من تونس الوردية إلى القميص الأحمر.. قصة معلول التي لا يمكن تكرارها

من تونس الوردية إلى القميص الأحمر.. قصة معلول التي لا يمكن تكرارها

في صيف عام 2016، لم تكن جماهير الأهلي تعلم أنها على موعد مع واحدة من أنجح الصفقات في تاريخ النادي، حين تعاقد الفريق مع الظهير الأيسر التونسي علي معلول قادمًا من النادي الصفاقسي مقابل 700 ألف يورو. ومنذ اللحظة الأولى التي ارتدى فيها القميص الأحمر، أثبت معلول أنه صفقة من طراز نادر، بل أصبح خلال سنوات قليلة أحد أساطير النادي، وصاحب بصمة لا تُنسى في سجل إنجازاته.

معلول، الذي جاء من “تونس الخضراء”، لم يأتِ مجرد ظهير أيسر تقليدي، بل جاء بروح المقاتل وعقلية البطل، ونجح سريعًا في حجز مكانه في التشكيلة الأساسية، ليصبح أحد أهم ركائز الفريق على مدار ما يقرب من تسعة مواسم، قدّم خلالها مستويات استثنائية وثابتة قلّ نظيرها.

خاض علي معلول مع الأهلي 292 مباراة في مختلف البطولات، وأسهم خلال هذه الفترة في 136 هدفًا، سجل منها 51 هدفًا وصنع 85 تمريرة حاسمة، في أرقام استثنائية قلما يُسجّلها ظهير أيسر في تاريخ الكرة العربية والإفريقية. ولم تكن أهدافه وتمريراته مجرد أرقام، بل كانت لحظات حاسمة في مسيرة البطولات، ولقطات لا تُنسى في ذاكرة الجماهير.

طوال مشواره مع الأهلي، توّج معلول بـ21 بطولة، جعلته أحد أكثر اللاعبين تتويجًا بالألقاب في تاريخ القلعة الحمراء.

وتشمل إنجازاته: 7 ألقاب دوري مصري، 4 بطولات كأس مصر، 4 بطولات كأس السوبر المصري، 4 ألقاب دوري أبطال إفريقيا، 2 كأس السوبر الإفريقي، 3 ميداليات برونزية في كأس العالم للأندية، كأس القارات الثلاث “الانتركونتيننتال”.

كل هذه الأرقام جعلته ثاني هدافي الأهلي الأجانب في تاريخ الدوري المصري برصيد 35 هدفًا، بالتساوي مع المهاجم الأنجولي فلافيو، وخلف الغاني أحمد فيليكس فقط. كما رشح مرتين لجائزة أفضل لاعب داخل القارة الإفريقية عامي 2019 و2023، وهو إنجاز يعكس حجم تأثيره وقيمته الفنية العالية.

علي معلول لم يكن مجرد لاعب أجنبي محترف، بل أصبح رمزًا جماهيريًا، وأحد أكثر اللاعبين حبًا وتقديرًا من جماهير الأهلي. تميّز بشخصية قيادية، وحماس لا ينطفئ، وروح قتالية جعلته حاضرًا دائمًا في المواعيد الكبرى، خاصة في المباريات المصيرية والنهائيات القارية.

واليوم، ومع اقتراب إسدال الستار على رحلته الأسطورية داخل جدران الأهلي، يشعر الجمهور بمزيج من الامتنان والحزن. الامتنان لما قدمه معلول على مدار سنوات طويلة من العطاء والإخلاص، والحزن لرحيل لاعب استثنائي لم يأتِ مثله كثيرون.

وحمل معلول شارة قيادة النادي الأهلي ليصبح واحدا من اللاعبين التونسيين القلائل الذين حملوا شارة القيادة خارج أندية الدوري المحلي.

لقد كتب علي معلول اسمه بحروف من ذهب في تاريخ الأهلي، وترك إرثًا رياضيًا وأخلاقيًا سيظل مصدر إلهام للأجيال القادمة.. من “تونس الخضراء” إلى “الفانلة الحمراء”، تبقى الحكاية فريدة… حكاية معلول التي لن تتكرر.