هل توصلت أمريكا وأوروبا إلى توافق لإزاحة نتنياهو؟ خبراء يجيبون لـ”الوئام”

الوئام- خاص
شهدت العلاقات بين إسرائيل وكلٍّ من فرنسا وبريطانيا وكندا توترًا لافتًا خلال الأيام الأخيرة، على خلفية تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة والضفة الغربية.
وقد دفع هذا التوتر غير المسبوق هذه الدول — التي تُعد من أبرز حلفاء إسرائيل تقليديًا — إلى اتخاذ خطوات حازمة، تضمنت إعلان نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وفرض عقوبات محددة على المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية. كما صادق البرلمان الإسباني على مناقشة مقترح لحظر تجارة الأسلحة مع تل أبيب.
هذا التصعيد أثار تساؤلات جوهرية حول ما إذا كانت الولايات المتحدة، بقيادة دونالد ترمب، قد دفعت بالحلفاء الأوروبيين إلى الضغط على إسرائيل، وربما العمل على إسقاط حكومة بنيامين نتنياهو.
حالة ارتباك أوروبي
في هذا السياق، يرى كارزان حميد، الخبير في الشؤون الأوروبية، أن أوروبا تشهد حالة من الارتباك السياسي، ناتجة عن أزمات داخلية وتجاذبات حادة، تقف بين مطالب الشعوب الغاضبة من السياسات الغربية تجاه غزة، وبين مواقف حكومية مترددة في ملفات دولية كبرى، مثل الحرب الروسية الأوكرانية، والصراع الاقتصادي مع الصين، والعلاقات المتشابكة مع إسرائيل.
ويقول حميد في حديثه لـ”الوئام”: “كل تلك القضايا تتداخل مع مبادئ القانون الدولي التي كانت أوروبا أول من وضعها، لكنها اليوم تبدو عاجزة عن تطبيقها بوجه انتهاكات تقع أمام أعينها، خصوصًا في غزة”.
مأزق سياسي أخلاقي
ويضيف: “منذ اليوم الأول لهجمات 7 أكتوبر، تبنّت أوروبا موقفًا دفاعيًا عن إسرائيل من دون دراسة متأنية. لكن بعد اتساع رقعة الدمار وارتفاع عدد الضحايا الفلسطينيين، بدأ الموقف الأوروبي يتراجع، مدفوعًا بغضب شعبي متصاعد، ولا سيما بعد المفارقة الواضحة بين تعامل الغرب مع أزمتي أوكرانيا وفلسطين”.
أوروبا فقدت بوصلتها
ويتابع حميد: “منذ الانتخابات التشريعية الأوروبية الأخيرة، فقدت أوروبا بوصلتها الاستراتيجية، وركّزت بالكامل على مواجهة روسيا، متجاهلة أحداثًا إنسانية مروّعة في مناطق أخرى من العالم، وعلى رأسها غزة”.
ويرى حميد أن التصعيد الأوروبي ضد إسرائيل قد لا يتجاوز كونه “زوبعة في فنجان”، مشيرًا إلى أن بعض السياسيين الأوروبيين قد يكونون مهددين بكشف ملفات فساد في حال واصلوا انتقاد تل أبيب، وهو ما قد يُستخدم لإسقاطهم سياسيًا.
بريطانيا.. سياسة “فرق تسد”
وحول موقف بريطانيا، يقول حميد: “لطالما تبنّت لندن سياسة تفتيت الخصوم وإشغالهم بصراعات، من دون أن تتورط مباشرة. فمنذ الحرب العالمية الثانية، لم تدخل بريطانيا حربًا بشكل مباشر، بل عبر الوكالة أو بالدفع غير المباشر”.
ترمب رأس الحربة في مواجهة نتنياهو
ويؤكد حميد أن المفاجأة تكمن في دور دونالد ترمب، الذي يُستخدم كرأس حربة من قبل بريطانيا في التصعيد ضد نتنياهو، قائلًا: “ترمب هو الشخصية المثالية بالنسبة للندن لتنفيذ أجندتها في زعزعة استقرار حكومة نتنياهو، بوضع شخصين عنيدين في مواجهة مباشرة حتى الإنهاك السياسي”.
عزلة متزايدة لإسرائيل
ويحذر حميد من أن استمرار التصعيد العسكري الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية قد يؤدي إلى مزيد من العزلة الدولية لإسرائيل، لا سيما في ظل التبدل الواضح في مواقف عدد من الدول الغربية.
تحول نوعي في الموقف البريطاني
من جانبه، يرى أحمد عطا، الباحث في “منتدى الشرق الأوسط” بلندن، أن استدعاء الحكومة البريطانية للسفيرة الإسرائيلية، وتهديدها بفرض عقوبات على المستوطنين، يمثّل تحولًا نوعيًا كبيرًا في خطاب لندن تجاه تل أبيب.
ويضيف عطا لـ”الوئام”: “نتنياهو يحاول الترويج لمبررات واهية لتبرير سياسة الإبادة الممنهجة بحق الفلسطينيين، التي تجاوزت العامين. وفي المقابل، تدعو دول مثل كندا وبريطانيا إلى حل سياسي قائم على الدولتين، ودخول المساعدات إلى غزة دون شروط”.
مشروع مشترك لإزاحة نتنياهو
ويشير عطا إلى أن التحرك الأوروبي والأمريكي تجاه إسرائيل ليس عشوائيًا، بل يأتي ضمن مشروع سياسي مشترك يتعلق بمستقبل غزة وفلسطين، مشددًا على أن إزاحة نتنياهو أصبحت شرطًا أساسيًا لتمرير هذا المشروع.