واين وول: الضابط الخفي الذي يوجه سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط

لم يكن اسم واين وول معروفاً خارج الأروقة الأمنية الأمريكية، حتى اختارته إدارة الرئيس دونالد ترمب مديراً لشؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي، لينتقل من الظل الاستخباراتي إلى واجهة صناعة القرار في أحد أعقد ملفات السياسة الخارجية الأميركية.
وول، الضابط المتقاعد، شغل اهتمام الدوائر الدبلوماسية والعسكرية معاً، وسط شح في المعلومات عنه وعن مواقفه السياسية، رغم أنه أمضى 23 عاماً في الجيش الأميركي، بينها 14 عاماً منخرطاً في شؤون الشرق الأوسط، متنقلاً بين القيادة المركزية “سنتكوم” ووكالة استخبارات الدفاع.
على عكس كثير من الضباط الذين اتجهوا إلى المراكز البحثية أو شركات الأمن الخاصة، فضّل وول البقاء في المؤسسات الرسمية. حصل على ماجستير من جامعة “جونز هوبكنز”، لكنه ظل في الخطوط الخلفية، يعمل بصمت على ملفات حساسة، من البرنامج النووي الإيراني إلى النزاع السوري وصعود الجماعات المسلحة في المنطقة.
هناك فجوة غامضة في سجله المهني، إذ تُشير بعض المواقع إلى عمله كملحق عسكري في الجزائر بين 2017 و2019، لكن لا توجد أدلة رسمية تؤكد ذلك. ورغم هذا الغموض، فإن خلفيته الاستخباراتية كانت على ما يبدو من أسباب اختياره للمنصب، بعد إبعاد إريك تراغر المعروف بتصريحاته المثيرة.
يحافظ وول على حضور متقشف في الفضاء العام؛ لا حسابات نشطة على مواقع التواصل، ولا مقالات أو تصريحات علنية، سوى اهتمام ملحوظ بسباقات الخيول، ومتابعة حسابات مرتبطة بالشرق الأوسط وأفريقيا، وبعض المراكز البحثية، بينها جهات ناقدة لإسرائيل.
جاء تعيينه في هدوء لافت، بلا بيان رسمي أو صور مع الرئيس، في خطوة تعكس ربما طبيعة الدور المنتظر منه: رجل يدير الملفات من الكواليس، يعتمد على جمع المعلومات والتحليل بدلاً من الظهور الإعلامي أو إطلاق التصريحات السياسية.
اختياره أثار تساؤلات في إسرائيل، إذ أعرب بعض المراقبين عن قلقهم من غموض خلفيته ومتابعته لمصادر تنتقد السياسات الإسرائيلية. في المقابل، ترى جهات أخرى أن خبرته العسكرية العميقة تجعله أكثر تفهماً لحساسية التوازنات الأمنية في المنطقة.
اليوم، يجلس وول في أحد مكاتب مجلس الأمن القومي المطلّة على الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض، محاطاً بشبكة علاقات داخل مؤسسات “الدولة العميقة”، ومزوداً بخبرة طويلة لم تختبرها العلن. لكن الشرق الأوسط، بتعقيداته المتفجرة، قد لا يمنحه رفاهية البقاء في الظل طويلاً.