كوكب ضخم جديد يغير المفاهيم التقليدية حول الكون

رصد علماء الفلك كوكبًا عملاقًا يدور حول نجم صغير الكتلة، في اكتشاف يصفه الباحثون بأنه ينسف الفرضيات التقليدية لنشوء الكواكب.
الكوكب، الذي أُطلق عليه اسم TOI-6894b، يدور حول نجم قزم أحمر منخفض الكتلة، على بُعد نحو 241 سنة ضوئية من الأرض، بحسب ما جاء في دراسة نُشرت في 4 يونيو بمجلة Nature Astronomy.
يُعد هذا الاكتشاف إضافة جديدة إلى قائمة متنامية من الكواكب الخارجية التي تتعارض خصائصها مع النماذج المعتمدة لتكوّن الكواكب، خاصة نموذج “تراكم اللبّ” الذي يفترض أن الكواكب الغازية العملاقة تحتاج إلى نجوم ضخمة نسبيًا لتشكيلها.
وقال الدكتور فنسنت فان آيلن، المشارك في إعداد الدراسة وعالم الفيزياء الفلكية بجامعة لندن: “نحن لا نفهم حتى الآن كيف يمكن لنجم بهذه الكتلة الضئيلة أن يُنتج كوكبًا بهذا الحجم”. وأضاف: “هذا ما يجعل البحث عن الكواكب الخارجية مهمًا للغاية لفهم أصلها”.
عادةً ما يُعتقد أن النجوم التي لا تتجاوز كتلتها ثلث كتلة الشمس غير قادرة على تكوين كواكب ضخمة، نظرًا لأن الأقراص الغازية المحيطة بها لا تحتوي على ما يكفي من المواد اللازمة لذلك. إلا أن TOI-6894b – الذي تبلغ كتلته نحو 17% من كتلة المشتري، أو ما يعادل 53 مرة كتلة الأرض – يقدم دليلًا على عكس ذلك. وقد وجد الفريق العلمي أنه يدور حول نجمه في مدار قصير لا يتجاوز 3 أيام فقط، بينما يبلغ نصف قطره ما يزيد قليلًا عن نصف قطر كوكب زحل.
وأشار إدوارد براينت، أحد الباحثين في الدراسة من جامعة لندن، إلى أن “اكتشاف TOI-6894b سيشكل نقطة محورية لفهم حدود تكوين الكواكب العملاقة”، مؤكدًا أن هذا الكوكب هو الأضخم حتى الآن بين الكواكب المكتشفة حول نجوم منخفضة الكتلة.
الاكتشاف تم باستخدام القمر الاصطناعي TESS التابع لناسا، والذي أُطلق عام 2018 لرصد الكواكب الخارجية، بالإضافة إلى تلسكوبات أرضية دعمت عمليات الرصد. وأوضح الباحثون أن النتائج تطرح تحديًا مباشرًا للنموذج التقليدي، حيث إن الأقراص المحيطة بالنجوم الصغيرة كان يُفترض أنها غير كافية لتشكيل كوكب بهذا الحجم، ما قد يشير إلى سيناريوهات بديلة، مثل تشكله من انهيار جاذبي سريع في قرص غير مستقر.
ويرى الباحثون أن تحليل الغلاف الجوي للكوكب قد يساعد في كشف المزيد عن أصوله، وهو ما سيجري عبر تلسكوب جيمس ويب خلال العام المقبل.
وأكد الدكتور دانيال بايليس، من جامعة ورك البريطانية، أن “أغلب نجوم مجرتنا هي في الأصل نجوم صغيرة الكتلة، وهذا يعني أن عدد الكواكب العملاقة في المجرة قد يكون أكبر بكثير مما كنا نعتقد”.
الكوكب TOI-6894b لا يقدم فقط مفاجأة علمية، بل يمثل أيضًا فرصة لإعادة تقييم فهمنا لنشوء الكواكب في الكون، لا سيما في الأنظمة النجمية التي كانت تُستبعد سابقًا من حسابات البحث عن عوالم عملاقة.