كييف ترصد انتقادات لتعويض المستثمرين الغربيين باستخدام الأموال الروسية المحتجزة

حذّرت الحكومة الأوكرانية من تداعيات قرار استخدام جزء من الأصول الروسية المجمدة في أوروبا لتعويض مستثمرين غربيين، معتبرة أن الخطوة تمثل “رسالة خاطئة” تُضعف الموقف الأوروبي الموحد في مواجهة موسكو.
وجاءت الانتقادات بعد إعلان شركة “يوروكلير” البلجيكية الشهر الماضي عن تحويل 3 مليارات يورو من أموال مستثمرين روس كانت تحت إدارتها، لصالح أطراف غربية تكبدت خسائر إثر مصادرة موسكو أصولها داخل روسيا.
وفي أول تعليق رسمي من كييف، اعتبرت إيرينا مودرا، نائبة رئيس الإدارة الرئاسية الأوكرانية والمسؤولة عن الشؤون القانونية، أن تعويض المستثمرين قبل ضحايا الحرب “يناقض العدالة”، مضيفة أن “القانون الدولي يُلزم المعتدي بدفع تعويضات للضحايا، لا للمستثمرين الذين دخلوا طواعية في بيئة محفوفة بالمخاطر”.
وحذّرت مودرا من أن مثل هذه الخطوة تعكس “ترددًا أوروبيًا” قد يقوّض مصداقية الاتحاد الأوروبي في الضغط على روسيا. وأضافت أن الحفاظ على السيطرة على الأصول الروسية المجمّدة، خصوصًا التابعة للبنك المركزي الروسي، يعد “أمرًا محوريًا” في استراتيجية الردع.
وتتزامن الانتقادات الأوكرانية مع حالة من الغموض داخل التحالف الغربي، لا سيما في ظل مواقف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، التي أبدت فتورًا تجاه دعم كييف واستمرار العقوبات المفروضة على موسكو.
وكانت “يوروكلير” قد حصلت في مارس على موافقة من السلطات البلجيكية لتنفيذ التحويل، استنادًا إلى تعديل أوروبي في نظام العقوبات أقر العام الماضي. من جهته، قال ناطق باسم الحكومة البلجيكية إن القرار “يندرج ضمن تنفيذ تشريعات أوروبية أقرّتها الدول الأعضاء بالإجماع”.
بدورها، أكدت “يوروكلير” أنها تكتفي بتنفيذ العقوبات، دون أن تتخذ قرارات بشأنها.
وتأتي هذه الخطوة بينما يدور نقاش داخل الاتحاد الأوروبي بشأن استخدام كامل أرصدة روسيا المجمدة، والمقدّرة بـ300 مليار دولار، في تمويل جهود إعادة إعمار أوكرانيا ودعم دفاعاتها. وقد كشف ثلاثة مصادر روسية لوكالة رويترز أن حل ملف الأصول المجمدة يمثل أحد الشروط التي طرحها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء الحرب.
وحذرت مودرا من أن أي خطوة لإعادة الأموال إلى موسكو تعني عمليًا “تمويلًا مباشرًا لشراء دبابات وصواريخ وتدريب جنود جدد”. وأضافت: “يجب على العالم أن يُظهر أن شنّ الحروب غير القانونية يترتب عليه عواقب مالية لا رجعة فيها”.
وكانت أوكرانيا قد استفادت سابقًا من عائدات الفوائد على هذه الأموال المجمدة، وسط اعتراض روسي رسمي وصف الخطوة بأنها “سرقة”.
وفي حين لم تشمل الدفعة الأخيرة أصول البنك المركزي الروسي، فإنها أثارت مخاوف في كييف من تقويض المساعي لاستخدام الحزمة الكاملة من الأصول الروسية لصالح أوكرانيا.
مايكولا يورلوف، مسؤول في وزارة الخارجية الأوكرانية، قال إن الإجراء “سابق خطير”، بينما انتقدت النائبة البرلمانية كيرا روديك القرار قائلة: “الشركات الغربية كانت تعلم المخاطر عند دخولها السوق الروسية. لماذا يُطلب من مجتمعاتها اليوم تعويضها؟ نحن من يحتاج هذه الأموال للدفاع وإعادة الإعمار”.
ورأى يعقوب كيركيغارد، الخبير في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي بواشنطن، أن “التركيز على تعويض مصالح الشركات أمر مذهل”، معتبرًا أن الأولوية يجب أن تكون “لدعم الدفاع عن أوكرانيا”.
وتُعد الأموال الروسية المجمدة في أوروبا إحدى أدوات الضغط الرئيسية بيد الاتحاد الأوروبي، إلا أن صرفها بشكل جزئي قد يحدّ من تأثير هذا النفوذ في المستقبل، بحسب محللين.
ويُرتقب أن يجدد قادة الاتحاد الأوروبي العقوبات ضد روسيا خلال قمتهم في يونيو، بما في ذلك تجميد الأصول، وسط احتمال أن تعرقل هنغاريا هذه الخطوات، كما حدث في جولات سابقة.