تأثير هيمنة الميليشيات على المثلث على الأمن القومي المصري

(العوينات .. مثلث الشر في خاصرة حدود وادي النيل )
اتحركت قوة عسكرية مصرية بقيادة ضابط و بعض الجنود من إحدى الحاميات العسكرية المصرية في القطاع الحدودي نحو جبال العوينات في مهمة تمشيط و إستطلاع روتينية لكن وقعت في قبضة بعض المتفلتين داخل منطقة جبال العوينات و حينها طلبت القوات المسلحة المصرية من القوات المسلحة السودانية إنو تدخل و تحرر ليها القوة الاحتجزتها المجموعة المتفلتة ، الكلام ده كان تحديدا في منتصف العام ٢٠١٨ و وقتها كان صلاح قوش مدير عام للمخابرات السودانية فقام رسل قوات خاصة من هيئة العمليات قاموا بعملية نوعية كبيرة حرروا فيها القوات المصرية و سلموهم للجانب المصري عبر الطيران و تلفزيون السودان وثق ليها و طلع الناطق الرسمي للجيش المصري شكر الجيش السوداني عبر صفحته الرسمية .
عملنا فلاش باك و رجعنا بالذاكرة لوراء ليييييه ؟ قبل ما اكمل ليكم جهزوا كباية قهوة بدون سكر و دواء و تعالوا نعرف حكاية جبال العوينات او المثلث الحدودي بين مصر و السودان و ليبيا لانو ح اتكلم عن المثلث من جميع اضلاعه ( العسكري و الاستخباراتي و الاستراتيجي ) .
منطقة جبال العوينات هي منطقة جبلية نائية بتقع في نقطة إلتقاء الحدود بين مصر و السودان و ليبيا و هي واحدة من اكتر المناطق وعورة في الصحراء الكبرى ، يلا المنطقة بتمتلك قيمة إستراتيجية و أمنية و تاريخية مهمة لدرجة بعيدة جدا فما تسمع لي كلام اي كائن بيحاول يقلل من اهميتها .
من ناحية إستراتيجية و أمنية بتعتبر من المناطق المن الصعب جدا السيطرة عليها بشكل كامل بسبب التضاريس و بسبب انها بعيدة جدا من اقرب مركز او مدينة و بتمثل موقع حاسم لمراقبة التحركات بين الدول التلاتة و بسبب تضاريسها الصعبة جدا اصبحت ملاذ آمن جدا للمتطرفين و المهربين و اكبر نشاطات تهريب السلاح و البشر و الوقود بتتم من خلالها ، كذلك بتمثل خط دفاع متقدم للمصريين على حدودهم الجنوب غربية بالاضافة لي انو عندها اهمية جيولوجية و مائية لانو فيها ينابيع جوفية كتيرة جدا و لاهميتها دي اصبحت مركز تواجد عسكري و إستخباراتي اتعاونوا فيهو مصر و السودان و ليبيا و اغلبية التواجد الاستخباراتي هناك عبارة عن تواجد غير مباشر ( يعني عندهم عيون و مصادر من البدو و القبائل البتتواجد هناك ) لانو في اهتمام دولي و استخباراتي بالموقع ده و تعتبر نقطة تركيز من الاقمار الصناعية و المراقبة الدولية لانو موقع لعبور كل شئ ممنوع بالاضافة كمان لاهميته التاريخية لانو الكهوف و النقوشات الموجودة على الجبال مسجلة كمواقع تراث عالمي
جبال العوينات دي يا جماعة ما بتشبه اي سلسلة جبال من السلاسل البتعرفوها ، الطبيعة هناك مختلفة تماما و متفردة جداً ، جبال وعرة جدا جدا مشكلة من صخور نارية و فيها كهوف و ( كراكير ) و وديان ضيقة جدا و منخفضات خطيرة فيها بحيرات قديمة جدا و الرياح هناك قوووية جدا و من الصعب جدا انو تتم مراقبتها بالاقمار الصناعية بسبب تكوينات الصخور البتوفر غطاء طبيعي للمنطقة .
من اشهر القبائل البتعرف المنطقة و مجواراها هي قبائل التبو و الزغاوة و واولاد علي و العبيدات من شرق ليبيا و الكبابيش و الهواوير ، فكل الناس الممكن يساعدوا كدللاء للطريق بنلقاهم من القبائل الذكرتها دي .
