الإعلان والذكاء الاصطناعي: التحديات والفرص المتاحة

تنطلق فعاليات مهرجان كان ليونز للإبداع يوم الإثنين، وسط أجواء مشمسة وشواطئ خلابة، كما جرت العادة. لكن دورة هذا العام قد تحمل في طياتها مناقشةً مصيرية تهدد جوهر صناعة الإعلان.
فبعد سنوات من الترقب، يبدو أن الهيمنة التكنولوجية على الإبداع الإعلاني باتت وشيكة، في ظل تطور أدوات الذكاء الاصطناعي التي تقدمها شركات التكنولوجيا الكبرى مثل “غوغل”، “أمازون”، “سناب” و”بينترست”، ما يثير القلق في أوساط الوكالات الإبداعية حول مصيرها ومستقبلها.
وارتفعت حدة القلق في الربيع الماضي، عقب تسريبات تشير إلى أن شركة “ميتا” ستتيح للمعلنين إنشاء إعلانات باستخدام الذكاء الاصطناعي دون تدخل الوكالات الإعلانية.
وقال ديف دوغان، نائب رئيس “ميتا” لشؤون العملاء والوكالات: “الوكالات لا تزال شريكًا أساسيًا وقناة ضرورية للصناعة”، في محاولة لطمأنة السوق. لكن خبراء آخرين يرون أن الوكالات تواجه خطر التهميش الكامل. وعبّر رجل الأعمال جيفري كولون، الذي عمل عقدين في وكالات كبرى وشركات تكنولوجية، عن تخوفه قائلاً: “عالم الإعلان قد يكون في جنازته دون أن يدرك”، وأضاف محذرًا: “جبل الجليد أمامنا”.
منصات التكنولوجيا تمسك بمفاتيح السوق
يعتمد توزيع الإعلانات الرقمية بشكل كبير على شركات التكنولوجيا، حيث تذهب نصف الإنفاق الإعلاني الرقمي في الولايات المتحدة إلى “غوغل” و”ميتا”. ومع كل إعلان يُنشر عبر هذه المنصات، تتدفق بيانات الأفكار الإبداعية من الوكالات إلى هذه الشركات.
لذلك، تسعى الشركات القابضة المالكة للوكالات إلى تأمين موطئ قدم في عالم الإعلانات المُنتجة بالذكاء الاصطناعي. فشركة WPP، على سبيل المثال، تضخ 400 مليون دولار سنويًا في تطوير منصاتها الخاصة، ولديها شراكة استراتيجية وحصة في شركة Stability AI.
أما Publicis Groupe فاستثمرت في منصة المحتوى Bria، واستحوذت على شركات ناشئة مثل Influential، التي دفعت فيها 500 مليون دولار. وفي خطوة أخرى، تجري Omnicom وIPG اندماجًا بقيمة 13 مليار دولار لتعزيز قدراتهما التنافسية في مجال الذكاء الاصطناعي.
وكالات جديدة… بأدوار جديدة
برغم القلق، يرى البعض فرصًا جديدة. قال ستيفان بريتريوس، المدير التقني في WPP: “تبسيط إنشاء الإعلانات قد لا يكون أمرًا سيئًا، فقد ساهمت سهولة إنشاء الحملات عبر البحث في توسيع قاعدة المعلنين”.
وتقول دونا شارب، مديرة في شركة MediaLink: “الذكاء الاصطناعي قد يغيّر أدوار المبدعين من الإنتاج إلى الاستشارة. لا يمكنه خلق الفكرة الجوهرية الأصيلة”.
وكالة Monks المتخصصة في تقنيات التسويق، ستعرض في “كان” نموذجها الجديد الذي يعتمد على تفاعل عشرات الوكلاء الذكاء الصناعي معًا لإنتاج الحملات. يقول المؤسس المشارك ويسلي تير هار: “نحن نتحول إلى شركة تكامل أنظمة تساعد العملاء على تبني الذكاء الاصطناعي”.
لكن التحدي قائم: فهل ستظل الشركات بحاجة إلى الوكالات إذا ما قدمت “غوغل” و”ميتا” أدوات كافية وبسيطة للمعلنين؟ هذا هو السؤال الذي يشغل السوق حاليًا، خاصة لدى الشركات الصغيرة.
الإبداع البشري ما زال مطلوبًا
وكالة Goodby, Silverstein & Partners ستعرض في المهرجان مشروعًا يعرض كيف يدعم الذكاء الاصطناعي الإبداع البشري، عبر فيديو ترويجي يعتمد على سيناريو غير مكتمل كتبه سلفادور دالي في ثلاثينيات القرن الماضي. وقالت مارجريت جونسون، المديرة الإبداعية في الوكالة: “ما الذي يقدمه الإنسان؟ الجواب هو الأصالة”.