الصراع الإيراني – الإسرائيلي: خارج إطار الاستراتيجيات العسكرية

الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية..
..
اربع نقاط جوهرية لابد من استصحابها فى مقاربات المواجهات بين إيران واسرائيل ، دون الاستغراق فى تفاصيل الجانب العسكري والاسلحة المستخدمة ، والتكتيكات وفق مقتضيات المعركة ، ومما ينبغي الوقوف عنده فى خضم كل ذلك زوايا ذات جوانب مهمة في المعركة..
واولها: ايران دولة ذات تاريخ طويل ، يعود إلى الامبراطورية الفارسية وشعب متمرس على تداعيات الحروب وآخرها الحرب مع العراق ، ولديه ارتباط وجودي مع ارضه وبلاده ، وبالتالي قدرتهم على حرب طويلة المدى أكبر من الكيان الاسرائيلي ، والذى اعتمد فيما يبدو على فرضية (انهيار المنظومة السياسية الايرانية) تحت وطأة ضربة خاطفة وتأثير الصدمة وفخ الفضاء الاعلامي والسيطرة على المناورة الجوية..
وهو ما ثبت عدم دقته ، حيث امتصت ايران الصدمات الأولى رغم فداحة خسائرها وبدأت فى التعامل مع معطيات الحرب ، مع أن الضربات الاسرائيلية الأولى كشف عن ثغرات وهشاشة فى المؤسسة العسكرية والأمنية الايرانية لدرجة استهداف أو تصفية رئيس الحرس الثوري ورئيس هيئة الأركان العسكرية..
والنقطة الثانية فى المقاربات تتعلق بالمكونات الداخلية ، فإيران مساحتها أكثر من مليون و600 ألف كيلو متر مربع ، وقياساً مع الكيان الاسرائيلي وهو يستوطن فى ما لا يتجاوز 22 ألف كيلو متر مربع ، هذا الفارق فى المساحة يعطي للإسرائيليين خيارات متعددة للإستهداف وتوجيه الضربات ، كما أنه يعطي الايرانيين حصر ضرباتهم فى مساحات أقل وتأثير أكثر وقعاً ، وقس على ذلك مقارنة الخسائر فى البنية التحتية أو المطارات أو نسبة الخسارة قياساً على عدد السكان (85 مليون نسمة في ايران) و (9.8 مليون اسرائيلي).. وتفاعلات كل طرف مع نتائج الحرب واستنزافها ، ولهذا يمكن القول أن تطاول الحرب ستكون مؤثرة على الكيان الاسرائيلي..
وثالثاً: تمتلك اسرائيل امتياز اسناد دول كبرى ، وقدرة على التمتع بتقنيات الرصد والتتبع ، والحماية (القبة) ، وجمع المعلومات وسرعة تحليلها ، وهذه نقاط ضعف إيران التى تعاملت مع الحرب ببطء اعطى صورة المهزوم..
وبإمكان إيران كسر العظم إذا استخدمت موقعها الجيوسياسي ، وهذا خيار بتداعيات صعبة ، فهو يعنى الدخول فى مواجهة عالمية ، ولذلك استبعد دخول إيران فى هذه المغامرة..
والنقطة الرابعة هى طبيعة النظام السياسي فى كل دولة ، فبينما يعتبر المرشد العام هو المرجعية السياسية والعسكرية فى اوقات الحرب (القائد الأعلى للجيش) ، وبيده كل القرارات الحاسمة دون الكثير من النقاشات والضغوط ، فإن الحكومة الاسرائيلية ذات حمولة سياسية ضاغطة وكنيست وفرقاء من الأحزاب المختلفة وضغوط داخلية..
ستكشف مجريات الحرب خلال الأيام القادمة عن نتائج ذات قيمة عالية وتأثيرات على المدى الطويل فى المنطقة ، خاصة إذا:
– رفضت إيران الدخول في مفاوضات حول سلاحها النووي مع استمرار الهجمات العسكرية عليها ، فإن أى مفاوضات قادمة ستسقط اسطورة (ضربة قاضية) وستفرض خيارات جديدة.. فالنقطة المحورية فى هذه الحرب (الضغط العسكري للإبتزاز السياسي وتقديم تنازلات فى صفقة النووي..
– حدثت خسائر بشرية كبيرة ، ووفق العقيدة الدينية ووفق تجارب الشعوب ، فإن الجانب الاسرائيلي سيتأثر بصورة أكبر دون شك..
ابراهيم الصديق علي
16 يونيو 2025م..