يلا نجي للمهم في الموضوع و هو الاهمية العسكرية لمثلث العوينات البيعتبر مدخل للعمق الاستراتيجي لكل الدول التلاتة مصر و ليبيا و السودان ، و البسيطر على المثلث بيقدر يتفوق ميدانياً و استخباراتياً و يعمل نقاط إمداد سرية و قادر يشن عمليات هجومية و تخريبية داخل عمق الدول الثلاثة و بسبب طبيعة الارض و التضاريس فاي قوة بتتمركز هناك ح تمتلك ميزة دفاعية عالية و يصبح من الصعب استهدافها بالبر او بالجو من غير خسائر كبيرة
إنسحاب الجيش السوداني من مثلث العوينات معناها اتفتحت ثغرة حدودية خطيرة جدا ح تسمح للمليشا انها تتحرك في اتجاهات واسعة جدا ذي ( الصحراء الليبية و دارفور و صعيد مصر ) بالاضافة لي انو المليشيا ح تستخدم الموقع كمركز تدريب و مخازن للاسلحة و نقاط للتهريب و استقبال الإمدادات من ليبيا و تشاد و السيطرة على المثلث ده معناها خنق الجيش السوداني باكتمال ( منجل ) المليشيا لانو المليشيا مسيطرة على الحدود مع جنوب السودان في نقطة الدالي و المزموم و الحدود مع افريقيا الوسطى في نقطة ام دافوق و الحدود مع تشاد في الجنينة و بالسيطرة على مثلث العوينات ح يكون اكتمل المنجل تماماً ما لم يكن انسحاب الجيش الهدف منه تحقيق اهداف اكبر .
طيب يا نزار سيطرة المليشيا على المثلث بيتضرر منها السودان بس ؟
اكيد لا ، و اكبر المتضررين هي مصر ، فسيطرة المليشيا على المثلث بتضرب الأمن القومي المصري في عمقه الغربي الجنوبي من ناحية الوادي الجديد و المثلث البيربط اسوان بالحدود المصرية الغربية و من الوادي الجديد لحدي وادي العرب و منها لاسوان بتعتبر اقرب واسهل من العوينات لدارفور بالاضافة لي انو ممكن المليشيا تنسق مع الجماعات المتطرفة في ليبيا لاختراق الحدود المصرية او التحريض على تهريب السلاح و العناصر الارهابية لداخل مصر .
جبال العوينات ذي ما ذكرت ليكم بتمثل منصة لمراقبة الاقمار الصناعية و الحركة براً و جواً عبر المثلث و بالواضح كده سيطرة المليشيا على المثلث ح تخلي المثلث عبارة عن نقطة عمياء او نقطة ( عمى أمني ) و ممكن يتم استخدامها كمقر للعمليات الخلفية او مركز للقاء ضباط استخبارات من اطراف خارجية معادية للمحور المصري السوداني ، و سقوط المثلث في يد المليشيا بيعني انو في فشل او خلل إستخباراتي و ميداني يستوجب التدخل و المعالجة السريعة جداً .
و على فكرة سقوط المثلث في يد المليشيا ما بيمثل تهديد للامن القومي في مصر و السودان بس ، بل ح يصل التهديد للقارة العجوز لانو المليشيا ح تشتغل على تجارة تهريب البشر بقوة و دي تجارة بتدخل قروش اكتر من تهريب المخدرات و السلاح .
تعاون حفتر مع المليشيا و دخوله في الحرب بالصورة السافرة دي ما بيعني إلا انو كفلاء حفتر عايزين يضغطو على مصر بصورة غير مباشرة يحققوا من خلالها اهدافهم و كمان حفتر يحقق اهدافه من المصريين خاصة و انو التهديد هنا تهديد مزدوج لمصر ، تهديد من الجنوب عبر المثلث و تهديد من الغرب عبر المليشيات الليبية .
من وجهة نظري بشوف إنو التغاضي عن سيطرة المليشيا على المثلث في حد ذاته جريمة كبيرة جدا و يفترض انو يتم تحرك سوداني مصري مباشر بشن غارات جوية استباقية على مواقع المليشيا في المثلث مع تحرك قوات خاصة و طائرات مسيرة تعطل اي تحرك للمليشيا و إعلان المثلث منطقة عسكرية مغلقة ضمن نطاق عمليات الجيشين المصري و السوداني لمكافحة الإرهاب و حماية السيادة السودانية و المصرية
اي تهاون او تخازل من الجيش المصري معناها ح يخصل تحول امني شبيه لما حصل في سينا و اخطر منو كمان بكتيييير لذلك الموضوع عايز تحرك عاجل و تدخل استخباراتي سريع و حاسم مع تحرك وقائي مشترك قبل ما المليشيا تحول مثلث العوينات لمثلث برمودا يبتلع مصر و السودان مع بعض فمصر براها ما حتقدر على المثلث و خير مثال لذلك ما ذكرناه في اول المقال .
نزار العقيلي