«عائلة سيمبسون»: ثلاثة عقود من الفوضى الأبدية دون أن تتقدم في العمر

إذا كان العالم يتغير، فإن أفراد عائلة «سيمبسون» لا يتغيرون. فبعد مرور 36 عاماً على انطلاق مسلسل الرسوم المتحركة الأميركي الشهير، لا يزال مبتكروه «مخلصين لشخصياتهم» التي أصبحت «مألوفة» لملايين المشاهدين حول العالم.
وقال مبتكر المسلسل مات غرونينغ، ومستشاره الإنتاجي ومخرجه التاريخي ديفيد سيلفرمان، وكاتبه ومنتجه مات سلمان، في مقابلة مع وكالة فرانس برس خلال مشاركتهم في مهرجان آنسي الدولي لأفلام الرسوم المتحركة في فرنسا، إن كثيرين «لا يزالون يجدون أنفسهم في عائلة سيمبسون التي تمثّل الأسرة الأميركية العادية»، وفقا لوكالة «فرانس برس».
وأجمع صنّاع العمل، الذي سيحتفل بحلقته الـ800 مطلع العام 2026، على أنه أصبح عابراً للأجيال، من عبارة «دا!» الشهيرة لهومر سيمبسون، إلى شعر زوجته مارج الأزرق.
ولاحظ مات سلمان أن «أباً كان في صغره من المعجبين بالمسلسل، يمكنه الآن أن يشاهده مع أبنائه»، مشيراً إلى أن أولى الحلقات عُرضت في الولايات المتحدة العام 1989.
– «ديزني» في هونغ كونغ تحجب حلقة من «سيمبسونز» لهذا السبب
– «عائلة سيمبسون» لن يستعين بممثلين بيض لأداء أصوات شخصياته الملونة
– مبتكر «عائلة سيمبسون» يقدم مسلسلًا جديدًا على «نتفليكس»
وتُرجم هذا المسلسل منذ ذلك الحين إلى 26 لغة مختلفة، وبُث في نحو مئة دولة، مستمدّاً قصصه الغريبة من الحكايات الشخصية لكُتّاب السيناريو، ومن جوانب العبث في العالم.
عائلة لا تكبر
وأوضح مات غرونينغ أن عائلة هومر، العامل غير الكفء في محطة طاقة نووية، ومارج، ربة المنزل ذات الصوت الأجش، «لم تكن يوماً عصرية». وأضاف: «كانوا في الأساس عابرين للأزمنة» منذ العام 1989.
أما أطفالهم، بارت المشاغب (10 سنوات)، وليسا الفتاة المثالية الموهوبة، وماغي الطفلة الصامتة التي تُصاب أحياناً بنوبات عنف، فلا يتقدّمون في السن، مثلهم مثل باقي سكان مدينة سبرينغفيلد الخيالية متوسطة الحجم.
وتمنح هذه الحرية السردية الكُتّاب القدرة على إبقاء الأطفال صغاراً و«فعل ما يحلو لهم» في كل حلقة، التي تُصوّر دائماً كفيلم قصير مستقل. وهذا ما يجعل هذه الشخصيات الصفراء خالدة، رغم تراجع أعداد المشاهدين من 13.4 مليوناً في الموسم الأول العام 1990، إلى 1.99 مليون مشاهد في الموسم الخامس والثلاثين (2023-2024).
على الشاشة الكبيرة، حقق فيلم «ذا سيمبسونز» المقتبس عن المسلسل (2007) نجاحاً باهراً، بإيرادات تجاوزت 536.4 مليون دولار.
وقال مات غرونينغ مازحاً: «ما زلنا نتعافى من نجاح الفيلم»، مستبعداً إنتاج جزء ثانٍ حالياً. وأضاف: «الحقيقة المحزنة أننا لا نملك الوقت الكافي لإنتاج المسلسل والفيلم معاً».
أكثر من تنبؤات
عالج فيلم 2007 كارثة بيئية تسبب بها هومر، ما أدى إلى عزل سبرينغفيلد تحت قبة زجاجية، وهو مثال على أحد المواضيع المتكررة في المسلسل: البيئة، التي يراها غرونينغ «مصدر إلهام لا ينضب، لأنها لن تُنقّى قريباً».
وأوضح أن المسلسل لا يركّز على الفكاهة السياسية «لأنها محدودة وتفقد صلاحيتها بسرعة»، مشيراً إلى أن إنتاج الموسم الواحد يتطلب من ستة إلى تسعة أشهر، أي بعيد جداً عن إيقاع وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال مات سلمان: «علينا ببساطة أن نكون مخلصين لشخصياتنا، لروحهم، لعلاقاتهم. وعندما يواجهون حزن العالم، يشعر الناس بالارتباط بهم ولو لفترة قصيرة».
وقد اشتهر المسلسل بتنبؤات بدت وكأنها تحققت لاحقاً، كفوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة، وهو ما ورد في إحدى حلقاته عام 2000. لكن مبتكري العمل ينفون قدرة المسلسل على التنبؤ، ويؤكدون أنها مجرد تلميحات لسيناريوهات ممكنة.
ويواصل المسلسل، المعروض على شبكة «فوكس» ومنصة «ديزني بلاس»، السخرية من العالم بأسلوبه الخاص. ومؤخراً، استخدم الكُتّاب الذكاء الصناعي لابتكار «النهاية المثالية لعائلة سيمبسون». وكانت النتيجة، بحسب مات سلمان، «سلسلة من الكليشيهات والنهايات المكرّرة التي تفتقر إلى الفرادة، وشديدة الغباء».
وقال ساخراً: «كانت هذه محاولتنا لتأخير الذكاء الصناعي.. وتأجيل نهاية المسلسل». وأضاف: «أفراد عائلة سيمبسون لا يتغيرون.. وهم ليسوا مستعدين لمغادرة الشاشات».