ماذا سيحدث إذا توقفت البشرية عن التكاثر؟

ماذا سيحدث إذا توقفت البشرية عن التكاثر؟

تشير تقديرات العلماء إلى أنه في حال توقف البشر فجأة عن الإنجاب، فإن عدد سكان الأرض سيتناقص تدريجيًا حتى يختفي تمامًا خلال نحو مئة عام، نظرًا لأن القليل من البشر فقط يعيشون لما بعد القرن. ولكن قبل الوصول إلى تلك النهاية، سيبدأ التدهور بانهيار أنظمة المجتمعات مع تراجع أعداد الشباب القادرين على العمل والإنتاج، ثم تتوالى الانهيارات كما يقول تقرير حديث بـ Live Science.

في البداية، ستتقلص قدرة المجتمعات على توفير الغذاء، والرعاية الصحية، والخدمات الأساسية، رغم انخفاض أعداد السكان، ما سيؤدي إلى أزمات غذائية وصحية حادة. ويشير باحثو الأنثروبولوجيا إلى أن هذا السيناريو قد يتسبب في انهيار الحضارات خلال 70 أو 80 عامًا فقط، نتيجة العجز في تلبية الاحتياجات الأساسية مثل الماء والغذاء والأدوية.

احتمال الانقراض.. كارثة غير مستبعدة

ورغم أن توقف الولادة فجأة يُعد أمرًا غير مرجح، إلا أن بعض السيناريوهات الكارثية قد تجعله ممكنًا، كما أشار الكاتب كورت فونيجوت في روايته “جالاباجوس”، التي تتخيل انتشار مرض معدٍ يصيب جميع الأشخاص في سن الإنجاب ويجعلهم غير قادرين على الإنجاب.

كما يُطرح احتمال آخر أكثر مأساوية، وهو اندلاع حرب نووية شاملة لا ينجو منها أحد. وقد تناولت كتب وروايات عديدة مثل The Handmaid’s Tale وThe Children of Men هذا النوع من المستقبل البائس، حيث تختفي القدرة على الإنجاب وتنهار القيم المجتمعية والحرية الفردية.

من الانفجار السكاني إلى التراجع الصامت

وبينما شهدت العقود الماضية مخاوف من الانفجار السكاني، فإن الواقع الحالي يُظهر أن معدلات المواليد تتراجع، خاصة في دول مثل الهند وكوريا الجنوبية، ما قد يؤدي إلى تراجع تدريجي في عدد السكان، رغم استمرار ارتفاعه عالميًا ليبلغ ذروته المتوقعة عند 10 مليارات نسمة في ثمانينيات هذا القرن.

في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، انخفض عدد المواليد من 4.1 مليون عام 2004 إلى 3.6 مليون في 2024، بينما ارتفعت الوفيات إلى 3.3 مليون عام 2022، مقابل 2.4 مليون قبل عقدين.

الشباب محرك الحياة

المعادلة السكانية المثالية تعتمد على توازن بين فئة الشباب وكبار السن، حيث أن الشباب هم المحرك الرئيسي للابتكار والعمل والإنتاج، فيما يحتاج كبار السن إلى دعم دائم في حياتهم اليومية.

ومع استمرار انخفاض المواليد، فإن فئة الشباب ستتقلص، ما يُنذر بتحديات اقتصادية واجتماعية متزايدة، خاصة في الوظائف التي تتطلب جهدًا بدنيًا أو ابتكارًا متجددًا، وهي التي غالبًا ما يتولاها من هم دون سن 65 عامًا.

تراجع الخصوبة أيضًا

إلى جانب الخيارات الاجتماعية بعدم الإنجاب، فإن مشاكل الخصوبة تتزايد، خصوصًا بين الرجال، وهو ما قد يُسرّع من تراجع السكان في المستقبل. ورغم أن بعض الدول تعتمد على الهجرة لتعويض انخفاض المواليد، فإن المواقف السياسية والثقافية تجاه المهاجرين قد تحول دون ذلك.

البقاء مرهون بخياراتنا اليوم

لضمان مستقبل طويل للبشر على هذا الكوكب، يرى العلماء أن هناك خطوات ضرورية يجب اتخاذها، أبرزها: مواجهة تغير المناخ بجدية، وتفادي النزاعات والحروب، وحماية التنوع البيولوجي وضمان توازن الأنظمة البيئية؛ فمستقبل البشرية لا يرتبط فقط بعدد المواليد، بل بقدرتنا على إدارة الكوكب بعقلانية تحفظ الحياة بكل أشكالها.