تحطم تحالف القوة والثروة: كيف انتهت العلاقة الفريدة بين ترامب وماسك؟

في مشهد يلخص نهاية واحدة من أكثر العلاقات الاستثنائية في السياسة الأميركية، انهارت الشراكة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس شركة سبيس إكس إيلون ماسك، بعد سلسلة من الخلافات المتراكمة التي انفجرت على خلفية قرار رئاسي بسحب ترشيح صديق مقرّب من ماسك لرئاسة وكالة الفضاء “ناسا”.
بداية الانفجار.. تبرعات مشبوهة
قبل دقائق من دخول ترامب المكتب البيضاوي لحضور مراسم وداع رسمية لماسك، سلّمه أحد مساعديه ملفًا يحتوي على معلومات عن جاريد آيزاكمان، رجل الأعمال الملياردير والمقرّب من ماسك، والذي كان مرشحًا لقيادة وكالة الفضاء. الملف كشف أن آيزاكمان قدّم تبرعات خلال السنوات الماضية لعدد من الشخصيات الديمقراطية، ما أثار غضب ترامب.
ورغم تظاهره بالهدوء أمام الكاميرات، واجه ترامب ماسك بعدها مباشرة، وقرأ له بعض أسماء المتبرَّع لهم، ملوّحًا بأن هذه الخطوة “لن تنتهي بخير”.
ماسك دافع عن صديقه، مشيرًا إلى أن آيزاكمان “رجل إنجازات” وتبرعاته “ليست مؤدلجة”، وأن توظيفه يعكس انفتاح الرئيس على شخصيات من خلفيات متنوعة، لكن ترامب رفض التبرير وقال: “الناس لا يتغيرون، وسينقلب علينا في النهاية”.
ترشيح ساقط.. وغضب ماسك
القرار النهائي أتى سريعًا: ترامب ألغى ترشيح آيزاكمان. ووفق مصادر مطلعة تحدثت للصحيفة، شعر ماسك بالإهانة الشخصية من سحب الترشيح، لا سيما أن منصب رئيس ناسا كان له أهمية كبرى بالنسبة له ولمصالح سبيس إكس.
الخطوة فاقمت الشرخ القائم أصلًا، بعد أشهر من التوترات خلف الكواليس بين ماسك وفريق ترامب، خصوصًا مع سيرجيو غور، مدير مكتب شؤون التعيينات في البيت الأبيض، والذي يُعتقد أنه لعب دورًا أساسيًا في إحباط ترشيح آيزاكمان.
من التحالف إلى العداء
بحلول نهاية الأسبوع، تحوّل الخلاف إلى مواجهة مفتوحة. ماسك بدأ بتوجيه انتقادات مباشرة لترامب، مشيرًا عبر منصته “إكس” إلى ضرورة مساءلته وربما عزله، وادّعى أن وثائق حكومية تضم إشارات لترامب في قضايا متعلقة بجيفري إبستين. كما هاجم سياسات ترامب الاقتصادية، محذرًا من أن تعريفة الجمركية قد تُدخل الاقتصاد في ركود.
ترامب من جهته رد من خلال منصته “تروث سوشال”، مهددًا بإلغاء العقود الحكومية الضخمة مع شركات ماسك، وقال خلال لقائه بالمستشار الألماني إن ماسك مصاب بـ”متلازمة كراهية ترامب”، وأنه “أُصيب بها بعد مغادرته البيت الأبيض”.
انقسامات داخلية.. وغضب في البيت الأبيض
في أروقة الإدارة الأمريكية، ساد الانقسام. بعض مساعدي الرئيس حمّلوا سيرجيو غور مسؤولية الأزمة، معتبرين أنه تعمّد إفشال ماسك وهو يغادر البيت الأبيض، فيما دافع آخرون عن غور باعتباره “جزءًا أساسيًا من الفريق” وساهم في تشكيل إدارة “لا مثيل لها”، على حد تعبير مدير الاتصالات ستيفن تشيونغ.
وكان غور قد تصادم في أكثر من مناسبة مع ماسك بشأن تعيينات إدارية، إذ انتقد الأخير ما اعتبره بطئًا في اختيار الكوادر العليا في الوكالات الفيدرالية، كما اختلفا حول مدى نفوذ موظفي “وزارة الكفاءة الحكومية”، وهي إدارة أنشأها ترامب وأوكل جزءًا من مهامها لماسك.
تسخين اقتصادي.. وماسك يلوّح بالعصيان
في خضم الأزمة، حرص ماسك على التعبير عن رفضه لمشروع قانون جمهوري يدعمه ترامب ويهدف إلى خفض الضرائب وزيادة الإنفاق العسكري وأمن الحدود، معتبرًا أنه سيلغي جهود الكفاءة الحكومية التي قادها بنفسه.
ونشر ماسك رسمًا بيانيًا على “إكس” يُظهر تصاعد الدين العام الأمريكي، وعلّق بكلمة واحدة: “مخيف”.
في المقابل، تجاهل ترامب الانتقادات علنًا، واكتفى بمواصلة جدول أعماله، بينما ألمحت تسريبات إلى أنه يدرس بيع سيارة “تسلا” الحمراء التي اشتراها سابقًا دعمًا لماسك.
هل من طريق للتهدئة؟
في ختام أسبوع عاصف، أبدى ماسك إشارة إلى رغبته في تخفيف حدة التوتر، لكن البيت الأبيض أكد أن الرئيس “لا ينوي التواصل معه حاليًا”.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت: “الرئيس ترامب هو القائد الأوحد للحزب الجمهوري، ونسبة تأييده بين الأمريكيين في تصاعد. التضخم يتراجع، والرواتب والثقة الاستهلاكية في ازدياد، والحدود مؤمّنة، وأمريكا أكثر ازدهارًا من أي وقت مضى”.
فيما لم يصدر أي تعليق رسمي من فريق ماسك.