خبيران: السعودية أعادت سوريا إلى الساحة الدولية

خبيران: السعودية أعادت سوريا إلى الساحة الدولية

الوئام – خاص

يعكس الدعم السعودي المستمر لسوريا رغبة المملكة في تعزيز الاستقرار الاقتصادي السوري، والحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية. كما تكللت الجهود السعودية برفع العقوبات الأمريكية عن دمشق، وإعادة دمجها في المجتمع الدولي.

الدعم السعودي

وفي السياق، يقول أحمد عطا، الباحث في منتدى الشرق الأوسط بلندن، إن السعودية، كلاعب إقليمي يحظى بتأييد دولي، تحرص على سيادة سوريا واستقلالها ورفع العقوبات عنها. ولهذا جاءت مبادرة السعودية لدعم الرواتب في سوريا كبداية لترسيخ دور المؤسسات السورية وتفعيل دورها لتحقيق الاستقرار الداخلي.

ولفت إلى أن السعودية تمتلك أجندة اقتصادية رفيعة المستوى ستُسهم في استعادة الاقتصاد السوري خلال مدة قصيرة، خاصة أن سوريا تمتلك احتياطيات كبيرة من النفط والغاز والفوسفات، تُقدّر قيمتها بـ200 مليار دولار.

رفع العقوبات

ويضيف “عطا”، في حديث خاص لـ”الوئام”، أن السعودية لعبت دورًا محوريًا مع الولايات المتحدة في رفع العقوبات عن سوريا، ولولا المملكة لما عادت سوريا مجددًا إلى المجتمع الدولي، بعدما ظن البعض أنها لن تعود.

وأشار إلى أن زيارة وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان إلى دمشق منحت سوريا “قبلة الحياة” السياسية الإقليمية والدولية، حيث ستكون المملكة في مقدمة الدول الداعمة لمسيرة إعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي في سوريا.

دمج سوريا

ويؤكد “عطا” أنه خلال زيارة الأمير فيصل بن فرحان تم الاتفاق على تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، حيث رافق الوزير وفد اقتصادي سعودي رفيع المستوى لبحث فرص الاستثمار في مجالات الطاقة، الزراعة، البنية التحتية، وتكنولوجيا المعلومات، وأيضًا قطاع الرياضة.

أحمد عطا

ويعكس هذا التحول في العلاقات بين السعودية وسوريا توجهًا إقليميًا نحو إعادة دمج سوريا في محيطها العربي والدولي، مع التركيز على إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية.

تعزيز الصمود المؤسسي

من جانبه، يقول محمود جمال سعيد، الباحث الاقتصادي، إن الدعم السعودي يمثل تدخلًا اقتصاديًا محسوبًا لتعزيز استقرار الدولة السورية من الداخل، عبر إنعاش وظائفها الأساسية التي أصيبت بالشلل بسبب العجز المالي.

وأشار إلى أن تأثير هذا الدعم سيتجاوز مسألة الرواتب، ليصل إلى تعزيز الصمود المؤسسي، لا سيما في القطاعات الحيوية التي فقدت جزءًا كبيرًا من كفاءاتها خلال سنوات الحرب.

التعليم الحكومي

ويذكر “سعيد”، في حديث خاص لـ”الوئام”، أن في طليعة هذه القطاعات يأتي التعليم الحكومي، الذي شهد منذ عام 2011 مغادرة عشرات الآلاف من المعلمين بسبب تآكل الأجور وتردي بيئة العمل، مما تسبب في توقف آلاف المدارس جزئيًا عن العمل، خاصة في المدن الكبرى وريفها.

ويضيف الباحث الاقتصادي أن الدعم المالي المقدم من السعودية سيمكّن وزارة التربية السورية من استعادة جزء من الطواقم التعليمية وتحسين انتظام العملية الدراسية في المناطق المكتظة، ما يساهم في كسر دوامة الانقطاع التعليمي التي طالت جيلًا كاملًا.

القطاع الصحي

ويتابع: “القطاع الصحي الحكومي، بدوره، يُعد من أبرز المستفيدين من هذا الدعم، لا سيما مع فقدان ما يزيد عن 60% من الكادر الطبي خلال السنوات الأخيرة، بحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية.

كما أن انتظام الرواتب خلال الأشهر القادمة قد يساهم في استبقاء الأطباء والممرضين داخل البلاد، ويعزز من قدرة المستشفيات العامة على تقديم خدماتها الأساسية، خصوصًا في ظل تراجع القدرة الشرائية وفقر الإمكانيات التشغيلية”.

إعادة الاستقرار

ويؤكد أن هذا التحرك يأتي كجزء من توجه سعودي أوسع نحو استعادة الاستقرار في المنطقة، من خلال “تعزيز وظائف الدولة بدلًا من تركها للفراغ”. وبيّن أن أكثر من 70% من السوريين اليوم يعتمدون، بشكل مباشر أو غير مباشر، على الدولة في تأمين دخلهم، ما يجعل دعم الرواتب خطوة حاسمة لمنع الانهيار الاجتماعي.

ويختتم “سعيد” حديثه قائلًا: “يمكن النظر إلى الدعم السعودي باعتباره محاولة لإعادة الاستقرار الوطني من خلال تثبيت أركان الدولة في موقعها، وبناء المؤسسات مرة أخرى”.