ثمار تربوية (4)

ثمار تربوية (4)

نواف بن توفيق العبيد – باحث تربوي

العلم ركيزة أساسية للبناء التربوي وأساسًا للإيمان، فلا يتحقق الإيمان الصحيح دون معرفة مبادئ الدين وأحكامه من مصادره الأصيلة، قال تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ﴾ (سورة محمد:19)، فأمر الله نبيه ﷺ أن يعلم أنّه لا معبود حق إلا الله.

وتأكيداً لمنزلة العلم في الإسلام فقد بوَّب الإمام البخاري في صحيحه “باب العلم قبل القول والعمل” ونقل عن عمر قوله: ” تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تُسَوَّدُوا”، إذ متى قامت التربية على الجهل انتشرت الخرافة والبدع والمحدثات في المجتمع، ولذا حث النبي ﷺ على العلم بقوله: “من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً، سهّل الله له به طريقاً إلى الجنة” (رواه مسلم،) وبين عاقبة من حرم من العلم أنه لم يوفق للخير فقال ﷺ ” من يرد الله به خيراً يفقه في الدين” علق العلماء على هذا أن مفهوم المخالفة من لم يتفقه في الدين ما أريد به خير ، فالفهم الصحيح للإيمان كما جاء في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ وقاية من الانحرافات بجميع أنواعها السلوكية والفكرية والاعتقادية وغيرها، وعلى هذا فالجوانب الإيجابية في المجتمع لا تتحقق إلا بالعلم والمعرفة السليمة من المصادر الشرعية الأصيلة (الكتاب والسنة)، إذ يسهم العلم الشرعي مع غيره من العلوم في بناء مجتمعات أكثر وعيًا ورقي وحضارة، قال تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ (سورة المجادلة:11).

فالمتأمل في المنهج النبوي يجد أنه قائم على التوازن بين العلم والعمل، فبالقوة العلمية يبصر المتربي الطريق، وبالقوة العملية يسير نحو الهدف الصحيح، وقد جاء عن التابعي الجليل عبد الرحمن السُلمي قوله: “حدثنا الذين يقرئوننا القرآن أنّهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل”، مما يؤكد أهمية ربط العلم بالعمل في العملية التربوية سواء في الأسرة أو المدرسة أو المجتمع بكافة مؤسساته.