بعد فرض العقوبات البريطانية: من هي ‘المُساندة للمستوطنين’؟

تُعد دانييلا فايس، البالغة من العمر 79 عامًا، من أبرز وجوه حركة الاستيطان الإسرائيلية منذ أكثر من خمسة عقود، وتلقب في الأوساط اليمينية المتطرفة بـ”عرّابة المستوطنين”.
برز اسمها منذ السبعينيات عبر دعمها المباشر لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية، ثم عادت مجددًا إلى دائرة الضوء في الأشهر الأخيرة من خلال حملتها المثيرة للجدل الداعية لإعادة توطين اليهود في قطاع غزة.
وُلدت فايس عام 1945 في مدينة بني براك ذات الطابع الديني قرب تل أبيب، إبان الانتداب البريطاني على فلسطين.
والدها أميركي الأصل، ووالدتها بولندية نشأت في فلسطين، وكلاهما كانا عضوين في تنظيم “ليحي”، أحد التنظيمات الصهيونية المسلحة التي نشطت خلال فترة الانتداب.
درست فايس في مدرسة دينية في رمات غان، ثم التحقت بالجيش ضمن مسار “عتودا” الأكاديمي، قبل أن تتابع دراستها في الأدب الإنجليزي والفلسفة بجامعة بار-إيلان. وانضمت في سبعينيات القرن الماضي إلى حركة “غوش إيمونيم” التي روجت للاستيطان في الضفة الغربية بعد حرب عام 1967، وشغلت لاحقًا منصب الأمينة العامة للحركة.
وفي عام 1987، وبعد مقتل مستوطنة إسرائيلية تُدعى عوفرا موسيس إثر هجوم بزجاجة حارقة، قادت فايس مجموعة اقتحمت مدينة قلقيلية الفلسطينية، حيث اندلعت أعمال عنف تخللها رشق بالحجارة وإطلاق نار.
قضت المحكمة حينها بتغريمها 2500 شيكل وعلّقت تنفيذ حكم بالسجن لمدة ستة أشهر.
ومنذ عام 1996 وحتى 2007، شغلت فايس منصب رئيسة بلدية مستوطنة “كداميم” بالضفة الغربية. ثم أسست في 2010 حركة “نحالا” الاستيطانية، التي تهدف إلى إقامة تجمعات استيطانية جديدة في المناطق المتنازع عليها، بما يشمل بؤرًا غير مصرح بها رسميًا. وما تزال تدير الحركة حتى اليوم.
ومع اندلاع الحرب في غزة عام 2023، برزت فايس كواحدة من أبرز الأصوات الداعية لإعادة توطين اليهود في القطاع، الذي انسحبت منه إسرائيل في عام 2005. ووفقًا لحركتها “نحالا”، فقد جرى تسجيل 500 عائلة استعدادًا للانتقال إلى القطاع مستقبلًا.
وفي نوفمبر 2024، دخلت فايس شمال غزة، بما في ذلك مستوطنة “نتساريم” السابقة، خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية هناك، رغم الحظر المفروض على دخول المدنيين. وقد فتحت هذه الخطوة باب الانتقادات، ودفع الجيش الإسرائيلي للإعلان عن فتح تحقيق بالحادثة، فيما قالت فايس للصحافة إنها “نظّمت مئات المستوطنين المستعدين للدخول فورًا”، معتبرةً أنه سيكون من الصعب على السلطات منعهم.
كما ظهرت فايس في تقرير لشبكة CNN في ديسمبر 2024، وهي تخاطب مجموعة من أنصارها في مستوطنة “كرني شومرون” بالضفة، قائلة: “سجّلوا أسماءكم، ستكونون في غزة”. وخلال اللقاء، عُرضت خريطة تتضمن خططًا لإقامة ستة تجمعات استيطانية في أنحاء القطاع.
وفي مقابلة لاحقة من منزلها في “كداميم”، صرّحت: “لن يبقى أي عربي هناك… نحن اليهود من سيكون في غزة”.
وأضافت: “العرب يريدون إبادة دولة إسرائيل، يمكنكم تسميتهم بالوحوش أو بممارسي التطهير العرقي بحق اليهود. لسنا نحن من نفعل ذلك، بل هم”.
وقد تكرر ظهور فايس إعلاميًا مؤخرًا، وكان أحدثها في وثائقي بثّته BBC تحت عنوان Louis Theroux: Settlers، تناول أنشطة المستوطنين في الضفة الغربية، وأجرى مقابلات مع فلسطينيين تضرروا من توسع المستوطنات.
وفي الوثائقي، نفت فايس الاتهامات الموجهة لها بالتحريض على العنف، قائلة: “لا علاقة لي بالإرهاب، هذه كذبة. نحن ندعم الحكومة”.
وقد لاقت بعض مواقفها دعمًا متزايدًا في المجتمع الإسرائيلي؛ إذ أظهر استطلاع أجراه “معهد السياسات للشعب اليهودي” في يناير 2025، أن 26% من الإسرائيليين يؤيدون إعادة إقامة مستوطنات “غوش قطيف” في غزة، وترتفع النسبة إلى 51% بين مؤيدي الائتلاف الحاكم.
وفي الشهر ذاته، شاركت فايس كمتحدثة في مؤتمر “نصر إسرائيل” بالقدس، إلى جانب وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، حيث دعوا جميعًا إلى “العودة اليهودية إلى غزة بعد الحرب”.
ولم تقتصر أنشطتها على ملف الاستيطان، إذ شاركت في الجدل السياسي الداخلي في إسرائيل، وناشدت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مطلع عام 2023 بعدم التراجع عن التعديلات القضائية المقترحة، معتبرةً أن المحكمة العليا تسعى إلى “طمس الطابع اليهودي والوطني للدولة”.
وفي مارس 2025، رشحها أستاذان جامعيان من جامعتي “أريئيل” و”بن غوريون” لجائزة نوبل للسلام، مشيرين إلى “جهودها الممتدة لعقود في تعزيز التجمعات اليهودية وترسيخ الاستقرار الإقليمي”، حسب ما ورد في بيان الترشيح.