أبرز 5 أزمات زوجية تسببت في إحراج القادة الغربيين

أثار مقطع فيديو صادم، ظهر فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وهو يتلقى صفعة على وجهه من زوجته بريجيت لحظة نزولهما من الطائرة في فيتنام، تفاعلًا واسعًا على وسائل التواصل وفي الصحافة الفرنسية والدولية. الواقعة، التي وثّقتها وكالة “أسوشيتد برس” وانتشرت على نطاق واسع، التُقطت خلال زيارة ماكرون الرسمية لفيتنام، أمس الأحد، حيث ظهر وقد بدا عليه الارتباك لثوانٍ بعد الصفعة، قبل أن يستعيد هدوءه ويواصل نزوله من سلم الطائرة.
المفارقة أن الإليزيه سارع للتقليل من الحدث، واصفًا ما جرى بأنه “لحظة ودية” و”مشادة عائلية عابرة” لا تنطوي على دلالات سلبية، لكن التفاعل لم يتراجع، خصوصًا بعد تأكيد صحة المقطع، رغم ما أُشيع في البداية عن تلاعب بالذكاء الاصطناعي. وبينما يرى البعض أن الحادث عفوي، اعتبره آخرون إحراجًا علنيًا يحمل رمزية أعمق في توقيت سياسي حساس.
هذه الحادثة أعادت فتح ملف الخلافات والفضائح الزوجية التي طالت قادة دول غربية ورؤساء أمريكيين، والتي لم تكن مجرد شؤون شخصية، بل تحولت في كثير من الأحيان إلى أزمات عامة أثرت على صورهم أمام الشعوب ووسائل الإعلام.
فيما يلي نستعرض أبرز خمس أزمات زوجية من هذا النوع، شملت رؤساء في مناصبهم، وتفاوتت تداعياتها بين الهزات الإعلامية والمآلات السياسية.
كلينتون (الولايات المتحدة، 1998)
ارتبط اسم الرئيس الأمريكي بيل كلينتون بأحد أشهر الفضائح الرئاسية، بسبب علاقة غير مشروعة مع المتدربة ليندسي ليفينسكي في البيت الأبيض.
كان كلينتون متزوجًا من هيلاري كلينتون، وانكشفت العلاقة في أوائل عام 1998 بعد أن كشف محقق مستقل (كينيث ستار) عن رسائل مثيرة بين الرئيس وليفينسكي. وفي 17 أغسطس 1998، اعترف كلينتون في خطاب متلفز أمام الشعب الأمريكي بإقامة علاقة “غير لائقة” مع ليفينسكي، ووصف ما حدث بأنه “خطأ جسيم وانحراف شخصي”.
وقد عُدّ هذا الاعتراف حدثًا مفصليًا؛ فبعده صوّت مجلس النواب على مساءلة كلينتون بتهم شهادة زور وعرقلة العدالة، لكن مجلس الشيوخ الأمريكي برّأه من التهم في فبراير 1999.
وعلى الصعيد الإعلامي، هيمنت الواقعة على تغطية الإعلام الأمريكي طوال 1998 (أكثر من 2,345 دقيقة من نشرات الأخبار حسب تقديرات TIME)، لكن استطلاعات الرأي أظهرت أن غالبية الأمريكيين لم يغيروا رأيهم بشعبية كلينتون بل ووجدته مرتفعًا.
وتعامل كلينتون رسميًا مع الأزمة بالاستمرار في عمله الرئاسي (ألقى خطبة حالة الاتحاد في يناير 1999 دون ذكر التحقيق)، وركّز على إنجازاته. ودون إعلان طلاق أو اضطراب شخصي علني، استأنف كلينتون مهامه وأنهى ولايته في 2001 بعد معركة سياسية حادة.
ميتيران (فرنسا، 1994)
في نوفمبر 1994 انكشفت أسرار شخصية للرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتيران، إذ كشفت مجلة “باريس ماتش” وجود علاقة طويلة له مع عشيقته آن بينجيو، وأنجبا سرًا ابنة تُدعى مازارين عام 1974.
كان ميتيران متزوجًا من دانييل ميتيران، وبقيت علاقة ميتيران بآن بينجيو طيّ الكتمان نحو عشرين عامًا. وعندما كشف مصورو الصحافة عن صوره مع ابنته، صُدم الرأي العام الفرنسي. ومع ذلك، أشارت التقارير إلى أن النقمة كانت من كشف الخصوصية وليس من العلاقة ذاتها؛ فالصحافة اعتادت على احترام حياة السياسيين الخاصة، وبحسب صحيفة الـ LATimes: “لم تكن علاقة ميتيران بعشيقته هي الفضيحة بقدر ما كانت فضيحة أن باريس ماتش فضحت ذلك”.
ولم ينفِ ميتيران الأنباء علنًا، وظل الصمت سيد الموقف (كان وقتها في آخر فترة ولايته الرئاسية ويعاني من مرض السرطان).
وسياسيًا، أثار الكشف جدلًا حول حدود خصوصية القادة والشفافية في استخدام المال العام، لكن بنهاية ولايته في 1995 ومع وفاة ميتيران في 1996 اختفت تداعيات الفضيحة. وقد أشار المحللون إلى أن الفرنسيين اعتادوا على خبايا حياة الرؤساء (مثل ميتيران نفسه صاحب أسرار أخرى، أو شارل ديغول)، فالموقف العام ظل محايدًا نسبيًا بعد أن اعتبرها كثيرون قضية شخصية بحتة.
