا؟»، لكن اللافت أن رمضان سارع إلى حذف المنشور بعد دقائق، دون توضيح الأسباب.
بلاغ رسمي إلى النائب العام
الأمر لم يقف عند الانتقادات الإلكترونية، بل تقدم الدكتور سمير صبري، المحامي بالنقض، ببلاغا رسميا للنائب العام يتهم فيه محمد رمضان بالإخلال بالآداب العامة وإهانة العلم المصري، محذرًا من تأثيره السلبي على الشباب، ومطالبًا بإحالته للمحاكمة.
وفي السياق ذاته، هاجمت الناقدة الفنية خيرية البشلاوي الفنان محمد رمضان بشدة، ووصفت سلوكياته وتصرفاته بأنها أداة ضمن أدوات تمثل خطرًا على الوعي الجمعي والهوية الثقافية.
وقالت «البشلاوي» -في تصريحات خاصة لـ«النبأ»-: «محمد رمضان شخص غير واعٍ، وما يفعله ليس في مصلحته، ولا في مصلحة المجتمع المصري، ولا في مصلحة الصورة التي نصدرها للمجتمع، ولا للفن المصري، ولا لصناعة الترفيه باعتبارها قوة ناعمة».
وأضافت: «هو مش مدرك إنه أداة من أدوات تفكيك المجتمع ومسخه وتشويهه؛ يا مغيب، يا غير غيور على صورة بلده التي يمثلها. وأحيانًا الفنان ما بيبقاش عارف إنه بيُستخدم».
وتابعت: «لو قرينا الصورة اللي ظهر بيها، نقول إيه؟ هل ده فن؟ مش فن، هل دي تصرفات راجل؟ لأ، النوع ده من الناس بيتقال عليه إنه مش راجل».
واستكملت: «إحنا قدام ظاهرة ما ينفعش تتساب تكبر، ده شخص فيه تشوّه، جهل، وقلة فن ووطنية، ولما يرفع العلم المصري بالطريقة دي، يبقى يا مغيب، يا مش وطني، وفي الحالتين هو نموذج سيء جدًا».
وأشارت إلى أن خطورة الظاهرة لا تكمن فقط في سلوك رمضان، بل في التأثير الذي يتركه على صورة مصر خارجيًا، موضحةً: «رمضان بيُستخدم حاليًا لتشويه صورة مصر، وبيمسح الانطباع الذهني عن المصريين، وعن الفن والفنانين المصريين».
وانتقدت التبريرات التي تُساق تحت شعار حرية الفنان، قائلة: «اللي بيتكلموا عن حرية الفنان يبلعوا ريقهم، ده مش حرية، ده بيشوهني كمصرية، وبيشوه العلم اللي بيرفعه، وبيقدم نفسه في صورة مسخ. لا هو فنان، ولا راجل، ولا مصري».
وتابعت: «أنا مش مع المنع، لكن مع إنه يتعمل له غسيل دماغ، اللي بيعمله ده ضد مصلحته كفنان، وضد مصر كدولة، وضد صورة الرجل المصري، وإدانة الناس ورفضهم ليه دي وسيلة تأديب. ولو دماغه ما اتغسلتش، نرميه في الزبالة».
كما رأت البشلاوي أن ظاهرة ارتداء ملابس نسائية من قبل بعض الفنانين مؤخرًا ليست صدفة، بل جزء من حملة ممنهجة لتفكيك الشخصية المصرية وتغيير الصورة الذهنية عن مصر وشعبها.
واختتمت تصريحها بقولها: «أنا مش شايفة مين ورا ده، لكن حاسة، دي مسألة وعي وهوية».
خط استفزازي ممنهج
وفي سياق متصل، يرى الناقد الفني الدكتور طارق سعد، أن محمد رمضان لم يعد فنانًا يسعى للتعبير عن موهبته، بل تحوّل إلى “أزمة فنية وثقافية” تمس المجتمع المصري في هويته وقيمه.
