السفر كوسيلة للشفاء: كيف يعيد تنظيم الذات ويخفف من ضغوط الحياة؟

الدكتورة أسماء محمد سعد – استشارية الصحة النفسية والتربية الخاصة والاستشارات الأسرية
في زحام الحياة اليومية ومع تراكم الضغوط النفسية والانشغالات المستمرة يصبح العقل في حاجة إلى مساحة جديدة يلتقط فيها أنفاسه ويعيد فيها توازنه، وهنا يأتي السفر كأداة فعالة ومجربة لتحسين الصحة النفسية.
من الناحية النفسية، السفر لا يعني فقط الانتقال من مكان إلى آخر بل هو انقطاع مؤقت عن مصادر التوتر اليومي وتحفيز لحواس جديدة من خلال مناظر طبيعية مختلفة وثقافات متنوعة وتجارب غير مألوفة وهذا بحد ذاته يعيد تنشيط دوائر المتعة في الدماغ ويقلل من مستويات التوتر والقلق.
كما أثبتت الدراسات أن تغيير البيئة حتى لبضعة أيام قد يؤثر إيجابا على الحالة المزاجية ويزيد من إفراز السيروتونين والدوبامين وهي هرمونات مرتبطة بالشعور بالسعادة والراحة النفسية، كما أن السفر يحفز الدماغ على التعلم والتكيف مما يدعم المرونة النفسية ويعزز الإحساس بالسيطرة على الحياة.
السفر أيضا يفتح المجال للتأمل والتفكر حين يجد الإنسان نفسه في مكان جديد دون قيود اجتماعية معتادة يبدأ في رؤية نفسه بشكل مختلف فيعيد تقييم أولوياته ويراجع علاقاته ويستكشف أعماقه التي لم يكن يراها في زحمة الروتين.
ولو كان السفر بسيطا إلى مكان قريب بعيدا عن الضجيج فإن مجرد الانفصال المؤقت عن ضغوط الحياة اليومية يترك أثرا إيجابيا واضحا في توازن الجهاز العصبي ويمنح الجسد والعقل فرصة للراحة وإعادة الشحن.
لذلك أنصح دائما بأهمية إدراج السفر ضمن خطط العناية بالنفس ولو مرة واحدة في العام ليس كرفاهية بل كضرورة نفسية.
والسفر ليس هروبا بل هو عودة إلى الذات من زاوية أخرى هو إعادة تعريف للصمت والراحة والاكتشاف.