صحيفة «الوسط»: أزمة جديدة تنتقل إلى برلين مع نتائج اللجنة الاستشارية.

صحيفة «الوسط»: أزمة جديدة تنتقل إلى برلين مع نتائج اللجنة الاستشارية.

وسط قلق يعيشه سكان مدينة طرابلس بسبب الفوضى الأمنية واحتمالات انفجار الوضع وتجدد الاقتتال في أي لحظة بين المجموعات المسلحة المتمركزة في العاصمة، يعود الملف الليبي إلى برلين في محاولة جديدة لبعث الروح في العملية السياسية لحل الأزمة الليبية بدعم من الشركاء الدوليين، فيما تتجوّل المبعوثة الأممية هانا تيتيه بين الفاعلين المحليين والأجانب لشرح أسباب عقد اجتماع برلين في 20 يونيو الجاري، بعد تقديم اللجنة الاستشارية مقترحاتها بشأن سبل الحل، بما في ذلك تشكيل حكومة جديدة وإجراء الانتخابات.

وبحضور نائبة رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا للشؤون السياسية ستيفاني خوري أطلعت تيتيه رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي على مستجدات التحضيرات المتعلقة بالاجتماع المرتقب للجنة المتابعة الدولية لعملية برلين في العاصمة الألمانية، وهنا أعرب الأخير عن تقديره «لأي جهود دولية منسقة تسهم في تهيئة بيئة داعمة لحوار ليبي مؤسسي جامع»، مشدداً على ضرورة أن «تستند أي تسوية إلى إرادة الليبيين وتوافقهم دون إملاءات خارجية».

وأبلغت الأمم المتحدة وزارة الخارجية الليبية بحكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» رسمياً بضرورة إيفاد ممثل عن الدولة لحضور الاجتماع، كما أطلعت رئيس حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» عبدالحميد الدبيبة على اجتماع لجنة المتابعة الدولية المقرر عقده على مستوى سفراء الدول المعنية بليبيا، وذلك بناء على دعوة من وزارة الخارجية الألمانية، وبالتنسيق مع بعثة الأمم المتحدة.

البعثة الأممية تستطلع آراء الليبيين
ودعّمت البعثة الأممية في ليبيا مسارها عبر إطلاق استطلاع رأي لجمع آراء الليبيات والليبيين حول المقترحات التي قدمتها اللجنة الاستشارية للدفع قُدماً ليبيا نحو الانتخابات. وقالت البعثة عبر صفحتها على «فيسبوك»، إن مشاركة الجميع وإبداء رأيهم سيسهم في صياغة حلول تُجسد أولويات وشواغل الليبيين من مختلف المناطق والخلفيات.

ويتوقع مراقبون الترتيب لوضع خارطة طريق مرحلية قد تدمج توصيات لجنة العشرين لتسهيل تشكيل السلطة التنفيذية الموحدة الذي أصبح ملحاً بسبب حالة الاحتقان المتصاعد في طرابلس والتنازع على الشرعيات ومناطق النفوذ، فقد طالبت البعثة الأممية، في نداءات متكررة، جميع الأطراف في العاصمة بتجنب الأعمال الاستفزازية والتصعيد، واللجوء إلى الحوار من خلال آلية الهدنة، في أعقاب تجدد تبادل إطلاق نار بين أفراد من قوة جهاز الردع التابع للمجلس الرئاسي، وقوة الأمن العام التابعة لوزارة الداخلية بحكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» في ميدان القادسية لساعات قبل أن تهدأ بعد تدخل قوات فض الاشتباكات.

وعلى الرغم من إعلان المجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة عن خطط لإنهاء مظاهر التسلح في العاصمة لم تتحقق من هذا الإعلان أي خطوة واضحة على أرض الواقع، بينما لا تغيب تساؤلات أخرى بعد أن أصدر رئيس المجلس الرئاسي، مساء الأربعاء، قراراً رسمياً يقضي بحظر جميع المظاهر المسلحة داخل العاصمة، في خطوة تهدف إلى تعزيز الاستقرار الأمني وفرض هيبة الدولة.