وأضاف «سعد»: «رمضان يسير في خط استفزازي ممنهج، يفرض من خلاله السيطرة على أعماله وآرائه وتصرفاته، سواء مع زملائه أو جمهوره. كوَّن صورة سلبية في أذهان الناس، وكل من يتخذ موقفًا معاديا للجمهور يكون خاسرًا في النهاية».
وأشار إلى أن وقائع متعددة ارتبطت باسم رمضان، منها حادثة الطيار الراحل التي أثارت جدلًا واسعًا، وتصرفاته الأخيرة مع الفنانة ياسمين صبري، معتبرًا أنه دائم الشعور بالتفوق على الآخرين ورفض التعامل مع من هم في نفس مستواه، ما يعكس نمطًا من التعالي والغرور.
وأضاف: «ما يفعله محمد رمضان لا يمثل لا الثقافة المصرية ولا الثوابت الدينية، وما يروّج له ليس مجرد بحث عن الشهرة أو جنون التريند، بل هناك جانب في شخصيته غير متزن، وربما هناك قوى تستخدمه كأداة للتأثير على وعي الأجيال الجديدة».
واستطرد «سعد» قائلًا: «رمضان ليس كما يظن البعض ضحية أو مغلوب على أمره، هو واعٍ تمامًا لما يفعله، وربما يتعمد إثارة الجدل لتحقيق أهداف تتخطى الفن، إلى العبث بالأفكار والقيم والدين، وتحويل الأمور المستنكرة إلى مشاهد معتادة/ ظهوره ببدلة رقص في حفل وفي الخلفية الأهرامات، ورفعه لعلم مصر، مشهد عبثي يحمل دلالات خطيرة، خاصة في ظل محاولات قوى – وصفها بالظلامية – للترويج لأفكار مخالفة للفطرة والدين مثل المثلية الجنسية».
وقال «سعد»، إن هناك شركات كبرى ترعى هذه الرموز وتفرض عليهم شروطًا تجعلهم أدوات دعائية لتوجهات معينة، مشيرًا إلى أن رمضان ليس الوحيد، بل هناك رموز فنية عديدة تظهر بمظهر أنثوي متعمد – من الحلقان إلى الجيبات والإكسسوارات – في محاولة لتطبيع مشاهد الشذوذ وإقناع الناس بأنها طبيعية.
وأكد أن الأمر لم يعد مجرد نقد فني، بل «كارثة» يجب أن تستدعي تدخل الدولة والأجهزة المعنية، معقبا: «مشهد محمد رمضان أمام الهرم بعلم مصر يُمثل إهانة لتاريخ وهوية البلد، كيف يكون هذا هو النموذج الذكوري المصري؟ هذه صورته هو، وليست صورة مصر أو شبابها».
وختم حديثه قائلًا: «بعد إهانة محمد رمضان للعلم المصري وللشعب بمظهره المستفز، لم يعد من المقبول ظهوره على شاشات (المتحدة) التي تمثل إعلام الدولة، نحن نناشد رئيس الجمهورية، والأجهزة السيادية المعنية، التدخل العاجل لحماية وعي المجتمع، خاصة أن رئيس الدولة بحكم خلفيته الأمنية يدرك تمامًا أبعاد وخطورة ما يحدث، لا نرغب في تحميل النقابات وحدها هذا العبء، لكن بات واضحًا أن رمضان أصبح خارج إطار المساءلة، آن الأوان لوقفة حاسمة، لأن الوضع تجاوز كل الخطوط الحمراء. وإذا لم يخرج رمضان ببيان واضح يتبرأ فيه من أي ارتباط بتوجهات قوى الظلام، ويُعلن موقفًا وطنيًا صريحًا، فإن استمراره في الظهور يُشكّل خطرًا حقيقيًا على وعي وهوية الأجيال المقبلة».