ساركوزي (فرنسا، 2007)
بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية عام 2007، أذهل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الرأي العام بخبر أزمته الزوجية. فقد أُعلن أن ساركوزي قرر رفع دعوى طلاق ضد زوجته الثانية سيسيليا السيجوني آلبنيز بعد 11 عامًا من الزواج وإثارة شائعات طويلة.
اجتذبت هذه الأزمة اهتمام وسائل الإعلام، خصوصًا بعدما لاحظت الصحافة غياب سيسيليا المتكرر عن المناسبات الرسمية ومرافقتها النادرة له بعد تنصيبه (حضرّت معه ثلاثة أحداث فقط بعد النصر الانتخابي).
وفي مقابلة مع صحيفة محلية، قالت سيسيليا إنها “كرهت الحياة تحت الأضواء”، وإن الحياة العامة “لا تناسبها”، بينما صرح ساركوزي بحدة في مؤتمر صحفي: “انتُخبت لحل مشاكل الفرنسيين، لا للتعليق على حياتي الخاصة”. وأظهرت استطلاعات أن معظم الفرنسيين تجاهلوا الأمر وصوّتوا بالإسقاط على شعبية الرئيس (92% قالوا إن الأمر لم يغيّر رأيهم فيه).
وسياسيًا، أحدث الطلاق ضجة صحفية واسعة وكشف عن حساسية الإعلام الفرنسي الجديد تجاه حياة السياسيين الشخصية. ولاحقًا، تزوج ساركوزي من المغنية العالمية كارلا بروني عام 2008، لكن الأزمة الأصلية شكلت منعطفًا في حياته الخاصة وأظهرت حرصه على فصل السياسة عن الشؤون الشخصية، إضافة إلى متابعة الرأي العام عن كثب للتفاصيل العائلية لرئيسه.
هولاند (فرنسا، 2014)
كانت سنة 2014 موعودة برواج عائلي للرئيس الاشتراكي فرانسوا هولاند: فقد كشفت مجلة Closer البريطانية في يناير من ذلك العام صورًا تظهر هولاند وهو يتوجه سرًا إلى شقة الممثلة الفرنسية جولي غاييه، مما أثار فضيحة علاقة حميمية خارج إطار “حب حياته” السابقة فاليري تريفيليييه، شريكة حياته الرسمية.
وأوضح تقرير لـBBC أن المجلة نشرت سبع صفحات عن هذه الزيارات السرية، وقد تسبب ذلك في جدل سياسي كبير داخل فرنسا. ورغم تشبث هولاند بعدم التعليق مباشرة على الادعاءات، أعلن بعد نشر الصور بأيام أنه “أنهى حياته المشتركة” مع تريفيليييه.
وقضائيًا، ألزمته محكمة فرنسية بدفع تعويضات للممثلة جولي غاييه لانتهاك خصوصيتها (حكم بدفع 15 ألف يورو).
هذه الأزمة الزوجية أحرجت هولاند إعلاميًا، وأدت إلى استقالة شريكته وإضعاف صورته الرومانسية في الرأي العام، لكنها لم تهدد استمراره السياسي. وواجه هولاند الحديث عن حياته الخاصة ببرود نسبي وعاد إلى التركيز على سياساته الداخلية، إلا أن الإعلام الفرنسي لاحظ أنه أول رئيس تحت الضوء يستهدفه صحفيون ينقبون عن تفاصيل حياته الخاصة، مما أثار نقاشًا حول خصوصية شخصيات الدولة.
وفي الكواليس، اعتُبر انتهاء “علاقته المشتركة” مع تريفيليييه بمثابة تعويض رمزي عن خيانته الظاهرة، وما لبث بعدها أن أعلن خطوبته إلى جولي غاييه عام 2017 بعد انتهاء ولايته الرئاسية.
ترمب (الولايات المتحدة، 2016 – 2024)
تعرض الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لأزمة زوجية-إعلامية مختلفة، تتعلق بعلاقة جنسية مزعومة مع ممثلة أفلام إباحية تُدعى ستورمي دانيلز. وبحسب تحقيقات وجهت إليه تهم “تزييف سجلات أعمال” تتعلق بدفع أموال لها مقابل التزام الصمت قبل الانتخابات الرئاسية 2016.
ووفق تقرير BBC (مايو 2024)، فإن ترمب هو أول رئيس أمريكي يمثل أمام القضاء في قضية من هذا النوع، وقد أنكر أي علاقة جنسية مع دانيلز.
ورغم عدم اتخاذ زوجته ميلانيا أي موقف علني معلن (وظلت معه)، أثارت هذه الفضيحة الإعلامية ضجة عالمية، خاصة خلال المحاكمة التي انطلقت عام 2023 وتضمنت شهادات وصورًا وتفاصيل حميمة.
بينما سياسيًا، لم تنجح هذه الأزمة في إفشال طموحات ترمب، وظل شخصية مثيرة للانقسام في الإعلام، وسيطر أتباعه على الخطاب العام بعد نشراته. وقد سارع الإعلام الأمريكي إلى تغطية القضية بشكل كثيف، في حين وظف ترمب خطابه الدفاعي في الندوات والمهرجانات السياسية لنفي الاتهامات، مستغلًا قاعدة مؤيديه الرافضين لاستهداف حياته الخاصة.
وبهذا الشكل، تحولت الأزمة الزوجية الظاهرية إلى قضية قانونية كبرى أكدّت حجم تأثير الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في مسيرة سياسية.