الصين تثير قلق اليابان بأسلحة استراتيجية

أكدت اليابان هذا الأسبوع أن الصين قامت، ولأول مرة، بتسيير حاملتي طائرات في عمليات مشتركة في المحيط الهادئ، في خطوة اعتبرتها طوكيو مؤشرًا جديدًا على اتساع نفوذ بكين العسكري خارج حدودها التقليدية.
ويمثل هذا التطور قفزة نوعية في قدرات البحرية الصينية، ويزيد من حدة التوترات الإقليمية، خاصة مع تجاوز القطع البحرية الصينية ما يعرف بـ”سلسلة الجزر الأولى” ووصولها إلى مشارف “السلسلة الثانية”، التي تضم جزيرة غوام الأميركية.
في هذا السياق، عبّرت وزارة الدفاع اليابانية عن قلقها العميق، لا سيما بعد اقتراب طائرة مقاتلة صينية من طراز “جي-15″، انطلقت من حاملة الطائرات “شاندونغ”، لمسافة غير مأمونة قُدّرت بـ45 مترًا فقط من طائرة استطلاع يابانية من طراز “P-3C”، كانت تقوم بمهمة مراقبة في المنطقة.
ووصفت طوكيو هذا السلوك بالاستفزازي، مشيرة إلى أن طائرة صينية أخرى قطعت مسار طائرة يابانية على مسافة أقل من كيلومتر واحد في اليوم التالي، ما قد يؤدي إلى تصادم عرضي. وقد نقلت اليابان “احتجاجًا جادًا” و”طلبًا رسميًا لاتخاذ تدابير وقائية” إلى الجانب الصيني.
الخطوة الصينية أثارت ردود فعل أخرى، خاصة من جانب تايوان، التي ترى أن هذه العمليات البحرية المزدوجة تعكس “الطبيعة التوسعية” لبكين، وتبعث برسائل سياسية تهدف إلى ترسيخ الوجود الصيني في المحيط المفتوح، بما يتجاوز حتى بحر الصين الشرقي. وتُعد تايوان نقطة توتر رئيسية، حيث تؤكد بكين أنها جزء لا يتجزأ من أراضيها ولا تستبعد استخدام القوة لفرض السيطرة عليه.
بحسب وزارة الدفاع اليابانية، شوهدت حاملتا الطائرات “لياونينغ” و”شاندونغ” في وقت متزامن تقريبًا وهما تنفذان تدريبات بالقرب من جزيرة “آيوو جيما”، على بُعد نحو 1200 كيلومتر جنوب طوكيو. كما أبحرت حاملة “لياونينغ” داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان قرب جزيرة “ميناميتوريشيما”، دون أن تخرق المياه الإقليمية رسميًا، إلا أن اليابان عبّرت عن “قلقها العميق” من التحركات، خاصة أن الطائرات الحربية على متن الحاملتين قامت بالإقلاع والهبوط خلال التمرينات.
تأتي هذه التحركات ضمن استراتيجية صينية أوسع لتطوير قوة بحرية قادرة على العمل في أعالي البحار، بعيدًا عن اليابسة.
وتُعرف الصين بأنها تملك اليوم أكبر أسطول بحري في العالم من حيث عدد القطع، لكنها لا تزال متخلفة عن الولايات المتحدة من حيث عدد حاملات الطائرات والتقنيات المرتبطة بها. فبينما تمتلك واشنطن 11 حاملة طائرات جميعها تعمل بالطاقة النووية، تملك الصين ثلاث حاملات فقط، جميعها تعتمد على الوقود التقليدي، اثنتان منها (لياونينغ وشاندونغ) تعتمدان نظام الإقلاع “المنحدر” القديم.
أما الحاملة الثالثة، “فوجيان”، التي أُطلقت عام 2022، فهي في المراحل النهائية من التجارب البحرية، ومن المتوقع أن تدخل الخدمة نهاية العام الجاري. وتتميز هذه الحاملة بتقنية إطلاق كهرومغناطيسية حديثة تشبه تلك المعتمدة في الحاملات الأميركية الأحدث، ما يمثل نقلة نوعية في القدرات الصينية. وتشير صور أقمار صناعية إلى أن الصين تعمل أيضًا على تطوير نظام دفع نووي لحاملاتها المستقبلية، ما سيمنحها قدرة أكبر على المناورة والتوسع.
هذا التصعيد يأتي في ظل تواتر حوادث بحرية وجوية بين بكين وطوكيو، ففي أغسطس الماضي اخترقت طائرة استطلاع صينية المجال الجوي الياباني قرب ناغاساكي، كما دخلت سفينة مسح صينية المياه الإقليمية لليابان قبالة كاغوشيما. وفي سبتمبر، مرت الحاملة “لياونينغ” برفقة مدمرتين حربيتين بين جزيرتي “يوناكوني” و”إيريوموتي”، ضمن منطقة خاضعة لسيطرة اليابان جزئيًا، وتقع قرب الساحل الشرقي لتايوان.
وتخشى طوكيو أيضًا من تنامي التنسيق العسكري بين الصين وروسيا، والذي يشمل في بعض الأحيان طلعات جوية وسفنًا حربية مشتركة حول الجزر اليابانية، شمالًا وجنوبًا. وقد دفعت هذه التطورات اليابان إلى تسريع عمليات تحديث قواتها الدفاعية، بما في ذلك تعزيز الدفاع الجوي في الجزر النائية، وامتلاك قدرات “الضربات المضادة” عبر صواريخ كروز بعيدة المدى.
في الوقت نفسه، تحافظ الحكومة اليابانية على قنوات الاتصال مفتوحة مع بكين. وقال كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني، يوشيماسا هاياشي، الخميس، إن بلاده ستواصل “الاتصال الوثيق” مع الصين، وستكثف في الوقت نفسه جهود المراقبة الجوية والبحرية لضمان أمن وسلامة أراضيها.