الذكاء الاصطناعي: هل يمكن أن يحل محل الأخصائي النفسي؟

الذكاء الاصطناعي: هل يمكن أن يحل محل الأخصائي النفسي؟

الدكتورة ميادة غانم – استشاري الصحة النفسية والدعم النفسي

في السنوات الأخيرة، ومع الطفرة المتسارعة في تقنيات الذكاء الاصطناعي، بدأ السؤال يُطرح بقوة: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحل محل المعالج النفسي؟ هل سنشهد مستقبلًا تُدار فيه جلسات العلاج بالكلمات البرمجية بدلًا من المشاعر البشرية؟ وهل تكفي الخوارزميات لفهم أعماق النفس البشرية؟

الذكاء الاصطناعي: أداة مساعدة وليست بديلاً

الذكاء الاصطناعي اليوم يُستخدم في العديد من تطبيقات الصحة النفسية:
من تطبيقات تقدم الدعم الفوري للمستخدمين، إلى روبوتات محادثة مدعومة بلغة عاطفية قادرة على طرح أسئلة ومتابعة الأعراض.
وهذا التقدم لا يمكن إنكاره، بل هو مفيد للغاية، خاصةً في البلدان التي تعاني من نقص في عدد الأخصائيين النفسيين، أو للأشخاص الذين يجدون صعوبة في الذهاب إلى العيادات النفسية بسبب الوصمة أو البُعد الجغرافي.

لكن، هناك فرق كبير بين من يُساعد، ومن يُعالج.

لماذا لا يمكن استبدال المعالج النفسي؟

الذكاء العاطفي الحقيقي لا يُبرمج: الخوارزميات تتعلم الأنماط، لكنها لا “تشعر” بالقلق والتوتر في صوتك، أو تلاحظ تغير تعبيراتك.

العلاج النفسي علاقة إنسانية عميقة: بين المريض والمعالج علاقة تُبنى على الثقة والاحتواء والتقدير غير المشروط. هذه العلاقة تُعد جزءًا من الشفاء نفسه، وهي شيء لا توفره الأجهزة مهما بلغ تطورها.

فهم السياق الثقافي والاجتماعي: العقل البشري لا يتألم بمعزل عن بيئته، وخبرات الطفولة، والموروثات، واللغة، والرموز الثقافية. الذكاء الاصطناعي قد يخطئ في تفسير موقف بسيط، لأنه لا يعيش في ثقافتنا ولا يفهم خلفياتنا النفسية.

في المقابل… كيف يمكننا الاستفادة من الذكاء الاصطناعي؟

كوسيلة متابعة بين الجلسات: يمكن للبرامج الذكية أن تساعد في التذكير بالتمارين النفسية، أو تسجيل اليوميات الشعورية.

للدعم الفوري المؤقت: لبعض الأشخاص الذين يحتاجون إلى “من يسمعهم الآن”، يمكن أن يكون الروبوت بديلاً لحين التوجه إلى المختص.

للتوعية النفسية: من خلال المحتوى المبرمج، يستطيع الذكاء الاصطناعي المساهمة في نشر المعرفة النفسية السليمة بعد التأكد من مصادرها.

في نهاية المطاف، الإنسان يبقى في حاجة إلى إنسان، والذكاء الحقيقي هو الذي يجعلنا نستخدم التكنولوجيا دون أن نفقد إنسانيتنا.