المنفي يحظر جميع المظاهر المسلحة في طرابلس
ونص قرار المنفي على منع تحرك الألوية والتشكيلات العسكرية داخل المدينة «تحت أي ذريعة كانت»، مؤكداً أن ضبط الأمن وفرض النظام سيكونان من اختصاص مديرية أمن طرابلس والشرطة العسكرية فقط.

وبدأ المنفي في اتخاذ إجراءات أكثر صرامة للحد من الانفلات الأمني، وقد عقد الاجتماع الأول من نوعه في طرابلس مع «اللجنة الموقتة للترتيبات الأمنية والعسكرية» المُشكّلة بقرار رئاسي.

ولم يجر تحديد جدول زمني لتنفيذ مهام اللجنة التي أعلنت ـ بحسب بيان صادر عن المجلس الرئاسي ـ أنها ستواصل انعقادها بشكل متواصل حتى تحقيق أهدافها المتمثلة في انسحاب القوات والتشكيلات المسلحة كافة من العاصمة، والوصول إلى توافقات أمنية شاملة، ووضع خطة تنفيذية واضحة.

– في الاجتماع الأول للجنة الأمنية.. المنفي يؤكد ضرورة إخلاء طرابلس من المظاهر المسلحة كافة
– تيتيه تطلع المنفي على تحضيرات الجارية لاجتماع برلين حول ليبيا
– رغم نفي «القيادة العامة».. الولاية الشمالية السودانية تتوعد بالرد
– للاطلاع على العدد «499» من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

وتزامناً مع ذلك، أعلن مكتب النائب العام تحريك دعوى جنائية ضد عدد من عناصر جهازي الأمن المركزي ودعم الاستقرار، إلى جانب وحدات أمنية مرتبطة بهما، بعد الانتهاء من التحقيقات في 121 واقعة، ضمن اختصاص لجنة التحقيق المعنية بالانتهاكات. وقد أثبتت التحقيقات وقوع جرائم قتل وتعذيب وخطف واحتجاز تعسفي ثبتت مسؤولية 141 متهماً عن وقوعها، وصدرت بحقهم مذكرات اعتقال، في حين جرى تجديد أوامر توقيف سابقة بحق آخرين لا يزالون مطلوبين للتحقيق منذ سنوات.

توترات حدودية مع السودان
وفي سياق الفوضى الأمنية الناجمة عن حالة الانقسام التي تعيشها البلاد، تشهد منطقة الحدود الليبية مع السودان حالة من السخونة عبرت عنها اتهامات من جانب سلطات بورتسودان بتدخل قوات «القيادة العامة» في الحرب الدائرة في الجارة الجنوبية لليبيا، وعقب اتهام الجيش السوداني لـ«قوات الدعم السريع» ومجموعة عسكرية ليبية بمهاجمة نقاط حدودية تابعة للجيش في المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا.

وأعلن الجيش السوداني، الأربعاء، أن قواته أخلت هذا المثلث في إطار «ترتيبات دفاعية»، كما اتهمت وزارة الخارجية السودانية قوة تابعة لـ«القيادة العامة» فيما وصفته «اعتداء سافر على سيادة السودان، وتهديد خطير للأمن الإقليمي والدولي»، لكن «القيادة العامة» في الرجمة نفت ذلك في بيان قالت فيه إن دورياتها الحدودية «تعرّضت لاعتداء من قوات سودانية خلال تأمينها الجانب الليبي من الحدود»، وإن هذه القوات «كررت اعتداءاتها على الحدود الليبية، ونعالج الوضع بهدوء».

وأضاف البيان «لم نكن يوماً مصدر تهديد للجيران، بل نحرص على استقرار وضبط الحدود.. وأن ليبيا باتت من أشد المتضررين من النزاع الكارثي المستمر في السودان»، في حين أكدت حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» أن المجموعة المسلحة المتهمة بالمشاركة في أعمال عسكرية على الحدود مع السودان «لا تتبع وزارة الدفاع الليبية»، وفق بيان لها بالخصوص.

وتعد منطقة المثلث الحدودي بين السودان وليبيا ومصر غنية بالموارد الطبيعية مثل النفط والغاز والمعادن، وتعد نقطة استراتيجية تجارية بصفتها معبراً اقتصادياً يربط بين 3 دول، وجسراً لوجيستياً بين شمال وشرق أفريقيا.