أكاديمي روسي لـ “الوئام”: دعوة بوتين للقادة العرب تمثل نقطة تحول في العلاقات العالمية
خاص – الوئام
في لحظة توصف بأنها فارقة في مسار العلاقات الدولية، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قادة الدول العربية والأمين العام لجامعة الدول العربية إلى قمة روسية عربية غير مسبوقة تعقد في أكتوبر المقبل.
دعوة تتجاوز إطار البروتوكول الدبلوماسي التقليدي، لتؤسس لانطلاقة جديدة نحو شراكة استراتيجية بين موسكو والعالم العربي، في وقت تتراجع فيه الهيمنة الغربية وتبرز فيه ملامح نظام دولي متعدد الأقطاب.
العلاقات الروسية العربية
في هذا الصدد يعلق ديميتري بريجع، مستشار الشؤون السياسية الروسية ومدير الأبحاث بمركز الدراسات العربية الأوراسية في تصريحات خاصة لـ”الوئام” على القمة؛ معتبرا أن الدعوة التي وجهها الرئيس الروسي لقادة الدول العربية لحضور قمة في أكتوبر المقبل؛ تُعدّ لحظة محورية في العلاقات الروسية العربية.
ويرى أن القمة التي دعا إليها بوتين لا تمثل لقاءً دبلوماسيًا عابرًا، بل إعلانًا استراتيجيًا عن دخول العلاقات الدولية مرحلة جديدة تتجاوز الثنائية الغربية الشرقية، وتكرّس موقع موسكو كلاعب لا يمكن تجاوزه في النظام العالمي.
روسيا تطرح مشروعًا بديلًا
ويؤكد مستشار الشؤون السياسية الروسية خلال تصريحاته لـ “الوئام” أن روسيا لا تتحرك بدافع الفراغ أو كردّ فعل على تراجع الدور الأمريكي، بل تطرح نفسها كقوة عالمية ذات رؤية متكاملة تقوم على احترام السيادة والتعاون طويل الأمد.
وتابع “وهي المبادئ التي تلقى صدى واسعًا في المنطقة العربية، التي أنهكتها عقود من التدخلات الغربية التي لم تجلب سوى النزاعات والانقسامات”.
النهج الروسي
يرى بريجع إن روسيا لا تأتي إلى المنطقة بعقلية استعمارية، ولا تطرح أيديولوجيات جاهزة، بل تعرض شراكة قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة؛ وهذا ما يجعلها موضع ثقة في قضايا استراتيجية كالإرهاب والاستقرار الإقليمي والطاقة، إلى جانب التعاون في مجالات مثل التعليم والتكنولوجيا.
نظام متعدد الأقطاب
يضيف بريجع أن القمة المرتقبة ليست مجرد مناسبة سياسية، بل تمثل مشروعًا لبناء شراكة إقليمية مع روسيا كقطب مستقل ضمن نظام عالمي متعدد الأقطاب.
يشير بريجع إلى أن السياسة الروسية تجاه العالم العربي لم تعد تقتصر على ملفات محددة، بل باتت تشمل الخليج، المغرب العربي، مصر، الجزائر، والسودان.
وهذا التوجه يعكس تطورًا في العقل السياسي الروسي وانفتاحًا حقيقيًا على العالم العربي كشريك استراتيجي طويل الأمد.
نحو إطار مؤسسي
يعتقد مستشار الشؤون السياسية الروسية أن القمة القادمة تمثل فرصة لترسيخ هذا الانفتاح وتحويله إلى أطر مؤسسية دائمة، ربما تتطور لاحقًا إلى منتدى دائم للحوار العربي الروسي أو حتى شراكة أمنية واقتصادية شاملة، تعزز من استقلالية القرار العربي وفاعلية الدور الروسي.
ويوضح بريجع أن روسيا لا تقدم نفسها كبديل مطلق، بل كخيار عقلاني غير قائم على الإملاء أو الضغط. وهو ما يجعلها شريكًا جذابًا في نظر كثير من العواصم العربية التي تبحث عن تنوع في العلاقات يحترم مصالحها.
دور مرتقب
يؤكد بريجع أن مشاركة الجامعة العربية في القمة تمثل اختبارًا لمدى قدرتها على لعب دور قيادي مستقل. فمشاركتها الفاعلة ستعكس نضوجًا سياسيًا ورغبة في علاقات أكثر توازنًا وتعددية.
ويشير إلى أن هذا الانخراط العربي في شراكة مع روسيا يعكس أيضًا الرغبة في بناء نظام علاقات دولية جديد، لا يقوم على الاستقواء أو الاصطفاف، بل على التعاون المتكافئ في المجالات كافة.
ويختتم بريجع تصريحاته بأن القمة المرتقبة يجب أن تُستثمر سياسيًا وإعلاميًا واقتصاديًا لبناء شراكة حقيقية قائمة على المصالح الواقعية لا على الشعارات. فروسيا والعرب أمام لحظة تاريخية قد تنتج عنها ولادة محور دولي جديد يعيد التوازن إلى الساحة العالمية.