زيادة حالات الحصبة في الولايات المتحدة تثير القلق خلال موسم السفر الصيفي

زيادة حالات الحصبة في الولايات المتحدة تثير القلق خلال موسم السفر الصيفي

تشهد الولايات المتحدة موجة مقلقة من تفشي مرض الحصبة، دفعت السلطات الصحية إلى إصدار تحذيرات مشددة للمسافرين، خاصة مع اقتراب موسم الإجازات الصيفية. ووفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، فقد تم تسجيل أكثر من 1100 حالة إصابة بالحصبة منذ بداية عام 2025، وهو رقم يثير القلق ويعيد إلى الأذهان موجة التفشي الواسعة التي شهدها عام 2019.

تحذر السلطات من أن احتمالات التعرض للفيروس لم تعد تقتصر على المستشفيات وعيادات الطوارئ فحسب، بل امتدت إلى الفعاليات العامة والمراكز التجارية والمطارات ووسائل النقل العام. وقد وثقت حالات إصابة مرتبطة بحفل غنائي للفنانة شاكيرا في نيوجيرسي، ومركز تسوق في مينيسوتا، ومتجر شهير في تكساس، إضافة إلى مطارات في عدة ولايات أمريكية.

وتوضح CDC أن خطر الإصابة يشمل المسافرين في المطارات ومحطات القطار والطائرات والقطارات والوجهات السياحية الكبرى، وحتى الفعاليات الجماهيرية، مؤكدة أن الأشخاص المصابين يمكنهم نقل العدوى إلى مجتمعاتهم المحلية بسهولة، خصوصًا إذا لم يكن السكان محصنين ضد المرض.

وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت القضاء على الحصبة في عام 2000، بفضل جهود تطعيم ناجحة ومنسقة. لكن تفشي المرض هذا العام، لا سيما في ولاية تكساس، أعاد القلق إلى الواجهة. وتشير التقارير إلى أن غالبية الحالات تتركز في مقاطعة غينز، التي بات سكانها إما محصنين بعد الإصابة أو تلقوا التطعيم بعد التفشي. لكن السلطات تحذر من أن السفر الصيفي قد يساهم في نقل العدوى إلى مناطق جديدة، وهو ما اعتبرته مسؤولة الصحة لوري ترمل فريمان “قصة تحذيرية” ينبغي الانتباه لها.

في ضوء ذلك، شددت مراكز السيطرة على الأمراض على ضرورة أن يتلقى المسافرون الدوليون جرعتين من لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية (MMR)، وأوصت بجرعة إضافية للأطفال بين 6 و11 شهرًا ممن يخططون للسفر. وأوضح الدكتور بيتر هوتيز، من مركز تطوير اللقاحات في مستشفى الأطفال بتكساس، أن إعطاء جرعة ثالثة للأطفال في هذه السن لا يشكل خطرًا، مشيرًا إلى أن لقاح الحصبة يُعد من أكثر اللقاحات أمانًا.

كما أوضح هوتيز أن البالغين المولودين قبل عام 1957 لا يُطلب منهم تلقي اللقاح عادة، بسبب احتمالية تعرضهم للفيروس في طفولتهم واكتسابهم مناعة طبيعية. إلا أن هناك استثناءات، خاصة للعاملين في القطاع الصحي، حيث يُوصى بتلقي جرعتين من اللقاح بغض النظر عن سنة الميلاد.

ومع أن اللقاح غير موصى به للحوامل والرضع دون 6 أشهر والأشخاص الذين يعانون من ضعف شديد في المناعة، إلا أن هناك وسائل وقاية أخرى، مثل “الغلوبولين المناعي”، الذي يُعطى في المستشفيات للأشخاص المعرضين للخطر بعد تعرضهم للفيروس.

في السياق نفسه، ينصح الأطباء المسافرين بالتحقق من حالتهم المناعية قبل السفر بستة أسابيع على الأقل، سواء عبر فحوص الأجسام المضادة، أو التأكد من تلقي جرعتين من لقاح MMR تفصل بينهما 28 يومًا. كما يُنصح باصطحاب الأدوية الخاصة، ومعرفة أقرب المستشفيات أو العيادات في وجهة السفر، وتحديث التطعيمات المطلوبة حسب الدولة المقصودة.

ورغم أن الحاصلين على اللقاح يتمتعون بنسبة حماية تصل إلى 97%، إلا أن هناك احتمالًا ضئيلًا للإصابة، ولكن مع أعراض أقل حدة. ويؤكد الأطباء أنه في حال الشك بالتعرض للفيروس، ينبغي مراجعة الطبيب فورًا، حيث يمكن اتخاذ إجراءات وقائية لتقليل تأثير المرض، مثل الحصول على اللقاح أو الأجسام المضادة بعد التعرض.

وتبقى الإجراءات العامة للنظافة والوقاية ضرورية، مثل غسل اليدين بانتظام، وتجنب الأماكن المزدحمة، وارتداء الكمامات في الأماكن المغلقة أو للمعرضين لمضاعفات شديدة. فهذه التدابير لا تقلل من خطر الإصابة بالحصبة فحسب، بل تقي أيضًا من أمراض أخرى مثل كوفيد-19 والإنفلونزا.

ويؤكد الأطباء أن الحصبة من أكثر الفيروسات عدوى في العالم، حيث يمكن أن تنتقل حتى في بيئة مثل بوابة المطار دون احتكاك مباشر. ويقول الدكتور هوتيز إن المرض لا يزال يقتل عشرات الآلاف من الأطفال سنويًا على مستوى العالم رغم الانخفاض الكبير في الوفيات، مشيرًا إلى أن تفشي المرض في تكساس أسفر بالفعل عن أكثر من 90 حالة دخول للمستشفى، بينها حالتا وفاة.

في ضوء هذه المعطيات، تحث السلطات الصحية جميع المسافرين والمواطنين على اتخاذ الحيطة اللازمة والتأكد من استكمال اللقاحات، من أجل تجنب موجة أوسع من هذا المرض القابل للوقاية.