السندات السعودية: ملجأ آمن في سوق الديون الناشئة

مع تزايد حذر المستثمرين العالميين تجاه أدوات الدين في الأسواق الناشئة، تبرز المملكة العربية السعودية كوجهة استثمارية مستقرة وجاذبة، مدعومةً بأسس مالية قوية ورؤية اقتصادية طموحة تسعى لتحقيق تحوّل شامل عبر رؤية السعودية 2030.
وتُبرز كارين خيرالله، رئيسة استراتيجية الاستثمار والبحوث لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في شركة “State Street Global Advisors” – إحدى كبرى شركات إدارة الأصول في العالم – القصة الاقتصادية السعودية بوصفها “استثنائية ومقنعة”. وتشير إلى أن المملكة تحتفظ بنسبة دين إلى الناتج المحلي الإجمالي عند مستوى منخفض نسبيًا بلغ 29.9% حتى ديسمبر 2024، مقارنة بالارتفاعات الحادة التي تعاني منها اقتصادات أخرى. ورغم خطط المملكة لزيادة الاقتراض لدعم مشروعات الرؤية، فإن النسبة ستبقى دون المعدلات العالمية.
هذا الانضباط المالي، كما توضح خيرالله، يُعزز موثوقية السعودية كمُصدر للسندات السيادية داخل الأسواق الناشئة، ويجعل أدواتها الاستثمارية محل اهتمام متزايد للمستثمرين الباحثين عن استقرار طويل الأمد. وبينما قد لا تكون وتيرة النمو السعودي مساوية لبعض الاقتصادات الناشئة، فإن المملكة مرشحة لتفوق أداء العديد من الدول المتقدمة خلال السنوات المقبلة، بفضل الإصلاحات الهيكلية وضخ الاستثمارات في القطاعات غير النفطية.
وسجل الاقتصاد السعودي نموًا بنسبة 3.4% على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2025، مدفوعًا بارتفاع قوي في القطاعات غير النفطية بنسبة 4.9%، والتي شكّلت رافعة أساسية لنمو الناتج المحلي الحقيقي.
وتُعد رؤية السعودية 2030 محفزًا رئيسيًا لتطوير سوق الدخل الثابت المحلي، بحسب خيرالله، التي أوضحت أن تمويل المشاريع الكبرى مثل نيوم يتم عبر توسيع إصدارات السندات والصكوك من قبل الحكومة وصندوق الاستثمارات العامة، بما في ذلك أدوات التمويل الأخضر. وأسهم هذا التوسع في ترسيخ منحنى عوائد أكثر نضجًا وتحسين آليات تسعير أدوات الدين بمختلف آجالها.
وشكل إدراج السندات السعودية المقومة بالدولار في مؤشر الأسواق الناشئة التابع لبنك “جي بي مورغان” عام 2019 نقطة تحول رئيسية، عكست تنامي ثقة المستثمرين العالميين ومهدت الطريق لسوق دين محلية أكثر عمقًا واستدامة.
وتستفيد السندات السعودية من تصنيفات ائتمانية قوية؛ فقد رفعت وكالة موديز تصنيف المملكة إلى A1 في نوفمبر 2024، في حين رفعت وكالة ستاندرد آند بورز تصنيفها إلى A+ في مارس 2025، ما يعكس المتانة المالية ونجاح السياسات الإصلاحية.
ورغم الاتجاه التصاعدي في الدين العام، تؤكد خيرالله أن الوضع لا يزال “تحت السيطرة”، مشيرة إلى أن الحفاظ على هذه القوة المالية مرهون بمواصلة تنويع مصادر الدخل وتعزيز الإيرادات غير النفطية. وشددت على أن استمرار التصنيفات الائتمانية المرتفعة يتطلب التزامًا طويل الأمد بالانضباط المالي وتنفيذ الإصلاحات المقررة بنجاح.