النمسا تعيش حالة من الحزن عقب حادثة إطلاق نار في مدرسة بمدينة غراتس

النمسا تعيش حالة من الحزن عقب حادثة إطلاق نار في مدرسة بمدينة غراتس

تسعى السلطات النمساوية منذ صباح الخميس إلى رسم صورة شاملة للشاب الذي نفذ هجومًا دامياً في مدرسته الثانوية السابقة بمدينة غراتس، وأسفر عن مقتل عشرة أشخاص، بينهم تسعة طلاب ومعلم. ووسط تفاصيل متناثرة بدأت تظهر، تزداد التساؤلات حول كيفية اجتياز هذا الشاب للاختبار النفسي المطلوب قانونًا للحصول على رخصة حيازة السلاح.

من هو المنفذ؟

المشتبه به، البالغ من العمر 21 عامًا، لم يُكشف عن هويته التزامًا بقوانين الخصوصية في النمسا. ومع ذلك، فإن ما تم تداوله من معلومات رسمية وتقارير إعلامية محلية يُظهر أنه كان منطويًا، بلا أصدقاء يُذكرون، وولد في النمسا ويعيش مع والدته في منطقة كالسدورف، جنوب مطار غراتس. وقد أكدت الشرطة مداهمتها لمنزل والدته يوم الثلاثاء.

المهاجم فشل مرتين في التخرج من المدرسة التي عاد إليها صباح الثلاثاء، بعد عطلة نهاية أسبوع طويلة، ليبدأ هجومه المسلح مستخدمًا مسدسًا وبندقية صيد. وذكرت الشرطة أنه دخل المدرسة دون أن يلحظه أحد، وبدأ إطلاق النار عشوائيًا في الطابق الثالث.

عند مداهمة شقته، عثرت الشرطة على قنبلة أنبوبية غير صالحة للتفجير، وخطط لهجوم آخر لم يُكشف عن تفاصيله.

رد أمني سريع… وتساؤلات نفسية

رغم ندرة حوادث إطلاق النار في المدارس الأوروبية، فإن الطلاب والمعلمين في هذه المدرسة كانوا قد خضعوا لتدريبات مسبقة على خطط الإخلاء والتعامل مع الطوارئ. وقال نائب مدير المدرسة، نوربرت أورابل، في مقابلة تلفزيونية، إن العديد من المعلمين والطلبة تصرفوا بشكل صحيح، حيث أغلقوا الأبواب، واستخدموا الطاولات لبناء حواجز.

المعلم بول نيتشه، الذي كان متواجدًا أثناء الهجوم، أفاد بأنه رأى المهاجم يحاول اقتحام أحد الصفوف باستخدام البندقية.

وأشادت السلطات بسرعة استجابة الشرطة، إذ وصلت أولى الدوريات بعد ست دقائق فقط من تلقي البلاغ، وتبعها وصول أكثر من 50 عنصرًا من وحدة “كوبرا” الخاصة (نظير فرق التدخل السريع SWAT)، الذين اقتحموا المدرسة مباشرة.

وأكد قائد وحدة “كوبرا”، برنهارد ترايبنرايف، في تصريح تلفزيوني، أن الخطة الأمنية الجديدة ترتكز على التفاعل السريع مع الحوادث، وعدم انتظار الفرق الخاصة، ما دفع لتجهيز جميع أفراد الشرطة بخوذ وسترات واقية في سياراتهم تحسبًا لأي هجوم.

الصدمة والحزن يعمّان البلاد

شهد وسط مدينة غراتس مساء الأربعاء تجمعًا مهيبًا للحداد، حيث أُضيئت الشموع ووضعت الزهور تخليدًا لذكرى الضحايا. وحضر الرئيس النمساوي ألكسندر فان دير بيلين لتقديم العزاء، وشكر فرق الإنقاذ، متعهدًا بكشف كل ملابسات الحادث.

وقال الرئيس: “كيف يمكن أن يحدث هذا؟ كيف لشاب يبلغ من العمر 21 عامًا أن ينصّب نفسه حاكمًا للحياة والموت، ويقتل الأطفال والشباب دون تمييز؟”

وتواصل الشرطة تحقيقاتها، وسط تساؤلات حادة حول كيفية تجاوز المهاجم للتقييم النفسي الذي يعد شرطًا قانونيًا للحصول على ترخيص السلاح في البلاد.

وتبقى هذه المجزرة واحدة من أكثر حوادث العنف إيلامًا في تاريخ النمسا الحديث، لتفتح مجددًا النقاش حول قوانين حيازة الأسلحة، والرعاية النفسية للشباب.